صرخة موسيقار «سره الباتع»

صرخة موسيقار «سره الباتع»

المغرب اليوم -

صرخة موسيقار «سره الباتع»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

عندما لا يملك المظلوم سوى الصراخ من الألم، فلا يمكن أن نلومه، علينا أن ننصت إلى صراخه، ونحاول تضميد جراحه، وهكذا استيقظنا قبل يومين على الغضب العارم الذي باح به الموسيقار راجح داود، بعد اكتشافه أنه يتم الاعتداء على إبداعه في مسلسل «سره الباتع».

الموسيقى التصويرية ليست شيئاً إضافياً للعمل الفني، بل هي تولد معه في نسيج واحد، ظلت الموسيقى مصاحبة للشريط السينمائي منذ اختراع السينما في العالم، قبل حتى أن تتعلم النطق.
في زمن السينما الصامتة منذ نهاية القرن التاسع عشر 1895 وحتى عام 1927 مع بداية الأفلام الناطقة، كانت دور العرض تستعين بفرقة موسيقية داخل دار السينما، لمتابعة الشريط المعروض بالتعبير الموسيقي، عن المواقف المتباينة في الدراما سواء الحب أو الخوف أو الكره، لغة الموسيقى قادرة على الوصول مباشرة للوجدان، وهكذا ارتبط فن السينما الوليد بالموسيقى، وظل كذلك في مختلف الوسائط الفنية، وهكذا صار لدينا موسيقيون متخصصون في إيجاد المعادل المسموع للرؤية البصرية.
في عالمنا العربي تابعنا العديد من هؤلاء المبدعين، وواحد من أهم هؤلاء الموسيقار راجح داود، الذي ارتبط برصيد كبير من الأفلام والمسلسلات الهامة في العقود الثلاثة الأخيرة، ومن بينها أفلام «الكيت كات» و«أرض الخوف» و«بحب السيما» وغيرها.
أعلن راجح على «فيسبوك» غضبه بسبب ما اعتبره انتهاكاً لحقوقه الأدبية والقانونية، اكتشف راجح أن مخرج المسلسل خالد يوسف يستعين بمقاطع قديمة له قدمها مع نفس المخرج في فيلم «الريس عمر حرب»، الذي عرض قبل نحو 15 عاماً، التقط بعض المدققين عدداً منها ووجدوا تطابقاً بين العملين، وامتلأت بها «السوشيال ميديا» وتلقى راجح انتقاداً قاسياً من الجمهور، بأنه يكرر نفسه ويسطو على نفسه، ناعتين إياه بأنه أفلس، ولم يعد لديه ما يضيفه.
حاول راجح أن يثني المخرج عن ذلك، ولكنه لم يتوقف، بحجة أنها لا تعد سرقة، فهو يأخذ من عمل إبداعي منسوب له كمخرج ولراجح كواضع موسيقى تصويرية، ولم تتوقف الاتهامات عند حدود أنه يعيد تدوير دفاتره القديمة، حتى اكتشف أنه تتم الاستعانة بموسيقى أخرى ليست له، مما يعد سرقة فنية صريحة، وهو ما دفعه لإعلان موقفه وتبرئة ساحته، فهو ليس فاعلاً للسرقة ولكنه مفعول به.
البعض سارع باتهامه أنه يوجه دائرة الاهتمام إلى خلاف شخصي مع المخرج بعيداً عن العمل الفني، مما يؤثر بالسلب على المسلسل.
من يعرف داود يدرك أنه بطبيعة تكوينه الشخصي مبتعد تماماً عن «الميديا» ويضع دائماً إبداعه بعيداً عن مرمى الإعلام، إلا أنه هذه المرة كان في حالة دفاع شرعي عن النفس، فهو أول من يتلقى الاتهامات بالإفلاس والسرقة، ولأن العمل الفني أمام الرأي العام فكان ينبغي أن يقدم أيضاً دفاعه للرأي العام.
ومع الزمن سوف تطرح قضايا مماثلة عن أحقية الاستعانة بعمل فني قديم لنفس الفنان، وهو ما يمكن تفهمه في حالات استثنائية، أتذكر منها عند رحيل فريد الأطرش عام 74 وكانت وردة تجري بروفات أغنية «كلمة عتاب» ولم يكن فريد قد انتهى من تلحين المقدمة، فقرر بليغ حمدي أن يستعين بموسيقى لفريد في عدد من أغنياته السابقة ومزج بينها، وهو - كما ترى - ظرف خاص وغير قابل للتكرار.
في رواية يوسف إدريس «سره الباتع» تناول كاتبنا الكبير تلك الأوهام التي نتناقلها ونصدقها، وراجح لم يفعل شيئاً سوى أنه فضح الأوهام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صرخة موسيقار «سره الباتع» صرخة موسيقار «سره الباتع»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:31 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 03:22 2016 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيما ستون تنطلق في فستان أزرق مزخرف ولامع

GMT 02:24 2014 الأربعاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

التطريز اليدوي الفريد يمنحك قطعة ملابس لا تتكرر

GMT 02:01 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فادية عبد الغني تؤكد أن تجسيد شخصية "بديعة مصابني" أرهقها

GMT 06:35 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

"مشاغبات مثقف ثوري" كتاب جديد لعبد الخالق فاروق

GMT 05:32 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

حقيقة انفصال الأمير هاري عن حبيبته ميغان ماركل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib