سليمان عيد أطل من ثقب إبرة

سليمان عيد... أطل من ثقب إبرة

المغرب اليوم -

سليمان عيد أطل من ثقب إبرة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

وكأننا اكتشفنا فجأة أن بيننا فناناً موهوباً، له كل تلك المساحة في قلوبنا، هل ينبغي أن يرحل من نحبّهم حتى نعيد مجدداً، رسم ملامحهم، ومنحهم المكانة اللائقة بهم؟

كنت أتابع سليمان عيد في أدواره المحدودة كمساحة، إلا أنها كانت تترك قدراً لا ينكر من البهجة، لا تغادرنا، وكلما تذكرناها ضبطنا أنفسنا مجدداً مستغرقين في «القهقهة».

في شهر رمضان الماضي كان موجوداً بقوة على «اليوتيوب»، عدد لا بأس به من البرامج حرص على استضافته، لتحقيق كثافة مشاهدة، تعليقاته التلقائية كانت تحقق «الترند»، واستعاد الناس عدداً من مشاهده القديمة، لتزداد جرعة الضحك.

كل من عرف سليمان من الجيل التالي له، أتحدث عن فناني الكوميديا تحديداً، كانوا يحملون في قلوبهم اعتزازاً بمواقفه معهم، وترشيحهم لعدد من المخرجين، بل تكتشف أن نجوم مسرح مصر، الذين قدمهم للساحة أشرف عبد الباقي، وامتدت عروضهم خارج الحدود، وبخاصة في «موسم الرياض»، يؤكدون في كل أحاديثهم، أنه هو الذي حرص على أن يتولى تسويقهم، ودعا أشرف ليشاهدهم ليبدأ معهم أول خيط النجومية.

سليمان ينتمي لفريق من الفنانين الذين حددوا خطواتهم، منذ اللحظة الأولى، وغالباً من دون تفكير مسبق، قرروا ألا يبيعوا للجمهور شعارات زاعقة وهتافات «حنجورية» هم أول من يعرف كذبها، فلم يقل يوماً إنه يريد شيئاً أبعد من مجرد الضحك.

سليمان لم يحلم أن يصبح فناناً، وحتى التحاقه بالجامعة، لم تكن له أي علاقة بالمسرح والسينما، بالمصادفة عندما دخل المسرح الجامعي، استشعر الحب من الطلة الأولى، ولم يكتفِ بهذا القدر، بل بمجرد أن أنهى دراسته في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

لم يخطط لشيء، لم يقل مثلاً في هذا العام سوف أرفض الأدوار الصغيرة، حتى تعرف شركات الإنتاج ويعرف المخرجون أنني أستحق أدواراً رئيسية، ترك كل شيء يتحرك من دون إرادة منه، يقبل أي دور، حتى يسدد التزاماته الشخصية.

قبل أن يبدأ مشواره الفني كان يعمل من أجل أن ينفق على نفسه وعائلته، واشتغل في المرحلة الثانوية، حامل حقائب في أحد الفنادق، منتظراً «البقشيش»، ولم يخجل أبداً من ذكر تلك الحقيقة، اشتغل أيضاً عاملاً في أحد محلات بيع الأطعمة، وكان منوطاً به أن يحمل البضاعة من الدكان للمخزن، وقال إنه بسبب شعوره بالجوع، كان بين الحين والآخر يلتهم بعض قضمات من البضاعة، قبل أن يودعها المخزن.

تصالح مع نفسه ومع هامش الأخطاء التي ارتكبها، ولم يجد مبرراً لإخفائها، فهو يثق أن رصيده من الحب يسمح.

الوسط الفني من البديهي أن يشعر بصدمة الرحيل، الدائرة اتسعت لتشمل الجمهور.

سليمان كان يفتح قلبه وذراعيه للحياة، ولم يخطط للزمن، ترك الزمن هو الذي يحدد معالم الطريق.

قبل نحو عام حقق من دون تخطيط، مشاهدات مليونية لم يسعَ إليها، «دويتو» مع كريم محمود عبد العزيز على «تيك توك»، ولم يكن هو صاحب الخيط الأول، ولكنها فكرة قرر كريم تنفيذها، ووقع اختياره على سليمان، أغنية أو مشهد درامي من الأرشيف تتم إعادته، وحقق رواجاً استثنائياً، عاشه سليمان في أيامه الأخيرة على هذه الأرض.

يوم وداعه كنا جميعاً شهود عيان على كل هذا الحب، موهبة سليمان عيد مثل شعاع خاطف مهما ضاقت المساحة، فهو قادر على النفاذ إلى قلوبنا، ولو من ثقب إبرة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سليمان عيد أطل من ثقب إبرة سليمان عيد أطل من ثقب إبرة



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:17 2025 الخميس ,10 إبريل / نيسان

آرسنال يحسم مصير كارلو أنشيلوتي مع ريال مدريد

GMT 14:25 2025 الخميس ,10 إبريل / نيسان

أتلتيكو مدريد يمدد شراكته مع نايكي حتى عام 2035

GMT 22:51 2025 الجمعة ,21 آذار/ مارس

"غوغل" تقاضي شبكة محتالين بسبب "خرائط غوغل"

GMT 18:22 2025 الخميس ,20 آذار/ مارس

"الأسود" يشدون الرحال إلى مدينة وجدة

GMT 16:24 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

الجيش الملكي يواجه بيراميدز في ربع النهائي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib