عائشة لا تستطيع الطيران

(عائشة لا تستطيع الطيران)!

المغرب اليوم -

عائشة لا تستطيع الطيران

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

برغم سعادتى بإصرار المخرج مراد مصطفى على أن يتنفس فنيًا، ويعثر على معادلات إنتاجية تحقق له الحضور، إلا أننى لم أتحمس لفيلم (عائشة لا تستطيع الطيران) كتجربة فنية، فخور بالمخرج الشاب وهو يناضل من أجل أن يتواجد فيلمه على خريطة المهرجانات العالمية، رأيته واقفًا على خشبة مسرح (دى بوسيه)، مشيدًا بصناعة السينما فى (المحروسة)، تعلم الأبجديات من كواليسها، عشق المهنة بمشاركته كمساعد فى العديد من الأعمال المصرية. ما صنع حائلًا بينى والشريط السينمائى زيادة جرعة العنف الدموية بل والتقزز، تتجاوز المنطق الذى بنى عليه المخرج حلمه، لست ضد تقديم الفساد، المجتمع القوى، هو الذى لا يخشى إظهار سلبياته، (عائشة)، الفتاة السودانية المهاجرة للقاهرة، طارت إلى أقرب عاصمة لقلب أهلنا فى السودان، عاشت فى حى عشوائى، يملك مقدرات الناس فيه بلطجى، يحدد إتاوات على كل من يقطن فيه، إنه السيد المطاع، وتتناثر بين الحين والآخر المعارك، تستخدم أسلحة وذخيرة حية من الصعب حتى على الأجهزة الرسمية امتلاكها، يضع فى الشارع ما يمكن أن يتجسد فيه (كرسى العرش)، الذى يحكم ويتحكم من خلاله على رعاياه.

عائشة تعمل بالتمريض عن مكتب، زبائنه من الكبار الذين بحاجة لمن يساعدهم، الكل يستغل ضعفها وحاجتها.

أصيب جسدها ببثور تزداد شراسة، وعلى الجانب الآخر تزداد هى ضعفًا.

طارت مرة واحدة إلى القاهرة وبعدها فقدت جناحيها، ولا تستطيع العودة لوطنها، ولا الهجرة إلى أوروبا، ويبقى أمامها حل وحيد، أن تواصل الحياة، حتى لو كان هو طريق الموت.

رأيت مشاهد شديدة الوطأة، هامش من الخيال العنيف والدموى، وكأننا بصدد فيلم (رعب)، نرى الدنيا من خلال عيون عائشة، التى تتنفس فى كل لحظة الخوف.

الشخصيات السلبية تسيطر على الشاشة، أنا أرفض مبدأ التوازن الدرامى، أى أنك تزرع شخصيات بيضاء لتواجه السوداء، إلا أن الشريط يشعرنى بحالة انتقائية.

علينا أن نتعود على فتح الأبواب، لكل الأنماط، انتهى زمن (المحبس) العمومى، لم يعد من حق أحد الإمساك بـ(المحبس).

قال مراد مصطفى إنه متوجد هنا يقصد مهرجان (كان)، لأنه ابن للسينما المصرية، فى هذا التوقيت الذى تتناثر فيه الضربات الموجهة للسينما وللفن عمومًا، وكأنه هو المذنب رقم واحد، بينما المجرم الحقيقى هو المسؤول الذى تقاعس عن أداء واجبه، يصبح علينا الدفاع عن حق كل فنان أن يرى جمهور بلده مشروعه الفنى.

الإنتاج شارك فيه أكثر من جهة عربية وأجنبية، وهى قاعدة يجب أن نستوعبها، تعدد الجهات المانحة، يضع العمل الفنى رهن أكثر من توجه فكرى وسياسى، من يدفع لديه وجهة نظر فى الفكرة، وفى أسلوب السرد الدرامى والبصرى، على الجانب الآخر، تزداد قناعتى بأن المخرج يظل هو صاحب الرأى الأعلى فى الاختيار، فهو أيضًا يختار جهة الإنتاج بقدر ما تختاره.

يجب أن نسمح بهامش من الحرية فى الاختلاف، وفى تقبل النوع، ولا يعنى التقبل بالمناسبة هو الرضا.

مراد لديه حلمه السينمائى الخاص، وهو رصد الأقليات، فى العالم تتناثر قضايا وأفكار هنا وهناك تدفع المخرج لتقديم نوع، ترحب به المهرجانات، إلا أنه ينبغى أن ينطوى على رؤية عميقة داخل المبدع، المخرج جزء من الحياة ومن حقه اختيار (الكادر) الذى يحلو له فى الحياة!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عائشة لا تستطيع الطيران عائشة لا تستطيع الطيران



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح

GMT 12:05 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ميسي يعلن أنه لن يلعب لأي فريق أخر في أوروبا

GMT 13:40 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

الرجاء يخوض منافسات كأس الكاف بقميص جديد

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الوردي والذهبي مع الباستيل آخر صيحات موضة 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib