الخروج الكبير وبناء الدولة
إعصار كالمايجي يودي بحياة أكثر من 116 شخصا ويعد الأشد في الفلبين هذا العام زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين
أخر الأخبار

الخروج الكبير وبناء الدولة

المغرب اليوم -

الخروج الكبير وبناء الدولة

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

لافتة، حالة الخروج الآيديولوجي الذي نشهده اليوم في المملكة العربية السعودية وفي دولة الإمارات العربية المتحدة بدرجاته المتفاوتة، والذي أراه انطلاقة موفقة لبناء الدولة الحديثة في محيط عربي كان بلاؤه الأول هو التلوث الآيديولوجي ضمن بلاءات أخرى، فهل تخلُّص الدولتين من براثن الآيديولوجية كافياً لبناء دولة حديثة بالمعنى الغربي للحداثة؟ ولكن قبل الاستفاضة في الفكرة التي قد تطول لأكثر من مقال: ما هو الخروج الآيديولوجي أولاً؟ وهل الخروج الآيديولوجي والقطيعة المكانية والفكرية هي الحل الأمثل إذا أردنا بناء كيان مختلف عن سابقه؟ وهل هناك أمثلة تاريخية على هذا الخروج؟ وأي خروج في التاريخ كان ناجحاً وأي خروج كان فاشلاً؟ وما علاقة ذلك بالمثالين اللذين طرحتهما في المقدمة؟
ثلاث من لحظات الخروج، التي يمكن استيعابها لدى أهلنا بحكم الثقافة، والتي قد تقربنا من فهم معنى الخروج الآيديولوجي الذي أقصده هي: أولاً الخروج الأخناتوني من طيبة إلى تل العمارنة 1346 قبل الميلاد إلى 1370 قبل الميلاد، أما الخروج الثاني فهو الخروج الموسوي من مصر، وهو خروج غير محدد التاريخ، وهناك أطروحات تخلط بين أخناتون وسيدنا موسى ليس هنا محلها، والخروج الثالث هو هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (622 ميلادية) وكل هذه الهجرات كانت قطيعة مكانية وفكرية أو آيديولوجية، وهذا سبب أساسي في إقامة دولة المدينة في هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما هجرة أخناتون التي كان فيها تماس آيديولوجي مع عبادة آمون، فدولته لم تستمر أكثر من بضعة وعشرين عاماً، أما الخروج الموسوي فكان محفوفاً بالتيه، وذلك لعدم تبلور الرؤية.
القطيعة المعرفية مع الماضي والقطيعة المكانية كانتا سبباً أساسياً في نجاح المشروع الجديد، والقطيعة المعرفية هنا لا تعني الإلغاء، بقدر ما هي تخفيف أحمال لثقل فكري لم يكن مفيداً، بل أصبح عبئاً لا بد من التخلص منه.
الإخوة في الإمارات خرجوا من مجموعة من الأنساق والسرديات التي تعدُّ عبئاً على الدول الصغيرة سواء كانت آيديولوجية أو حتى كانت تراثاً قديماً لا يفيد كثيراً في بناء الدول الحديثة. انتقل الإماراتيون بقيادة الشيخ محمد بن زايد من الآيديولوجيا التقليدية إلى حالة السياسة العملية practical politics أو السياسة النفعية التي تعود على الدولة والمواطن بفوائد عملية، دونما الإغراق في إرضاء الآيديولوجيا التقليدية أو الدينية، ولذلك نرى الإمارات الحديثة دولة تسافر في الزمن خفيفة دونما أعباء الماضي، وربما لأن الإمارات المتحدة دولة حديثة التكوين فأعباؤها الماضوية قليلة، وذلك حظ عظيم. خرج الإماراتيون من الآيديولوجيا فبنوا دولة تقترب من الحداثة وإذا ما استمر الخروج دونما انتكاسة أخناتونية فبشرهم بدولة حديثة ولا ريب.
أما التجربة السعودية في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الرئيس التنفيذي لعملية الخروج من الآيديولوجيا، فهي واحدة من أهم تجارب التحديث في منطقتنا، التي تحتاج إلى متابعة ودراسة مستمرة.
كما ذكرت في مقال سابق، لم تعد المملكة تتكئ على عكاز الشرعية الدينية، والتزمت بالشرعية التاريخية للحكم من خلال شرعية التأسيس. وبعد انطلاق قطار التغيير في المملكة أدرك السعوديون ومن معهم أن عكاز الشرعية الدينية لم يكن مختلفاً عن عصا سليمان التي أكلتها أرَضة الأرض (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته). كان عكاز الدين بمعناه الصحوي متآكلاً، ولم يعلم الكثيرون ذلك إلا عندما انطلق قطار التغيير، الذي كشف أن قوى التخلف ليس لديها التأييد الذي ظنه البعض. الآيديولوجيا المخيفة لم تكن أكثر من وهم نسجه البعض حول الدولة والمجتمع. مجرد شرنقة كاذبة كان الخروج منها أسهل مما كنا نتصور، فقط كان الأمر يحتاج إلى ملك حكيم وولي عهد شجاع يخبر الناس بأن هذا كان وهماً لا حقيقة.
أحياناً يظن بعضنا أن الرجل القوي عبء على الدولة، ولكن التاريخ البشري مليء بالأحداث التي تخبرنا أن القائد القوي القادر على الخروج ضروري للتغيير وما هذا بتاريخنا فقط، فالتاريخ الأوروبي يخبرنا أن الأباطرة الأقوياء أو الملوك هم من استطاعوا الخروج من عباءة الكنيسة وهم من فصلوا الدين عن الدولة وكان آخرهم هنري الثامن في بريطانيا في ثلاثينات القرن العشرين. بالطبع كانت هناك أفكار الإصلاح من القديس أوغستين حتى مارتن لوثر وجون لوك مونتسكيو وجان جاك روسو وآخرين. الفكرة هي أن الرجل القوي هو الذي استطاع أن يتخذ القرار ليس فقط بتخليه عن الكنيسة كعكاز داعم للحكم، بل تخلى عن الطبقة الإقطاعية أيضاً كعكاز وهمي آخر، والمساوي للتخلي عن طبقة رجال الأعمال أو الأعيان في الحالة السعودية وما كان الريتز إلا رمزاً لحالة التخلي هذه، فشرعية الدولة شرعية تاريخية وشرعية إنجاز.
الخروج من براثن الآيديولوجيا، حقيقية كانت أو وهمية، هي بمثابة نقطة التحول في التغير الكبير، الذي حدث في المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز.
بينما تقف المملكة العربية السعودية ومعها دولة الإمارات كنماذج للخروج من ضيق الآيديولوجيا إلى رحابة العمل، والبحث عن رخاء المجتمعات، بقيت دول أخرى في حالتها الرخوة، التي تحاول الخروج أحياناً ثم تغازل الآيديولوجيا والأفكار الماضوية أحياناً أخرى سواء كانت هذه الماضوية دينية أو دنيوية، بقيت الدول الرخوة تثبت عيونها على المرآة العاكسة للسيارة دونما رؤية الطريق، فارتطمت بأقرب حائط في بعض الحالات. سائق السيارة يحتاج أحياناً إلى النظر إلى الماضي في المرآة العاكسة ليرى ما حوله وخلفه ولكن فقط للحظة ثم يركز كل الوقت على الطريق الذي أمامه.
العمارنة أو «أفق أتون»، كما كانت تعني قديماً كانت أفقاً، ولكن رؤية هذا الأفق لم تكن بالاتساع الذي يأخذها إلى ما بعد الثلاثين عاماً، وذلك لاشتباكها مع الماضي الآيديولوجي، أما التيه الموسوي في صحراء سيناء فلم يكن إلا خروجاً اضطرارياً لا يبحث إلى أفق أرحب، بل كان خروجاً مستعجلاً أدى إلى التيه الطويل.
وأنا أكتب المقال أكاد أسمع أصوات الدهماء، وهم يقولون وكيف تشبه ما يحدث بالهجرة النبوية أو الخروج الموسوي (في الشنطة كتاب دين!) دونما النظر إلى أخناتون وحالة العمارنة وحالات أخرى كثيرة في التاريخ الإنساني للخروج من الآيديولوجيا كأحد الحلول، التي تساعدنا على الخروج من مستنقعات آسنة ألفنا رائحتها، ولم تعد أنوفنا قادرة على تمييزها، رغم سماعنا لنقيق الضفادع فيها.
إن منطقتنا برمتها تحتاج إلى الخروج المباشر والواضح من وهم الآيديولوجيا ووهم دعائم الدولة الكاذبة من قبيلة وعشيرة إلى عالم الشرعية المؤسساتية، ولا يحدث هذا بتجديد الخطاب الديني والبقاء في الحالة الرخوة واللزوجة، يحدث هذا بالخروج الكبير وبالقطعة وبالقيادة الجريئة والشجاعة المسلحة بالرشد والعقلانية ليس بحثاً عن نموذج غربي مستورد، ولكن بحثاً عن نبتة يكتب لها الحياة في بيئتنا، نبتة تزهر وتتفتح وتثمر، لا مجرد أشجار زينة تتجلى فيما يعرف بشبه الدولة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخروج الكبير وبناء الدولة الخروج الكبير وبناء الدولة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي
المغرب اليوم - حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي

GMT 00:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
المغرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
المغرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib