الإبداع لا يقبل القسمة على اثنين

الإبداع لا يقبل القسمة على اثنين!

المغرب اليوم -

الإبداع لا يقبل القسمة على اثنين

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

فى حياتنا الغنائية تجارب قليلة جدًا شارك فيها ملحنان معًا فى تقديم عمل فنى واحد، غالبا الرحيل المفاجئ هو السر.

بليغ حمدى مثلًا عند رحيل فريد الأطرش نهاية عام ١٩٧٤، أكمل لحنه (كلمة عتاب) الذى أعده فى البداية لأم كلثوم ولكنها كالعادة تهربت فى اللحظات الأخيرة، وبدأ التفكير فى إسناده إلى وردة، وسجله فريد بصوته، ولم يكن قد وضع المقدمة الموسيقية، فقرر بليغ أن يوجه تحية إلى روح فريد فأخذ مقتطفات من أشهر الجمل اللحنية التى ارتبطت بفريد ونسجها فى خيط واحد وصارت هى المقدمة، ليصبح اللحن كله خالصًا لفريد.

عند رحيل الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ١٩٩١، كان لديه لحن لم يكتمل قصيدة فاروق جويدة (فى عينيك عنوانى) غناء سمية القيصر، أكملها الموجى مستلهمًا إحساس أستاذه عبدالوهاب، لم تحقق أى من الأغنية أو القصيدة نجاحًا جماهيريا، ولكن دخلتا التاريخ لأن كلا منهما جمعت بين عملاقين، كان من المستحيل لولا تلك الظروف الاستثنائية أن يلتقيا.

كان هناك مشروع فنى أيضا من المنتظر أن يجمع بين كمال الطويل وبليغ حمدى ووردة، وللتوثيق، كان بليغ من أكثر الموسيقيين تقديرًا لإنجاز الطويل، بينما الطويل دائم الدفاع عن بليغ، عندما انفرد تقريبًا بالتلحين لحليم، منذ مطلع الستينيات ولم يسلم وقتها من غضب الموجى، الذى كان دائم الهجوم على تلك الألحان التى يراها تغتال مشروع عبدالحليم الغنائى، انضم أيضًا للغاضبين سيد مكاوى رغم أنه لم يسبق له التلحين لحليم، إلا أنه كثيرًا ما سخر من تلك الجملة اللحنية (ومنين نجيب الصبر/ يا أهل الله يداوينا/ اللى اكتوى بالحب قبلينا/ يقول لينا)، هذا المقطع الشهير كتبه الشاعر محمد حمزة فى (حاول تفتكرنى)، وبرغم أن ذائقتى الفنية تميل أكثر لمرحلة زمنية أسبق لعبدالحليم وأذنى ترتاح لسماع أغنيات الطويل والموجى وعبدالوهاب ومنير مراد مع عبدالحليم، ولكنى لا أنكر أن موسيقى بليغ منحت حليم دائرة جماهيرية عريضة.

كان الطويل قد أو قف تعاونه مع حليم بعد أغنية (بلاش العتاب) ١٩٦٧، فى فيلم (معبودة الجماهير)، بل إنه قرر ألا يكمل اللحن واقترح عليه أن يسند تلحين (اللزم) الموسيقية إلى بليغ حمدى أو رؤوف ذهنى، والمدهش أن عبدالحليم انحاز للترشيح الثانى.

وحتى لا يضيف أحد أحداثًا تنتهك الحقيقة، فإن الطويل قبل التسجيل استمع إلى إضافات رؤوف ذهنى وأعجب بها فنيًا، إلا أنه وجدها تجرح النسيج اللحنى، وحصل رؤوف على أجره كاملًا، وأعاد الطويل تلحين (اللزم)، ليصبح اللحن خالصا للطويل.

كان الطويل قد قرر الاكتفاء فقط بتلحين الأغنيات الوطنية لحليم، لأنه استشعر أنه- أقصد حليم- كان يلعب دور الزعيم، يقود ويوجه الفرقة الموسيقية حتى أثناء البروفات، وحذره أكثر من مرة، إلا أنه كررها، مثلما كان يفعل مع أستاذه محمد عبدالوهاب وكل من الموجى وبليغ فى العديد من البروفات التى نسمع فيها صوت حليم وهو يوجه الفرقة فى حضور الملحن!!.

كان الطويل يرى أن بليغ يراهن على توظيف شعبية صوت عبدالحليم ويخلق له دائرة جماهيرية مترامية الأطراف، بليغ لم يشترط أن يحتكر صوت حليم ولا حتى صوت وردة، ورحب بأن يتألق على صوتها كبار الملحنين، وكتب بالفعل أغنية باسم حركى (ابن النيل) وطلب من الطويل التلحين، وكان الطويل قبلها لحن لوردة (بكرة يا حبيبى) كلمات عبدالرحيم منصور، واحدة من أكثر الأغنيات خصوصية على خريطة وردة، إلا أن الطويل تراجع فى اللحظات الأخيرة لإحساسه كما قال لى، أن بليغ وهو يضع الكلمات لا شعوريًا يضع أيضًا خياله الموسيقى، وهو لا يريد أن يحدث تناقضًا بين رؤيته ورؤية بليغ، إلا أن جمع بين الطويل وعمار الشريعى فى مسلسل (هو وهى) العديد من الألحان المشتركة أشهرها (خالى البيه) و(يا تيجب لى شوكلاته)، إلا أنه لا الطويل ولا الشريعى كان من الممكن أن يكرر التجربة مع الآخر أو حتى مع آخرين، خاصة بعد أن منح عمار بدون علم الطويل اللحنين لفاطمة عيد انتقامًا من سعاد حسنى، وهذه تستحق وقفة أخرى!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبداع لا يقبل القسمة على اثنين الإبداع لا يقبل القسمة على اثنين



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib