الخروج عن «الكتالوج» لا يعنى تحطيم الوقار الجامعى

الخروج عن «الكتالوج» لا يعنى تحطيم الوقار الجامعى!

المغرب اليوم -

الخروج عن «الكتالوج» لا يعنى تحطيم الوقار الجامعى

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هل معنى أن طالبًا غنى ورقص وسط ترحيب وتصفيق من زملائه ورضا من قطاع من الأساتذة، والبعض منهم كان يصفق على الإيقاع، والوثيقة لا تكذب، هل يعنى ذلك تحطيم القواعد الجامعية، وأن يصبح الاستثناء قاعدة؟ لماذا أصبحنا أسرى هذه القراءة المتعجلة؟، نمسك العصا بكل عنف لكل من نتصور أنه عصى، إنها مجرد لمحة مرحة فعلها طالب واحد فقط بينما الآخرون التزموا عندتسلم الشهادة بالقواعد الصارمة.

حظى هذا الفيديو بكثافة مشاهدة، والبعض قال إن من فعلها كان يبحث عن (تريند)، رغم أن سر انتشار الفيديو أنه جاء عفويًا، ولم يقصد أبدًا (تريند).

يقولون ويكررون المقولة الشهيرة (لكل مقام مقال) علينا أن نذكِّرهم أيضًا بأن لكل قاعدة هامشًا من الاستثناء، وفى العديد من المقامات، وجدنا مقالات تخرج عن القاعدة والسياق وتخترق (الكتالوج)، والناس تتعامل معها ببساطة، وبلا أى قدر من التنمر.

ينتشر على النت مقاطع متعددة للعديد من الشخصيات والتى بطبيعة منصبها وتكوينها تفرض عليها الكثير من الصرامة، إلا أنها حطمت عامدة متعمدة هذا الإطار الرسمى.

مثلًا جمال عبدالناصر والبابا شنودة، الرئيس عبدالناصر فى عدد من خطاباته تكتشف أنه يلقى طرفة يضحك لها الجميع ويبادلهم الرئيس الضحك، مثل النكتة التى أطلقها على حسن الهضيبى مرشد الإخوان الأسبق فى الخمسينيات مع بداية الثورة عندما طلب منه إصدار أمر بتحجيب النساء فى مصر، لم يتعرض الرئيس للحلال والحرام فى ارتداء الحجاب ولكنه قال (هو عنده ابنته طالبة فى كلية الطب ومش عارف يحجبها عايزنى أنا ألبس الطرح لعشرين مليون سيدة)، كان تعداد المصريين وقتها ٤٠ مليونًا، نصفهم قطعًا نساء، ولم يكن عبدالناصر يستخدم تعبير الحجاب ولكن (طرحة)، وجاء الرد من الصالة (يلبسها هو يا ريس)، وضحك الجميع وأولهم جمال عبدالناصر، وفى أغنية (قولنا ح نبنى السد العالى) كتب الشاعر أحمد شفيق كامل (ضربة كانت من معلم)، وكلمة معلم تحمل فى الضمير الجمعى عددًا من الصفات لا تليق برئيس الجمهورية، إلا أنه بعد أن غنى حليم هذا المقطع أخذ عبدالناصر يضحك.

وفى حوار له وهو يتحدث عن الأزمة الاقتصادية قال إنه لا يستطيع أن يطلب من والده حسين عبدالناصر أن يقرضه أموالًا (ح يقول لى معنديش) أو وهو يقول ردًّا على من يتحدثون عن الغلاء (إن من يمشى فى حى الحسين سيعتقد بسبب انتشار رائحة الشواء أن المصريين لا يأكلون إلا كباب وكفتة).

البابا شنودة داخل الكنيسة وفى العظة الأسبوعية كثيرًا ما يلقى نكات على الصعايدة وهو أساسًا صعيدى، ويقول ضاحكًا (أنا زمان كنت صعيدى واتعالجت)، وفى طقس دينى لترسيم أحد الأشخاص بينما هو أصلع وأمسك البابا بالمقص يبحث عن خصلة شعر دون جدوى، ولم يترك الأمر ينتهى عند هذا الحد، وأضاف (غلطتك عشان اتأخرت فى الرسامة حتى قصها لك الزمن)، وفى النهاية قال له مواصلًا الضحك (احرص على ما تبقى).

هل نال ذلك من وقار البابا أو قدسية الكنيسة عند كل المصريين وليس فقط المسيحيين؟!.

كتبت قبل أيام «بوست» مدافعًا عن حق الطالب فى إعلان فرحته بطريقته، البعض اعتبرها تحطيمًا للقواعد، وعدد من أصدقائى مراعاة للحساسية، اكتفوا بتوجيه اعتراض على الخاص، يخشون أن تتحول إلى قاعدة وبعضهم اعتبروها، وكما تعودنا، توابع زلزال «مدرسة المشاغبين» التى كانت ولا تزال وستظل عند البعض هى المصدر الرئيسى لفساد التعليم فى مصر منذ أكثر من نصف قرن ونحن نردد ذلك، ولم يسأل أحد منا ما الذى فعلناه لازدهار التعليم فى بلادنا.

ألا نشعر جميعًا بحالة التزمت التى ملأت حياتنا وسكنت بكل عنف الجامعة؟!، فى زماننا داخل الحرم الجامعى كان من الممكن أن ترتدى الفتاة فستانًا. الآن صار يعتبر فضيحة للطالبة وأهلها، تناسينا أن السيدة الصحفية أمينة السعيدة فى الثلاثينيات من القرن الماضى وهى طالبة فى الجامعة ارتدت (شورت وفانلة وكاب)، ولعبت تنس ونشرت الصورة وتقبلها المجتمع.

حالة التزمت والانصياع وراء ما أصبح (كتالوج)- صار هو ما يحركنا الآن وأغلبنا صار يبحث عن الشكل.

أين النشاط الفنى بكل أطيافه فى المدارس والجامعات؟.

قبل بضعة أسابيع كنت محكِّمًا فى إحدى الجامعات لمشروعات الطلبة واستمعت إلى زغرودة أطلقتها طالبة بعد الثناء على أحد المشروعات، تدخل الأستاذ ونهرها وطلبت الكلمة واعتبرت هذا نوعًا من التعبير المشروع عن الفرحة، وذكرت لهم أن المخرجة اللبنانية نادين لبكى فعلتها فى قاعة لوميير بمهرجان (كان) بعد إعلان فوزها بجائزة لجنة التحكيم عن فيلمها (كفر ناحوم) قبل ٦ سنوات.

أتذكر طالبة من الجنوب قبل أشهر قليلة نالها أيضًا هذا القدر من الهجوم بعد أن غنت معبرة عن فرحتها باللهجة النوبية على مسرح الجامعة، وفتحنا عليها النيران.

أنا متفهم قطعًا إحساس الغاضبين، أنتم تخشون أن تتحول إلى قاعدة، بينما ما تابعناه يدخل فى إطار رد فعل، لحالة نراها ونتابعها من التزمت الشكلى، أرى الطلبة وهم يحاولون سرقة الفرحة من هذا الزمن الضنين، بينما أغلبنا بداخله يتمنى الفرحة ولكننا نقدم للمجتمع ما اصطلح على اعتباره هو الإطار الرسمى والصحيح، وصار الخروج على هذا النمط الصارم عند البعض خروجًا على الآداب والفارق شاسع!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخروج عن «الكتالوج» لا يعنى تحطيم الوقار الجامعى الخروج عن «الكتالوج» لا يعنى تحطيم الوقار الجامعى



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib