بقلم : طارق الشناوي
محمود الخطيب يتجاوز أن تُصنفه داخل قائمة اللاعب الموهوب والهداف، وهو تاريخيًا ثانٍ لاعب كرة على المستطيل الأخضر حقق كل تلك الشعبية الجارفة، الأول المايسترو صالح سليم، مع الأخذ فى الاعتبار أن صالح لم يلحق زمن التلفزيون كلاعب سوى سنوات قليلة فى مطلع الستينيات، بينما مشوار الخطيب كله موثَّق بالصورة، وهذا منح الخطيب جماهيرية عريضة.
لا يكفى أن تقول إن الخطيب صاحب الإنجازات فى المرحلة المصيرية التى تولى فيها رئاسة النادى الأهلى، ولهذا يصبح بقاؤه منطقيًا حتى يجنى ثمار ما زرعه فى النادى.
ليس لدى معلومات موثقة عن أسباب إصراره على عدم الترشح مجددًا لرئاسة النادى، ما أعلمه هو فقط المعلن والمتداول: ظروف صحية طلبها الفريق الطبى الذى يتولى علاجه، وفى مثل هذه الأمور لا يجوز أن نضغط عليه مهما كان الأمر مغلّفًا بمشاعر الحب، ولكن من الممكن التفكير فى حل بديل يخفف ثقل الحمل عن كاهل الخطيب، ويبعده عن التفاصيل التى تسرق الطاقة وتبدّد الهدوء النفسى، حتى يسترد الخطيب – إن شاء الله – كامل صحته. الرجل بقاؤه فى الموقع يمنح النادى طاقة إيجابية الأهلى فى أشد الحاجة إليها.
على السوشيال ميديا، البعض يشير إلى تعليمات صارمة من خلال إشارات واضحة طلبت من الخطيب ضرورة مغادرة الكرسى، أشك كثيرًا فى تلك القراءة؛ الرجل مورست عليه ضغوط أشد ضراوة للتنازل عن حقوقه القانونية، وكان يرفضها تمامًا. أميل أكثر إلى تصديق أن القرار مرتبط بحاجته إلى الرعاية الصحية.
الخطيب ربما كان اللاعب الوحيد الذى قال فى مطلع الثمانينيات: «لا للسينما»، ورفض بطولة الفيلم السينمائى «غريب فى بيتى» فى دور شحاتة أبو كف أمام سعاد حسنى، وكان الترشيح الثالث هو نور الشريف بعد اعتذار المرشح الثانى عادل إمام، وفى السيناريو الذى كتبه وحيد حامد كانت الأحداث تجرى فى النادى الأهلى، إلا أن إدارة الأهلى غالت فى طلباتها المادية فتم التصوير فى نادى الزمالك. الحكاية التى أذكرها ليست مجرد معلومة هامشية، ولكنها تقدم لنا ملمحًا عن الخطيب، الذى وافق أيضًا مؤخرًا من أجل صديقه نبيل الحلفاوى أن يقدم مشهدًا مع محمد فراج فى مسلسل «كتالوج» إخراج وليد الحلفاوى. شاهدنا الخطيب فى المدرجات يتابع فريق الأشبال، ووافق على الظهور مرة واحدة كضيف شرف لإرضاء روح صديقه «الحلفاوى الأب»، بينما رفض «غريب فى بيتى» برغم أن العرض مغرٍ جدًا أدبيًا وماديًا، أكثر من نجم كروى سبقه، وطبعًا يقف فى المقدمة صالح سليم، الذى كان هدفًا لكبار المخرجين ثم قرر الاعتزال بعد ثلاثة أفلام، آخرها «الباب المفتوح» أمام فاتن حمامة.
الخطيب، الذى لم يسبق لى لقاؤه شخصيًا، إلا أنه من متابعتى له يمتلك فيضًا من الذكاء العاطفى، ومجرد تواجده فى أى تجمع يستتبع توفر إجراءات تنظيمية وأمنية بسبب تدافع الجماهير، وهو من القلائل الذين حققوا مساحات من الحب عند جمهور الزمالك المنافس التقليدى للأهلى.
هناك لاعبون يجمع الناس على أنهم من كبار الحريفة، ولكن تكتشف أن مساحة الحب لهم «زيرو»، لأنهم لم يحافظوا على الصورة الذهنية. بيبو حقق صورة ذهنية مثالية، مضحيًا بالكثير.
الحب بطبعه أنانى، وأنا أقر وأعترف أننى بسبب كل هذا الحب، أمارس الضغط، وأتصور أن مباراة مساء أمس مع إنبى ستشهد رسائل مباشرة من قلوب جماهير الأهلى تطلب منه الاستمرار رئيسًا للقلعة الحمراء!!