ما بعد الصدمة

ما بعد الصدمة

المغرب اليوم -

ما بعد الصدمة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

تمنيت أن أكتب هذا المقال منذ انفجار ردود الأفعال حول قضية الطفل ياسين، كنت أقرأ آراء متطرفة من زملاء وأساتذة أعزاء، مسلمين وأقباطا، أطلوا على الجريمة بإطار طائفى بحت، رغم أنها ليست لها علاقة بالدين.. الغريب أن عددا منهم دورهم هو إخماد نيران الطائفية، وجدتهم يشعلونها.

كلما شرعت فى الكتابة خشيت أن اتهم بما أنا أحذر منه، حتى قرأت أمس مقال (الصدمة) للكاتبة الكبيرة كريمة كمال.

كتبت كريمة بالضبط ما تمنيت أن أوقع عليه اسمى، القضية فى أولى مراحلها، وما تابعناه بالإدانة هو حكم محكمة أول درجة، ولا تزال هناك مراحل عديدة فى التقاضى، ومن الممكن أن ينتهى الأمر إلى البراءة.

إلا أن (الصدمة) ليست أبدا فى البراءة أو الإدانة، هذا النوع من الانحراف من الممكن أن يمارسه أب مع أقرب الناس إليه حتى (ابنته)، فهو ينتهك كل المحرمات.

ما استوقفنى هو تلك الإطلالة التى امتزجت بالطائفية عند قسط وافر من المثقفين والإعلاميين. وهو ما يدفعنى للتفكير فيما هو (بعد الصدمة).. على الدولة إدراك أن هناك مشاعر طائفية تحت الرماد، صورة عناق الشيخ بالقسيس لا تكفى، علينا أن نملك القدرة على مناقشة قضايانا بعيدا عن الخوف من تحفظ وتحفز المجتمع.

الدراما يجب أن تلعب دورها وأن يُفتح لها الباب. فى منتصف التسعينيات، تنبه وحيد حامد للخطر وقدم مسلسل (العائلة) الذى ترددت الرقابة فى الموافقة عليه، لولا حماس وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، كان وحيد والمخرج إسماعيل عبد الحافظ قد رشحا فى البداية يحيى الفخرانى، إلا أنه اعتذر، بينما محمود مرسى، وبمجرد أن باح له وحيد بالفكرة، تعاقد قبل أن يقرأ.. الأزهر الشريف تدخل وطلب تقديم مشاهد مباشرة فى الدفاع عن الإسلام، كما أنهم اعترضوا على تشكيك المسلسل فى حديث (عذاب القبر)، ورغم ذلك ما تبقى هو أن الدراما دخلت المعركة.

فى فيلم (حسن ومرقص) ٢٠٠٨ ليوسف معاطى ورامى إمام، عرض عادل السيناريو مباشرة على البابا شنودة، ووافق البابا على التصوير، طلب فقط تغيير شخصية مرقص من كاهن فى الكنيسة إلى أستاذ فى علم اللاهوت.

رغم أننى لا أرتاح إلى تقديم أى عمل فنى للأزهر أو للكنيسة، إلا أن عادل أراد أن يضمن تسامح الأقباط مع الشريط السينمائى بما لدى البابا من حب وكاريزما.

هناك قطعا حساسية فى تقديم مثل هذه القضايا على الشاشة، إلا أن الحساسية لا يمكن أن تصبح مبررا لكى نعرض الأعمال مباشرة على الجهات الدينية، أو نقف بعيدا عن الشاطئ، إيثارا للسلامة.

أعلم أن الأمر عمليا أصعب مما نتصوره، حدث مثلا فى فيلم (فيلم هندى) ٢٠٠٣ تأليف هانى فوزى وإخراج منير راضى، أن عددا من النجوم اعتذروا عن عدم أداء دور (صمويل) بسبب الاسم، وعدد منهم وجد أن الأفضل هو الابتعاد عن القضية الشائكة، وقال لى وقتها المخرج الراحل منير راضى إنه يفكر فى أن يكتب على (التترات) كنوع من التهكم أسماء النجوم المعتذرين، وكان أول المرشحين للبطولة محمد هنيدى وعلاء ولى الدين، وتعددت بعدها الاعتذارات، وأسندت البطولة كمحطة أخيرة إلى أحمد آدم وصلاح عبدالله.

تعبير (فيلم هندى) كان يحمل سخرية بهذا العنوان التهكمى على العلاقة بين المسلم والقبطى، ولا يكفى أن ينتهى الموقف وكالعادة بشعار «عاش الهلال مع الصليب».. فى انتظار عمل يناقش دراميا (ما بعد الصدمة)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الصدمة ما بعد الصدمة



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib