لبنان و«اليوم التالي»
دموع الفرح بعد تسجيل السودان أول فوز لهم في كأس الأمم الأفريقية منذ عام 2012! وفاة مدرب فريق سيدات فالنسيا وأطفاله في حادث قارب بإندونيسيا كارولين ليفيت تصبح أول متحدثة باسم البيت الأبيض تعلن حملها أثناء تولي المنصب وفاة الممثلة الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو مؤسسة أشهر منظمات الرفق بالحيوان الاتحاد الأوروبي يدعو لاحترام وحدة وسيادة جمهورية الصومال بعد إعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم أرض الصومال ئيس الوزراء الصومالي يدين إعلان رئيس والزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة تفاقُم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة مع غرق مئات من خيام النازحين وسط اشتداد تأثير المنخفض الجوي وفاة المخرج والممثل عمر بيومي تاركاً خلفه إرثاً فنياً ممتداً في عالم السينما المصرية مجلس الأمن الدولي يعقد إجتماعاً عاجلاً لمناقشة اعتراف إسرائيل بـ "أرض الصومال" مرسيدس-بنز تدفع 102 مليون يورو لإنهاء نزاع انبعاثات الديزل في أمريكا
أخر الأخبار

لبنان... و«اليوم التالي»

المغرب اليوم -

لبنان و«اليوم التالي»

غسان شربل
بقلم - غسان شربل

شاءتِ المهنةُ أن أكونَ في دمشقَ يوم اغتيالِ الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005. راودني خلالَ الليل شعورٌ بأنَّ زلزالاً عنيفاً ضربَ العلاقات اللبنانية - السورية. وزمن الزلازلِ يحتاج إلى حكماء لا إلى أقوياء. في طريق العودة في اليوم التالي، توقَّفت في بلدة شتورة لتناول فنجان قهوةٍ مع صديق. استوقفني كلامُه، قال: «بعض ممارسات المخابراتِ السورية مزعجة، وأنا لست من مؤيدي وجودهم الدائم، لكنَّني لا أخفي عليك أنَّني أخاف من انسحابِهم بسبب معرفتي باللبنانيين وانقساماتهم».

عدت إلى بيروتَ وكانت تغلي. شعرتْ غالبيةُ اللبنانيين أنَّ العمودَ الفقري قد انكسر. خرجت أصواتٌ كثيرة غاضبة تطالب بانسحاب القوات السورية وتحمّلُها مسؤوليةَ اغتيال الحريري. كانتِ الأيام عنيفةً ومقلقة. غلبني الفضولُ الصحافي فدخلت في آخر ذلك الشَّهر مكتبَ الرئيس بشار الأسد. لم يكنِ الحديث للنشر. سألت الأسدَ إن كانت قوات بلادِه ستنسحب من لبنان، فردّ مشيراً إلى رأي لدى العسكريين يعتبر أنَّ وجودها في شريط داخل البقاع اللبناني يسهّل الدفاعَ عن دمشق في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي. استفسرت عن القرار الذي سيتخذُه في حال تصاعد الضغوط الدولية عليه لسحب قواتِه، فردّ بأنَّه سيصدر أمرَ الانسحاب إلى الحدود الدولية.

كانَ الأسد قاطعاً في قوله أنْ لا علاقة لسوريا باغتيال الحريري. قلت له: لماذا الجزم إلى هذا الحدّ، ولماذا لا تترك على الأقل احتمالاً أنَّ جهازاً غريباً اخترق أجهزتكم لتنفيذ الاغتيال؟ فرد قائلاً: «نحن دولة وليست لدينا دكاكين من هذا النوع. لا علاقة لنا، وستُظهر لك الأيام ذلك». سألته أيضاً عن لقائه القصير والأخير مع الحريري وأشياءَ أخرى، ولا مكان لذلك في هذا السياق.

في مرحلة الوجود العسكري السوري في لبنان كان مركز المخابرات السوريةِ في عنجر البقاعية صانعَ الأحكام والأختام والأحجام. ترك انسحاب «المرشد» السوري فراغاً هائلاً لم تنجحِ القوى السياسية اللبنانية في ملئِه تحت خيار الدولة وسقف اتفاق الطائف. وتعمّق الانقسام حين أشارت أجهزة الأمن اللبنانية إلى ملامح تورط عناصر من «حزب الله» في اغتيال الحريري. وتدافعتِ الأحداث وأدَّت حرب 2006 إلى ترسيخ موقع لبنان في حلف الممانعة الذي تقوده إيران. ضاعت فرصةُ العودة إلى الدولة، وتكرّس لبنان ساحةً لصراعات إقليمية أكبر منه.

يتعرّض لبنان حالياً لعدوان إسرائيلي مدمّر ينذر استمرارُه بتحوّله نكبةً للبلد الصغير. شطبت آلة القتلِ الإسرائيلية قرى كاملةً من الخريطة، وأنزلت ببيئة «حزب الله» خسائرَ هائلة. وحظيَ انطلاق هذا العدوان بتعاطف أو تفهّم غربي بذريعة أن «حزب الله» اختار أصلاً الذهاب إلى الحرب عبر إعلان «جبهة الإسناد» غداة انطلاق «طوفان الأقصى». واضح أنَّ الحزب كان يأمل بتبادلٍ محدود للضربات تحت ما سُمي «قواعد الاشتباك». لم تكنِ الحسابات دقيقةً، خصوصاً حين تم الإصرار على «وحدة الساحات» رغم تمكّن بنيامين نتنياهو من تحويل الحرب «حرباً وجودية» تستحق، في نظره، تحمّل خسائرَ بشرية واقتصادية كانت إسرائيل سابقاً تحرص على تفاديها.

لم يستجب لبنانُ باكراً لنصائح المبعوث الأميركي آموس هوكستين. استجاب بعد وقوع الفأس في الرأس. خسائر هائلة في بلد يقف على شفير هاوية أعمق. لا دواء لدى هوكستين غير القرار الأممي 1701 الذي وُلد من حرب 2006. قرار انتهكته إسرائيلُ باستمرار، وتولّى «حزب الله» تجويفه، خصوصاً بعدما تحوّل «قوة إقليمية» ترسل مقاتلين ومستشارين إلى خرائطَ قريبة وبعيدة. هل كان لبنان ليواجه المأساة الحالية لو تمَّ تطبيق القرار منذ صدوره؟ هذا السؤال تخطاه الوقت ولا بدَّ من تطبيق القرار الآن في البلاد التي تتقلَّب على الجمر وسط بحر من الركام. أحياناً لا بدَّ للمريض من تناول الدواء المرّ لتفادي ما هو أدهَى، أي تفكّك لبنان وضياعه.

الخروج الحقيقي من الحرب الحالية وأكلافِها الباهظة يضع القوى اللبنانيةَ أمام مسؤولية تاريخية، بعيداً عن سياسات الإنكار وعدم استخلاص الدروس أو التشفي وتعميق الجروح. لا بدَّ من تطبيق القرار 1701 كاملاً لاستعادة ثقة المجتمع الدولي، وتشجيعه على الانخراط في عملية إعادة الإعمار. وهذا يعني طيّ صفحةِ لبنان كساحةٍ، وبدءَ رحلة العودة إلى لبنانَ الدولة الطبيعية. ومفتاح العودة إلى الدولة هو تطبيق اتفاق الطائف من دون التشاطر على نصه وروحه والالتفاف عليهما. لا بدَّ من قراءةٍ عميقة في أهوال الحرب وسبل الخروج منها وضمان عدم تكرارها.

التطبيق الجدي للقرار 1701 يُدخل تعديلاً كبيراً على دور «حزب الله» الإقليمي. وعلى حضور إيران على خط التماس مع إسرائيل في جنوب لبنان. هذا يعني عملياً خروج لبنان من «وحدة الساحات» التي يحاول العراق حالياً تفادي الانخراط في الشق العسكري منها. هذا التغيير ليس بسيطاً، لكن لا بدَّ منه كي يستطيعَ اللبنانيون اللقاء مجدداً تحت سقف الدولة والقانون.

استحقاقات «اليوم التالي» لوقف النار في لبنان ليست بسيطة، لكن القوى السياسية على اختلافها مدعوة للارتفاع إلى مستوى التحدي. لا بدَّ من إعادة ترميم الجسورِ بين اللبنانيين رغم مراراتِ السنوات السابقة. لا بدَّ من الاعتراف المتبادل وتفهّم الهواجس والعودة إلى سياسات تناسب طبيعة لبنان. لا قهر ولا ثأر ولا تحجيم مكونات ولا تهميش مكونات. لا يحق للبنانيين إضاعة اليوم التالي لوقف النار، كما أضاعوا اليوم التالي في مناسبات كثيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان و«اليوم التالي» لبنان و«اليوم التالي»



GMT 12:05 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

ما هذا يا دكتور أشرف؟!

GMT 17:51 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 17:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 17:45 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 17:43 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 17:41 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 17:37 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 17:33 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:04 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال
المغرب اليوم - الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال

GMT 08:12 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

اشتباك مسلح بين الأمن ودواعش غرب تركيا وإصابة سبعة شرطيين
المغرب اليوم - اشتباك مسلح بين الأمن ودواعش غرب تركيا وإصابة سبعة شرطيين

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 14:51 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

شادية

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 20:26 2016 السبت ,15 تشرين الأول / أكتوبر

هل التقدم في السن يمنع تعلم أشياء جديدة؟

GMT 21:44 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

العطور وتفاعلها مع الزمن

GMT 12:02 2018 الخميس ,24 أيار / مايو

"سواروفسكي" تطرح مجوهرات خاصة بشهر رمضان

GMT 06:08 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

ألماس فريدة من نوعها للمرأة الاستثنائية من "ليفيف"

GMT 16:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الكشف عن تفاصيل تعاقد بنشرقي مع الهلال السعودي

GMT 02:18 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

نادين نسيب نجيم تُعلن حقيقة المشاركة في مسلسل "الهيبة"

GMT 02:37 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

الحواصلي يؤكد استعداد حسنية أغادير للبقاء في المقدمة

GMT 03:28 2017 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

أمل كلوني تدعو الدول إلى ضرورة محاكمة "داعش"

GMT 09:03 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فكري سعيد بتأهل خنيفرة إلى ربع نهاية كاس العرش
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib