هيا بنا نكذب

هيا بنا نكذب

المغرب اليوم -

هيا بنا نكذب

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

أصبحت «السوشيال ميديا» مرتعاً لانتشار الأكاذيب، هناك من حققوا نجاحاً في هذا المجال، حيث صار المطلوب منهم، الالتزام حرفياً بهذا المثل «كذب مرتب خير من صدق منعكش»، النعكشة في العامية المصرية تعني التخبط، الأكاذيب المرتبة تحقق «التريند»، بينما الحقيقة التي تقدم كما هي، غالباً تتوه في الزحام. بين الحين والآخر تنتشر واحدة من الأكاذيب لتحتل المقدمة، ولأننا نعيش هذه الأيام في أقصى درجات الحرارة، كانت العائلة المصرية - أتحدث عن الطبقة المتوسطة - قادرة على مواجهة حرارة الصيف القاهري بالسفر إلى شاطئ الإسكندرية، وهكذا تحلو هذه الأيام، الحكايات التي تجري أحداثها في «عروس البحر المتوسط»، خاصة لو جمعت بين قمة الغناء أم كلثوم، وقمة الضحك إسماعيل ياسين.

الحكاية أن أم كلثوم وأحمد رامي ورياض السنباطي، كانوا في مطلع الخمسينيات بالإسكندرية، وعنَّ لهم الذهاب سيراً على الأقدام من الشاطئ إلى صيدلية، وهناك التقوا مع إسماعيل ياسين، شاهدته أم كلثوم يتوجه إلى الميزان وسألته عن وزنه؟ أجابها 78 كيلوغراماً، قالت له «ثومة» أكيد وزنت نفسك من غير بقك، وضحك الجميع، وأراد «سُمعة» أن يردها لها، طلب منها أن تذهب للميزان، وحذرها رامي، لأنه يعلم أن إسماعيل ياسين سوف يأخذ منها حقة بنكتة مماثلة، ولهذا امتنعت أم كلثوم عن تحقيق رغبته، فقال لها «أكيد ح توزني نفسك من غير صوتك لأنك نسيتيه في القاهرة».

لا يحمل التاريخ أي لقاء فني جمع بين أم كلثوم وإسماعيل ياسين، «ثومة» اعتزلت التمثيل بعد فيلم «فاطمة» نهاية الأربعينيات، ولو كانت واصلت حتى الخمسينيات - عز تألق سُمعة - كان من الممكن أن يشتركا مثلاً في عمل فني واحد.

الحكاية المختلقة، تأخذ ملمحاً من الفنان تعرف الناس عنه الكثير، مثل سرعة بديهة أم كلثوم، ويقابلها قطعاً «اتساع فم إسماعيل ياسين»، خاصة وأنه كان دائم السخرية من نفسه، وكان المنتجون يعتقدون أن شباك التذاكر يتسع بقدر اتساع فتحة فمه.

أغلب الحكايات التي نتبادلها باعتبارها حقيقة مطلقة، سر ذيوعها أنها لا تكتفي فقط بحبكة القصة، ولكنها تضيف جزءاً مهماً معروفاً ومتفقاً عليه ولا يحتمل الشك مرتبط ببطل الحكاية.

أم كلثوم لها تسجيل مع الإذاعي وجدي الحكيم تناولت فيه جانباً من حياتها، وتعرضت لشخصيات التقتها في مشوارها، كان من الممكن أن تروي حكاية إسماعيل ياسين لو كانت حقيقة، ولكنها ذكرت مثلاً كيف أنها شاهدت مرة واحدة بالصدفة نجم الكوميديا الكبير نجيب الريحاني، في واحدة من المناسبات، ولم تستطع أن تتوقف عن الضحك، إلى درجة أن الريحاني غضب من رد فعلها، ولم يستوعب أن الأمر خارج عن إرادتها، وضرب كفاً بكف وغادر المكان، ولم يجمعهما بعدها أي لقاء آخر وندمت بعدها أم كلثوم.

هناك أكاذيب نتعامل معها بقدر من المرونة، لأنها لا تتجاوز أكثر من مجرد التسلية، غير أن هناك أكاذيب أخرى، تشعر أن وراءها هدف خبيث، نأخذها بحذر، مثل تلك الشائعة التي ارتبطت أيضاً بأم كلثوم، في مشادة بينها وبين زوجها طبيب الأمراض الجلدية الشهير حسن الحفناوي، صفعها على وجهها، على الفور اتصلت بجمال عبد الناصر، الذي هدد الحفناوي بأنه سوف يعتقله لو لم يعتذر لها، وظل الحفناوي يخشى غضب «الست»، بسبب خوفه من المعتقل.

عاشت أم كلثوم خمس سنوات بعد رحيل ناصر، وماتت وهي زوجة الحفناوي، ولو كانت الشائعة بها شيء من الصحة، فكيف تحملها كل هذه السنوات؟

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيا بنا نكذب هيا بنا نكذب



GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

GMT 15:52 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

ليبيا... زيارة بولس وحديث السبعين مليار دولار

GMT 15:51 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

من يكتب التاريخ؟

GMT 15:50 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سخونة محلية ..!

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 11:26 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

محطات وشخصيات صنعت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:13 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فيليب ستاين تقدم تشكيلة فريدة من أساور "هوريزون"

GMT 03:40 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

طرح عطر متميز بمكون مثير من توقيع Guerlain

GMT 07:25 2014 الإثنين ,17 شباط / فبراير

شركة "SRT" تعرض نسخة خاصة من موديل دودج تشارجر

GMT 00:08 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شجار بين العامري ولكحل والأخير يغيب عن التدريبات

GMT 01:12 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

خبراء يقدمون دليلًا لقضاء العطلة في أنحاء أفريقيا

GMT 09:42 2015 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

فوائد أكل الزبيب على الريق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib