صورة باللحم والدم

صورة باللحم والدم

المغرب اليوم -

صورة باللحم والدم

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

فى كل حرب كبيرة سابقة، كانت وسائل الإعلام تختار الصورة الأشد تعبيرا عن المأساة، وكانت تعتبرها الصورة الباقية مما جرى.
ففى حرب ڤيتنام، على سبيل المثال، لانزال نذكر الصورة الباقية منها، ولانزال نميزها من بين مليون صورة، ولانزال نراها بغير منافس فى موضوعها.. وهل ينسى أحد صورة الفتاة الڤيتنامية العارية تماما، وهى تجرى فى رعب وفزع، ثم وهى تحاول الهرب فى أى اتجاه من قنابل النابالم التى قذفت بها الولايات المتحدة الأراضى الڤيتنامية؟.

لقد استمرت حرب ڤيتنام سنوات، وكانت فيها آلاف الصور من كل الزوايا، لكن صورة الفتاه الهاربة من جحيم النابالم، عاريةً كما ولدتها أمها، لاتزال هى الصورة الأم، ولاتزال هى الصورة التى تساوى كل الكلام!.

وفى مرحلة ما بعد الحرب فى السودان، التى اشتعلت فى ١٥ إبريل، كان الكاتب السودانى فيصل محمد صالح قد رصد صورة بعينها، وكان فى مقال له فى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية قد اعتبرها الصورة الأهم فى التعبير عن المحنة التى تواجهها بلاده، وكان قد أعطاها هذا العنوان: الوطن محمولا على عربة كارو!.

كانت الصورة لشاعر سودانى أصابه المرض فى أجواء الحرب الدائرة، ولم يجدوا عربة إسعاف تنقله إلى المستشفى، فحملوه مُمدا فوق عربة كارو إلى حيث حاولوا إنقاذ حياته!.

وإذا كان الأمر كذلك فى السودان وفى ڤيتنام، فما هى يا ترى الصورة التى يمكن النظر إليها فيما بعد، على أنها الصورة الأكثر تعبيرا عن عمق المحنة، التى عاشها ويعيشها قطاع غزة فى مرحلة ما بعد هجوم السابع من أكتوبر؟.

على كثرة الصور التى نشرتها الصحف، وعلى بشاعة اللقطات التى طيّرتها وكالات الأنباء، وعلى فظاعة المشاهد التى سادت وملأت الشاشات، فإن صورة واحدة لن تكون كافية لنقل واقع غزة إلى الذين سيأتون لاحقا، والغالب أن القطاع كله سوف يتجسد فى صورة دامية واحدة.. صورة مساحتها ٣٥٦ كيلومترا مربعا هى مساحة القطاع من معبر إيريز فى الشمال إلى معبر رفح فى الجنوب!.. صورة حافلة بالأشلاء كما فعل بابلو بيكاسو أيام الجنرال فرانكو فى إسبانيا، وهو يرسم لوحة جيرنيكا الشهيرة.. صورة ليست مرسومة بالألوان، كحال كل الصور، لكنها مرسومة بلحم ودم البشر!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة باللحم والدم صورة باللحم والدم



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 06:06 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

سحر البحر

GMT 13:16 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

تمتعي بقضاء عطلة ملكية في فندق "قصر الشرق"

GMT 08:02 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

السياح يُقدمون على زيارة غابة "ساغانو" اليابانية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

مطعم Harvey Washbangers يقدّم لك الوجيات ويغسل ملابسك

GMT 09:54 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

بياض جبال "الأوراس" يعد الوجهة المفضلة لعشاق التزلج

GMT 00:19 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عبد الخالق تسعى إلى إنشاء صفوف موسيقية في مدارس الحكومة

GMT 16:32 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وفد من وكالات السفريات في بيلاروسيا يزور المغرب

GMT 00:51 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

مجموعة "Folli" تُعلن تجهيز مجوهرات فاخرة في 2017

GMT 20:29 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تعرَف على جمال مدينة دهب جنوب سيناء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib