سياسة القفزة قفزة

سياسة القفزة قفزة

المغرب اليوم -

سياسة القفزة قفزة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

كنت أريد أن أكتب عن العلاقات الثقافية والفنية الضاربة في الجذور بين مصر والسعودية، مستشهداً بالصداقة التي جمعت بين سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والشاعر الأمير عبد الله الفيصل، غنت له كوكب الشرق رائعتيه «ثورة الشك» و«من أجل عينيك»، حتى أنه أوصى ورثته بأن يسمحوا لها بأن تنهل ما تشاء من دواوينه، إلا أنه عاش بعدها أكثر من ثلاثين عاماً. هل العلاقات المصرية السعودية تحتاج إلى ذكر أمثلة؟ الإجابة القاطعة أن كل المواقف السابقة واللاحقة شاهدة عليها.

ما أريد التوقف عنده، ما نراه من إنجاز فني وثقافي وترفيهي بالسعودية يتحرك بقفزات متلاحقة.
يرى كُثر أن البناء الصحيح يتطلب أن تضع حجراً فوق حجر، بتمهل وتأنٍ، قطعاً الدقة مطلوبة، ولكن لو كانت لديك القدرة على الحركة السريعة دون أن تحدث خللاً في المنظومة، فلماذا تتبع سياسة «الخطوة خطوة»؟ الشيء المعلن دوماً أن الناس لن تتقبل التغيير الجذري بسهولة، إلا أن ما حدث على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية، وتحديداً في الاتجاهات الثلاثة؛ الثقافة والفن والترفيه، كان عبارة عن قفزات بمعدلات غير مسبوقة، قبل أن تلتقط أنفاسك في الأولى تلاحقك الثانية، وهكذا تتعدد النجاحات القائمة في الواقع على قراءة صائبة للإنسان السعودي، المتعطش دوماً إلى الإبداع، وأيضاً إلى هؤلاء الذين يجيدون القراءة الصحيحة للمشاعر التي تتحين الفرصة للتعبير.
كانت تلك هي قراءة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في كل الملفات المتعلقة بالدولة، سأكتفي بجناحي التغيير اللذين يحلقان لأعلى من خلال وزارة الثقافة، التي يتولاها الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وهيئة الترفيه، التي يقودها المستشار تركي آل الشيخ (أبو ناصر).
حالة من النشاط المتلاحق، «مهرجان البحر الأحمر» أنجز بنجاح دورته الثانية نهاية العام الماضي، وبدأ الاستعداد للثالثة - يوجد بجناح كله نشاط وحيوية في المهرجانات الكبرى مثل «كان» و«فينيسيا» و«برلين» - السينما السعودية أصبحت لديها مساحة دائمة في كل المهرجانات العربية، استطاع «البحر الأحمر» بإدارة المنتج السعودي محمد التركي في غضون عامين أن يلفت إليه أنظار العالم، ووجد مع الناس في الشارع، وقفت الرقابة السعودية داعمة لهذا الهامش من المرونة في تقبل الآراء والثقافات المختلفة، كما أن البعد العربي لم يغِب أبداً عن الفعاليات التي تضمنت تكريمات وأيضاً ترميماً لعدد من الأفلام.
المناخ داخل المملكة جاذب لرؤوس الأموال، لتشارك في بناء دور العرض لتصبح السعودية هي المحطة الرئيسية في الشرق الأوسط، لاستقبال الأفلام الكبرى في العالم، وهناك أيضاً المهرجان الوطني للأفلام السعودية برئاسة الفنان أحمد الملا، الذي يساهم بقسط وافر، في تطوير الصناعة من خلال دعم الأفكار الجريئة، التي تحلق بعيداً عن الصندوق.
ويبقى الحديث عن هيئة الترفيه وطموحاتها المتعددة التي لا تعرف التوقف عند ذروة، بل في لحظات تكتشف أن الذروة صارت سفحاً تولد منه ذروة أخرى، كان آخر ما شاهدته بالرياض هو حفل تكريم الفنان الكبير طلال مداح، الذي ظل رافعاً اسم الفن الخليجي والسعودي حتى اللحظة الأخيرة، لاقى وجه ربه وهو يغني على المسرح، قدمت عنه أمسية لا تنسى حملت اسم «صوت الأرض».
تتبنى هيئة الترفيه تأسيس حالة إبداعية، من نشاط غنائي ومسرحي وسينمائي، لا يعرف التقاط الأنفاس، لا يراهن فقط على كبار النجوم، ولكن هناك دائماً مساحة للشباب، يقلب في صفحات الماضي المشرقة، ويضيف إليها صفحات جديدة لا تقل عنها إشراقاً.
الإبداع لا ينتعش إذا لم يكن هناك من يقف على الشاطئ الآخر ينتظر بلهفة وشغف وإعجاب.
ما تحقق على أرض الواقع هو قراءة عميقة لرغبات الناس، تعانقت مع إيقاع الجمهور، بات الكل يترقب، وعلى الموجة نفسها، ومن قفزة إلى قفزة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة القفزة قفزة سياسة القفزة قفزة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:31 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 03:22 2016 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيما ستون تنطلق في فستان أزرق مزخرف ولامع

GMT 02:24 2014 الأربعاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

التطريز اليدوي الفريد يمنحك قطعة ملابس لا تتكرر

GMT 02:01 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فادية عبد الغني تؤكد أن تجسيد شخصية "بديعة مصابني" أرهقها

GMT 06:35 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

"مشاغبات مثقف ثوري" كتاب جديد لعبد الخالق فاروق

GMT 05:32 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

حقيقة انفصال الأمير هاري عن حبيبته ميغان ماركل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib