صنع الله إبراهيم واللعب مع النظام

صنع الله إبراهيم واللعب مع النظام!

المغرب اليوم -

صنع الله إبراهيم واللعب مع النظام

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

كثيرا ما تستخدم السلطة فى نظام مبارك سلاح الجزرة والعصا، إذا لم تفلح العصا، فإن الجزرة كفيلة بتحقيق الانتصار النهائى، هذا هو الطريق إلى (الحظيرة) التى يفتحونها، من أجل تدجين المثقفين، لم يكتف صنع الله إبراهيم، بأن يرفض الجزرة ويواجه ضربات العصا، فلقد أمضى ٦ سنوات فى سجون عبدالناصر، منذ نهاية الخمسينيات بتهمة الانضمام للتنظيم اليسارى (حدتو).

صنع الله ذهب فى علاقته بالسلطة إلى ذروة التحدى، عندما قرر أن يمسك كلما واتته الفرصة بالعصا، ويلهب بها ظهر السلطة.

هكذا تحتفظ له الذاكرة عام ٢٠٠٣ بهذا المشهد فى المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، كانت هناك لعبة بين اثنين من الدهاة دكتور جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة والأديب صنع الله إبراهيم، عندما تم ترشيحه لجائزة الرواية العربية (النسخة الثانية)، من خلال لجنة برئاسة الطيب صالح الأديب السودانى الكبير، الجائزة مقدارها ١٠٠ ألف جنيه يتجاوز الرقم بمقياس هذا الأيام ٥ ملايين جنيه، كان صنع الله قد عرف بفوزه كما ذكر دكتور جابر من خلال الأديب السودانى الكبير الطيب صالح مبدع رواية (موسم الهجرة للشمال).

ولأن أهل مكة أدرى بشعابها، فإن دكتور جابر كان مكلفًا بالتواصل مع صنع الله، الذى أكد له أن الجائزة وسام على صدره، وهكذا اطمأن الجميع أن كل التفاصيل تحت السيطرة.

بينما كان صنع الله بذكاء فى نيته (اللعب مع الكبار) ولديه أسبابه السياسية، فهو ضد نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك رافضًا كبت الحريات واستمرار العلاقات مع إسرائيل.

كان صنع الله مدركًا أنه لو اعتذر عن الجائزة فى اتصال تليفونى مفندا تلك الأسباب، فلن يذكر أحد ذلك، بل ربما كذبوا أساسًا ترشحه للجائزة، وستمنح على الفور لغيره، ملحوظة بعد إعلان صنع الله رفضه للجائزة، تقدم العديد من الأدباء المرموقين لوزير الثقافة فاروق حسنى مطالبين بمنحهم الجائزة، كان رأى الوزير هو ضرورة إغلاق الصفحة تمامًا، لن أذكر أسماء الكتاب الكبار الذين عرضوا خدماتهم على الدولة، فليست تلك هى القضية.

المشهد على المسرح الصغير درامى من الطراز الأول، صنع الله يأخذ الميكروفون، معلنًا رفضه الجائزة، بينما فاروق حسنى بما يمتلكه من ثبات انفعالى يلتقط الميكروفون، ويؤكد أن الدولة التى يتهمها بكبت الرأى هى نفسها التى سيسلمه وزيرها الجائزة، أى أنها لا تتخذ موقفًا من مبدع بسبب آرائه السياسية، آراء صنع الله قبل الجائزة معلنة ومتداولة ولم تحمل أى مهادنة النظام.

أتصور أن الطيب صالح، لم يتح لجابر عصفور تلك الفرصة، عندما تواصل مباشرة مع صنع الله، فكان ينبغى التعامل مع الأمر الواقع، وهكذا تلاعب صنع الله بجابر عصفور.

تلقى صنع الله عقابًا مباشرًا بمنع استضافته فى الإعلام الرسمى، وعندما أراد نور الشريف عام ٢٠٠٧ بطولة مسرحية مأخوذة عن روايته (اللجنة) من إخراج منير مراد إنتاج مسرح الدولة جاءت أوامر عليا بإيقاف البروفات، العرض تم إلغاؤه، قبل الافتتاح مباشرة.

فى عام ٢٠١١ أنتج جابى خورى قصة (ذات) فى مسلسل إخراج كاملة أبوذكرى وبطولة نيللى كريم، المسلسل عرض فى رمضان ٢٠١٢ ولا يزال يحتفظ بمكانته بين أفضل أعمالنا الدرامية. القصة التى نسجها صنع الله تروى تاريخنا مع ثورة ٥٢ من خلال البطلة (ذات)، ميلادها مع الثورة، هذا هو مفتاح صنع الله المزج بين توثيق التاريخ وتحليله اجتماعيًا. صنع الله لم ينتظر يومًا الجزرة ولم ترهبه العصا، بل التقطها من سلطة مبارك و(فين يوجعك)!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صنع الله إبراهيم واللعب مع النظام صنع الله إبراهيم واللعب مع النظام



GMT 23:14 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة فاشلة؟

GMT 23:11 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 23:09 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«أبو لولو»... والمناجم

GMT 23:07 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ونصيحة الوزير العُماني

GMT 23:05 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سراب الوقت والتوأم اللبناني ــ الغزي

GMT 23:00 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا يكره السلفيون الفراعنة؟!

GMT 22:56 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الحرية تُطل من «ست الدنيا»!

GMT 22:54 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من القصر إلى الشارع!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 09:44 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة
المغرب اليوم - ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 09:26 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

"الجاكيت القطني" الخيار الأمثل لربيع وصيف 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib