«الموجة الجديدة» الفرنسية تبحث عن «حقيقة الحقيقة»

«الموجة الجديدة» الفرنسية تبحث عن «حقيقة الحقيقة»!

المغرب اليوم -

«الموجة الجديدة» الفرنسية تبحث عن «حقيقة الحقيقة»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

السينما ولدت فى باريس، وصارت لغة عالمية بلكنة أمريكية فى (هوليوود)، هذا هو التاريخ الذى لا يمكن القفز عليه.

عرف العالم نقطة فارقة فى اللغة السينمائية، حملت اسم (موجة السينما الجديدة)، انطلقت من عاصمة النور فى نهاية خمسينيات القرن الماضى. مجموعة من النقاد أصدروا مجلة «كراسات السينما»، والتى لا تزال تواصل الحياة، وعن طريق هذه المجلة وضعوا ميثاقًا لسينما جديدة، استبدلوا فيها القلم بالكاميرا للتعبير.

بين الحين والآخر يحطمون (تابوهات) ويشيرون إلى أفلام ومخرجين فى حياتهم أهيلت عليهم أتربة التجاهل، وهو ما يدعونا للمطالبة بقراءة وتقييم للسينما المصرية التى تم توثيقها، فى مهرجان القاهرة، قبل نحو ٣٠ عامًا، فى استفتاء لأفضل ١٠٠ فيلم، أتمنى أن يتأمل حسين فهمى، رئيس مهرجان (القاهرة)، هذا الاقتراح، مع تلافى عيوب عديدة شابت الاستفتاء الأول، لتصبح لنا مرجعية عصرية فى ٢٠٢٥.

داخل المسابقة الرسمية عرض فيلم (موجة جديدة)، للمخرج الأمريكى ريتشارد لينكلايتر، إنتاج فرنسى أمريكى مشترك بالأبيض والأسود.. الحوار بالفرنسية، حتى يمنح مصداقية للوقائع، يقدم أيضًا كواليس واحد من أشهر أفلام تلك المرحلة (آخر نفس)، بطولة جان بول بولموندو، احتل جودار مساحة كبيرة، فهو آخر الراحلين من هذا الجيل عن ٩١ عامًا، وأهم عناوينها، ظل ممسكًا بالكاميرا أيضا حتى آخر نفس، الشريط يقدم كل الكبار الذين ارتبطوا بالموجة الجديدة، مثل فرانسوا تريفو وكلود شابرول، جودار حطم ليس فقط القواعد السينمائية المستقرة، ولكنه اخترق أيضًا القواعد التى تنظم جداول التصوير، وأمسك بالكاميرا ونزل للشارع وقدم ليس فقط حكايته ولكن موقفه من الدنيا.

داخل مهرجان (كان)، قبل نحو عشرة أعوام، شاهدت آخر أفلام جودار الروائية، (وداعًا للغة)، حصل على جائزة لجنة التحكيم، حرص على أن يصور فيلمه بتقنية (الأبعاد الثلاثة)، ليؤكد أنه لا يزال مواكبًا لآخر المستجدات العصرية.

حرص المخرج الأمريكى لينكلايتر على أن تتشابه الشخصيات الرئيسية فى الملامح مع الأصل، بين الحين والآخر، يقدم لقطات أرشيفية لجودار أو بولموندو، ثم يعود لشريطه السينمائى، يراعى ألا يخدش وجدانيًا حالة الانسياب المفروضة، الممثل الذى أدى دور بولموندو يحاكيه فى طريقة نطقه المميزة للحروف، حتى شفتيه اللتين تحتلان الجزء الذى يسرق النظرة، من ملامحه رأيتهما مجددًا على الشاشة، نحن بصدد فيلم داخل فيلم، وتتابع السيناريو هو أقرب لنقل صورة يومية مما كان يجرى واقعيًا، لندرك أن (الموجة الجديدة) فى فرنسا كانت نتاج تفاعل بين عناصر متعددة، منها المصور والممثل، وليس مجرد دستور جديد وضعه عدد من المخرجين.

جودار كان يؤصل فكرة الموجة الجديدة عمليًا، تستطيع أن تلمح منهجه فى الكثير من أقواله: (يجب أن تحتوى القصة على بداية ووسط ونهاية، ولكن ليس بالضرورة طبقًا لهذا الترتيب) وهذا يعنى فى عمقه كسر السرد التقليدى، أى أنك تبدأ من أى نقطة، وتلك الجملة أيضًا تكشف الشفرة (الصورة هى الحقيقة، السينما هى الحقيقة ٢٤ مرة فى الثانية).

الشريط السينمائى المتحرك فى واقع الأمر يكتسب تلك الصفة من عدد ٢٤ لقطة فى الثانية تتابعها أعين المشاهد، السينما هى (حقيقة الحقيقة).

فيلم (الموجة الجديدة) بقدر ما يحمل فى عمقه تحية أمريكية لروح السينما الفرنسية وأعلامها الكبار، وعلى رأسهم جودار، يحمل أيضا تحية واجبة للفن السابع، عندما يصبح الرهان على (حقيقة الحقيقة)!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الموجة الجديدة» الفرنسية تبحث عن «حقيقة الحقيقة» «الموجة الجديدة» الفرنسية تبحث عن «حقيقة الحقيقة»



GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

GMT 11:09 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل والغضب العالمي

GMT 11:08 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 11:26 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

محطات وشخصيات صنعت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:13 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فيليب ستاين تقدم تشكيلة فريدة من أساور "هوريزون"

GMT 03:40 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

طرح عطر متميز بمكون مثير من توقيع Guerlain

GMT 07:25 2014 الإثنين ,17 شباط / فبراير

شركة "SRT" تعرض نسخة خاصة من موديل دودج تشارجر

GMT 00:08 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شجار بين العامري ولكحل والأخير يغيب عن التدريبات

GMT 01:12 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

خبراء يقدمون دليلًا لقضاء العطلة في أنحاء أفريقيا

GMT 09:42 2015 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

فوائد أكل الزبيب على الريق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib