براءة الأطفال في عينيه

براءة الأطفال في عينيه

المغرب اليوم -

براءة الأطفال في عينيه

طارق الشناوي
طارق الشناوي

سألوا رئيسة لجنة التحكيم في إحدي المهرجانات السينمائية: ماذا لو كان فيلم المخرج رومان بولانسكي مستحقاً جائزة الأفضل، هل تمنحينها له رغم ملاحقته القانونية بجريمة اغتصاب قاصر واعترافه؟

أجابت: نعم أمنحه الجائزة طالما تفوق فنياً، ولكني لن أسلم عليه أو أصفق له، وبالفعل حصل بولانسكي على جائزة أفضل فيلم، إلا أنه لم يحضر المهرجان، يبدو أنه آثر السلامة وتجنب كل هذه التداعيات، كان مدركاً أن في انتظاره غضباً جماهيرياً عارماً، من منظمات حقوق الإنسان التي كثيراً ما حالت دون تكريمه في كثير من المظاهرات، حيث كانت المظاهرات تحيط قصر المهرجان وترفع لافتات تندد بمجيئه.

يقولون سمي الإنسان إنساناً لأنه ينسى، مثل شعبي مصري، يعتمد على مقاربة خاطئة لغوياً، إلا أن دلالته صحيحة، تؤكد أن النسيان لصيق بالإنسان.

هكذا شاهد الجمهور العربي الفنان الشهير يطل عليهم مجدداً وهو يؤكد أنه لم يرتكب خطأ قانونياً أو حتى أخلاقياً، القانون له أكثر من زاوية قراءة، تتيح للبعض التحرك بضوء أخضر يمنع أي ملاحقة قانونية، ويبقى في المعادلة الجزء الأهم وهم الناس، هل يقلبون بسهولة الصفحة، مهما كانت بشاعة الجريمة؟ كما أن الخط الفاصل بين الحرية الشخصية، وحق المجتمع، كانت ولا تزال جديرة بالتأمل.

أنا مع حرية الفنان في ممارسة الإبداع حتى لو أدين في قضية أو ارتكب جريمة أخلاقية، ولكن الحفاوة وخلط الأوراق حكاية أخرى.

شاهدت كثيراً من الأساتذة الذين تجمعهم منظمات ترفع شعار المساواة وحماية حقوق الإنسان والدفاع عن المرأة، بينما الجريمة التي شاهدها الناس تنتهك كل ذلك، جاءوا فرادى وجماعات للمؤازرة والتعضيد، رغم أنهم شاهدوا أكثر من ضحية كان مصيرهن السجن، باتهام ارتكاب أفعال فاضحة، هن مذنبات نعم، يستحققن العقوبة نعم، إلا أنهن أيضاً في الوقت نفسه ضحايا، الكل يعلم أن حلم الشهرة يسيطر على جزء لا بأس به من البشر خصوصاً في مقتبل العمر، وكم من فتاة تعتقد أنها لو حصلت على فرصتها ووقفت بطلة أمام الكاميرا سوف تقتنص في دقائق الجماهيرية، وهكذا عندما تتم الغواية بإلقاء طُعم اسمه الشهرة، من الممكن أن يستجيب البعض، أكرر؛ أنا لا ألتمس العذر لأحد عندما يضعف أمام الإغراء، سواء كان مادياً أم معنوياً، ولكن يجب أن نضع في المعادلة أن هناك من لعب دوراً رئيسياً في دفعهن للغواية؟

كم شاهدنا وتابعنا كثيراً من الجرائم التي لا يجرمها مباشرة القانون، ولكن للقلوب دائماً قواعد أخرى وتحكمها معايير مختلفة. الأصدقاء التفوا حوله، هذا هو الانطباع الأول، جاءوا للترحيب بصديق غائب، لن يدينوه ليس هذا هو المطلوب، فهو منهم وإليهم، ما الذي من الممكن أن يصل إلى البعض بعد رؤية هذا المشهد سوى أنهم لا يلقون بالاً لأي حقوق كثيراً ما دافعوا عنها في المؤتمرات والندوات وأمام الشاشات؟!

الحكاية أراها ملتبسة بين كل الأطراف، المجتمع نفسه في حيرة، هل يرحب بمن شاهده ينتهك أعراض فتيات، المجتمع أدانهن وأيضاً القانون، وواحدة منهن هددت علناً بالانتحار، بينما الطرف الآخر يتمتع بح ريته كاملة، ويلقى كل ترحيب وتعضيد، هل توجد جريمة بلا عقاب؟ ظني أن العقاب سيلاحق المذنب، مهما أحاطوه بالحفاوة ومنحوه صك البطولة، ورسموا على وجهه براءة الأطفال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

براءة الأطفال في عينيه براءة الأطفال في عينيه



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib