واحد سيمفونية واتنين كونشيرتو «وصلّحه»

واحد سيمفونية واتنين كونشيرتو «وصلّحه»!

المغرب اليوم -

واحد سيمفونية واتنين كونشيرتو «وصلّحه»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

يقولون إن التجربة قد نجحت وقدموا السيمفونية العاشرة لـبيتهوفن، التي لم يكتب منها في حياته سوى بعض مقاطع «اسكتشات»، لم تكن حتى مكتملة، ولكنها أقرب للشخبطة، قابلة للتعديل والحذف والإضافة.
مجموعة من العلماء بينهم أستاذ علم الحاسوب المصري د. أحمد الجمال، قرروا من دون استئذان بيتهوفن - الذي رحل عن عالمنا قبل قرنين - أن يكملوا ما حال القدر دون اكتماله، ولم يكتفوا بهذا القدر، بل أكدوا بالنيابة عنه أنه كان سيسعد بتلك الإضافة.
الحكاية لها قَطْعاً محاولات سابقة متعددة تبدأ بأن تغذي عقل «الروبوت» بكل مفردات بيتهوفن الموسيقية من السيمفونية والسوناتا والكونشيرتو، وأيضاً بكل ما قدمه معاصروه، حتى يكتشف كل الفروق، وبعدها يبدأ الإبداع متدفقاً، ونجد أمامنا عشرات بل ربما مئات من الأعمال التي توصف بالكلاسيكية.
من الناحية العقلية التي يتعامل بها الذكاء الصناعي، الأمر يبدو منطقياً جداً، مثلاً كان هناك تشكيك في عدد من أعمال وليم شكسبير نسبوها لعدد من معاصريه، وأخضعوها قبل عشرين عاماً للحاسوب فأثبت أنها كلها «جينياً» من بنات أفكاره، لأنها تنتمي لعالمه الخاص والتركيبات الشاعرية من المستحيل أن يبدعها غيره، وهكذا نال بعد أكثر من ثلاثة قرون، البراءة من الاتهام بالسرقة الأدبية.
كما ترى، نحن بصدد أعمال فنية كاملة، يتم اختبارها، حسبة يغلب عليها المنطق العقلي، ولكن هل يستطيع «الروبوت» تقديم جزء ثانٍ مثلاً من «هاملت» أو «عطيل» أو «ماكبث»؟ الأمر هنا قطعاً يختلف، فهو يحمل إضافة ممكنة بقدرات العقل، إلا أنها بعيدة تماماً عن قدرات الوجدان.
هل تتذكرون فرقة أم كلثوم الموسيقية؟ دقِّق النظر، لن تجد أبداً «نوتة» يقرأ منها العازفون الذين يقدمون إبداعهم بعد عشرات المرات من البروفات، وفي النهاية لا يخطئون قَطْعاً في اللحن، بيد أن هناك مساحة من الهامش الجمالي تأتي مباشرةً بعد هضم ومعايشة الجملة الموسيقية، يبدعها العازف لأنه اللمسة الجمالية التي تتجاوز حدود «النوتة»، ولا يمكن تقنينها بإطار علمي.
في زمن أم كلثوم ظهر ما يُعرف بـ«التراك»، حيث يؤدي مثلاً عازف ماهر على الكمان اللحن الأساسي، ويتم استخدام نفس الصوت عدة مرات لتبدو «الكمان» الواحدة كأنها عشراً، إلا أنها كانت تفتقر لحرارة اللقاء المباشر، ولهذا لم تلجأ إليها أبداً أم كلثوم.
شاهدنا الكثير من إنجازات «الروبوت» في العمليات الدقيقة، ويُجري الكثير من الجراحات بدلاً من الطبيب، هل مثلاً تختفي براعة السير مجدي يعقوب جراح القلوب الأشهر في العالم، وببساطة نجد بديلاً آمناً له عن طريق الجراح الصناعي؟ لا أتصور أبداً أن الأمر يحدث بمثل هذه البساطة.
بعض الطقوس الكنسية في عدد من دول العالم، توفيراً للنفقات، استبدلوا بالكاهن في الجنازة وعقد القران الروبوت، وتمت بنجاح لأن الكلمات هي الكلمات، لكن تخيل لو أن عقد قران يؤديه بابا الفاتيكان «فرنسيس»، فلا يمكن قطعا استبداله.
شاهد حفلات هولوغرام أم كلثوم وفريد وعبد الحليم وطلال مداح وغيرهم... أكيد تفرق كثيراً، ولا يمكن أن تُصبح بديلاً عن الواقع.
«الروبوت» عقل يتجاوز قدرات العقل البشري، ولكن يظل الإبداع منطقة أخرى عصيّة على الاستنساخ. شيء ناقص في هذه المعادلة مستحيل إيجاد بديل له، هل رأيتم وجداناً صناعياً؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واحد سيمفونية واتنين كونشيرتو «وصلّحه» واحد سيمفونية واتنين كونشيرتو «وصلّحه»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib