فقاعة المؤثرين وتآكل الثقة

فقاعة المؤثرين وتآكل الثقة

المغرب اليوم -

فقاعة المؤثرين وتآكل الثقة

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

ينشغل عالم الدعاية والإعلان والمجتمع بظاهرة المؤثرين في السوشيال ميديا، وخصوصاً في منطقتنا، وكأنَّها ظاهرة جديدة، رغم أنَّ الحقيقة غير ذلك، فتاريخ المؤثرين قديم في الغرب والشرق، ولكن الظاهرة تأخذ أبعاداً أخرى مع تطور أدوات الدعاية وليس المحتوى، فصناعة المحتوى تكاد تكون واحدة، والتي يكون الإبداع الشخصي هو الأساس فيها، ولكن الأدوات تتغير وكذلك قدرتها على سرعة الانتشار وتغطية مساحات أكبر من المعمورة. وتبقى مسألة الثقة هي الحكم بعد أن تتمدد الظاهرة وتصل إلى مداها. المؤثر الذي أتناوله هنا هو ليس المروج التجاري فقط، فالمؤثر من وجهة نظري هو مفهوم أشمل تنضوي تحته فكرة الدعاة المتخصصين في المجال المختلفة مثل المؤثر الديني أو الأفانجليست أو ظاهرة التبشيريين في التلفزيون الأميركي التي راجت منذ ثمانينات القرن الماضي إلى قادة الرأي وتلفزيون الواقع الذي أنتج ظاهرة دونالد ترمب في السياسة، وكانيا وست وكارداشيان في الفن والموضة، والمروجين للبراندات المختلفة من حذاء مايكل غوردون الرياضي الذي زاد من أرباح الشركة المصنعة للأحذية الرياضية إلى مليار دولار، ولكن الحديث عن ظاهرة المؤثرين في منطقتنا يركز فقط على الصيغة التجارية للإعلانات دونما التعرض للمؤثرين في مجالات أخرى؛ كالدعوة وترويج السياسات، أو استخدام المؤثرين وسائطَ بين الآيديولوجيات، وظني أن هذا الأمر يحتاج إلى نقاش أوسع، أتمنى أن نبدأ الحديث عنه هنا.
     

 
             

 

المؤثرون في الغرب ليسوا ظاهرة وليدة اليوم؛ إذ يمكننا أن نتحدث عن بداية المؤثرين بشكلهم التجاري منذ عام 1760 عندما أنتج ودجوود ما يعرف بطقم الشاي (queen’s ware) للملكة شارلوت، مما جعل هذا الطقم «براند» مستمراً حتى الآن. بعدها تطورت الدعاية في بداية القرن العشرين واستخدام مشاهير التمثيل في الترويج للسجائر والرز وغير ذلك من السلع، حتى وصلنا لثمانينات القرن الماضي مع حذاء غوردون، ثم دخلنا في فترة الإنترنت في الثلاثين عاماً الفائتة حتى بلغ عالمنا «إنستغرام» و«سناب تشات» و«يوتيوب». ورغم تعدد الوسائط تبقى أهمية المؤثرين مرتبطة بالثقة في المنتج، وهذه الثقة تكاد تكون محدودة جداً بعد رواج ظاهرة المؤثرين واتساع مساحتها والتي تمثل «تيك توك» وغيرها، ففي بريطانيا على سبيل المثال وفي استطلاع للرأي حول ثقة الجمهور بآراء المؤثرين بالمنتجات التي يروجون لها عام 2019، كانت النتيجة مذهلة، حيث تبين أن 96 في المائة من البريطانيين لا يثقون بدعاية المؤثرين للمنتجات، كما أن شركات كثيرة اكتشفت وبعد دراسات مطولة أن الثقة هي الأساس، وأنه وفي كثير من الأحيان يبيع مؤثر له 2000 متابع أكثر من مؤثر لديه نصف مليون أو مليون متابع، حيث إن مصداقية المؤثر هي الأساس وليس عدد المتابعين. ورغم أن هناك رغبة جامحة لدى البعض في أن تكون لهم الأعداد الأكبر من الفولورز أو المتابعين، فإن دراسات السوق تشير إلى أن الأعداد لم تعد هي كل شيء خصوصاً في «البراند» الأغلى سعراً.

هناك شق قانوني ومسؤولية اجتماعية للشركات التي تستخدم المؤثرين، وبدأ ذلك في قضايا عدة في الولايات المتحدة منذ عام 2013، وتطور الحال في عام 2018 حيث نشرت واحدة من الشركات الكبرى ما يعرف بلائحة سلوك المؤثرين والتي تفرض عليهم أن يضعوا أمام البوستات الخاصة بهم علامات محددة إذا كانت تتحدث عن منتج بعينه بوضع علامة هاشتاغ #دعاية أو # هدية أو #دعاية مدفوعة الأجر إلى آخر هذه اللوائح المنظمة، وظني أن هذا غير موجود بمنطقتنا.

كلما حدث تقنين لمسألة المؤثرين وزيادة اللوائح الحاكمة وتطبيق معايير الجودة للمنتجات، فلن يبقى المؤثرون بذات الانتشار الذي عهدنا، هذا إضافة إلى نضج الكثير من الشباب في منطقتنا والذي يبحث عن التميز الفردي ولا يكون جزءاً من قطيع، كل هذه العوامل ستجعل فقاعة المؤثرين تنفجر لتعود الدعاية مرة أخرى إلى عالم الثقة، وبعيداً عما يروجه الغوغاء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقاعة المؤثرين وتآكل الثقة فقاعة المؤثرين وتآكل الثقة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib