«زوزو» أين كنا كيف أصبحنا

«زوزو».. أين كنا.. كيف أصبحنا؟

المغرب اليوم -

«زوزو» أين كنا كيف أصبحنا

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

ذاكرة السينما المصرية تشكل جزءًا حميميًا ومميزًا من ذاكرة السينما العربية.. وهكذا جاء ترميم فيلمى (خللى بالك من زوزو) و(غرام فى الكرنك) من خلال مهرجان (البحر الأحمر) يصب فى صالح الذاكرة السينمائية العربية.

فى السنوات الأخيرة لسعاد حسنى- نهاية التسعينيات- كانت تضع أغنية (يا واد يا تقيل) على جهاز (الأنسر ماشين) لتستمع إلى صوتها من بداية الأغنية حتى مقطع (بس يا ابنى/ بلاش تتعبنى / عشان عمرك/ ما ح تغلبنى)، وبعد هذا التحذير تطلب منك أن تترك اسمك ورقم تليفونك والرسالة المطلوبة، وتؤكد لك أن زوزو سوف تعاود الاتصال بك، هل تتصل أم لا؟ تلك قضية أخرى، لا تشغل بالك الآن فى تلقى إجابة قاطعة، زوزو شخصية مقتحمة، بينما سعاد تركيبة مزاجية، قد ترفع السماعة بمجرد أن تنطق اسمك لأنها غالبًا ما تقبع بجوار التليفون لتعرف اسم المتحدث، وقد تنتظر ساعات أو أيامًا قبل أن تصلك الإجابة، وربما عليك أن تنتظر حتى إشعار آخر.

كانت زوزو على الشاشة هى الشخصية الأشهر، رغم عشرات النجاحات بل القفزات الجماهيرية التى حققتها سعاد حسنى طوال رحلتها السينمائية. سعاد حسنى أثناء تصوير الفيلم، مطلع السبعينيات، كانت تقف على مشارف الثلاثين من عمرها، فى عز نضجها الفنى والشخصى كممثلة وأيضًا كامرأة، كأن الإنسانة سعاد لا شعوريًا تمنت أن يتوقف بها قطار الزمن عند (زوزو).

بينما حسين فهمى (الواد التقيل) تعايش مع قانون الزمن، محتفظا بمرونته، مرددًا: العمر مجرد رقم فى جواز السفر، ومن فرط نجاح الفيلم، ظل لقب (الواد التقيل) يصاحبه حتى الآن.

أما مخرج الروائع حسن الإمام، فإنك بين 90 شريطا أخرجها للسينما، لو اخترت الفيلم الذى من الممكن أن تلمح فيه خلاصة الفكر السينمائى لحسن الإمام، فلا شك أنه (زوزو)، الذى جمع بين الموسيقى والغناء والرقص والمسحة الميلودرامية مع فيض من النزعة الأخلاقية. الإمام يحترم الرقص الشرقى كفن، ولكنه فى نفس الوقت يؤكد أن الالتزام الأخلاقى قضية لا نقاش فيها، ولهذا تجده فى أكثر من مشهد يبث تلك القيمة، (الرقص فضلوه عن الفن)، إلا أن الأخلاق تسبق كل شىء، الرقص فن محترم.. طالما أن الراقصة تلتزم بموقف أخلاقى فهى لا تبيع جسدها.

الشاشة عند الإمام تملك قدرًا لا ينكر من الجاذبية، كما أن حضور المرأة كأنثى فى (الكادر) أحد أهم الملامح المميزة للتكوين الدرامى عند الإمام.

هذا الفيلم دخل الموسوعة القياسية، فهو واحد من أكثر عشرة أفلام فى تاريخ السينما المصرية تحقيقًا للإيرادات، عُرض فى 72 واستمر حتى 6 أكتوبر 73، ويبقى أنه من الظلم أن نُطل على الفيلم من تلك الزاوية فقط. الرقم يحمل فى ظلاله وثيقة بأن الفيلم فى زمن عرضه امتلك سخونة التواصل مع الناس، بينما استمراره فى وجدان الناس على مدى يقترب من خمسة عقود من الزمان عبر بثه فى الفضائيات ثم إعادة ترميمه يعنى أن الشريط لا يزال متمتعا بسخونته وطزاجته.

الفيلم ثرىّ، بصريًا وسمعيًا. حسن الإمام يدرك أن الفن متعة للمشاهدة، ولم يكتف بأن لديه سعاد حسنى بتلك الإمكانيات التى يحتويها هذا الفيض من الحضور، وعليك أن ترى انصهار تلك البوتقة الإبداعية فى إطار مفعم بالتفاصيل السينمائية.

إنه حقًا فيلم استثنائى، صعد إلى القمة كواحد من معالم السينما المصرية طوال تاريخها، الفيلم الذى يحرك الساكن اجتماعيًا ثورى فكريا وبصريا وبامتياز، ولو كره المتشددون.. وهكذا فى زمنٍ تُمنع فيه الفتاة من ارتداء فستان داخل الحرم الجامعى، تذكرنا (زوزو) بالذى مضى، أين كنا وكيف أصبحنا، تلك هى المعضلة!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«زوزو» أين كنا كيف أصبحنا «زوزو» أين كنا كيف أصبحنا



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib