دبلوماسية الساحرة المستديرة
تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام بعد استمرار إقامتها في المستشفى بألمانيا خلال الفترة الماضية الكوليرا تجتاح جميع ولايات السودان وتسجيل أكثر من 96 ألف إصابة وسط أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد ارتفاع وفيات المجاعة في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلا وسط تحذيرات منظمات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية غانا تعلن مقتل وزيري الدفاع والبيئة في تحطم مروحية ومكتب الرئاسة يؤكد سقوط ضحايا من الطاقم والركاب المغربي رضا سليم يعود للجيش الملكي على سبيل الإعارة قادماً من الأهلي المصري على سبيل الإعارة ستارمر يندد بمعاناة غزة ويهدد باعتراف بدولة فلسطينية وسط إستمرار الدعم الاستخباراتي لإسرائيل كتائب القسام تعلن تفجير جرافة عسكرية للاحتلال شرقي غزة إصابة عدد من الأشخاص في قصف إسرائيلي استهدف جنوب لبنان عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين تتوعد بالعصيان المدني احتجاجا على خطة إحتلال غزة فرنسا تعلق إعفاء حاملي جوازات السفر الرسمية والدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة
أخر الأخبار

دبلوماسية الساحرة المستديرة

المغرب اليوم -

دبلوماسية الساحرة المستديرة

سليمان جودة
بقلم: سليمان جودة
لم يكن فريق تنس الطاولة الأميركي يتصور أن زيارته إلى الصين في 1971، سوف تظل مضرب الأمثال في كل مرحلة لاحقة، ولا كان الفريق يتخيل أن زيارته ستتحول إلى عنوان لدبلوماسية الكرة بين الدول.

ولا فرق بعد ذلك بين أن تكون الكرة هي تنس الطاولة في الحالة الأميركية - الصينية، أو تكون هي الساحرة المستديرة في الحالة المصرية - التركية هذه الأيام.
في الحالة الأولى كانت الزيارة كأنها بساط، مشى عليه الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، وهو يقرر زيارة بكين في السنة التالية.
قبلها كانت الفجوة بين البلدين عميقة، وكان الحاجز بينهما حصيناً كأنه سور الصين العظيم، وكان كل طرف يتهيب الآخر، وكانت زيارة كالتي قام بها سيد البيت الأبيض إلى العاصمة الصينية حلماً من الأحلام، وكان هنري كيسنجر، وزير خارجية نيكسون ومستشاره للأمن القومي، يفكر في طريقة يذوب بها الجليد الذي كان يتراكم بين الدولتين، وليس من المستبعد أن يكون كيسنجر بدهائه المعهود، هو مَنْ خطط لزيارة فريق تنس الطاولة من وراء ستار، أو يكون هو الذي ألقى بالفكرة على طاولة الصينيين من بعيد.
ليس هذا من المستبعد، لأن التوصل إلى اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب في مرحلة تالية يقول إن كيسنجر كان بارعاً في تحقيق مثل هذه الاختراقات في العلاقات بين الدول، سواء كانت هذه العلاقات بين بلاده والصين، أو كانت بين مصر وإسرائيل.
ومن الجائز أن تكون زيارة فريق تنس الطاولة هي اللافتة العريضة التي ظهرت أمامنا في وقتها، أما ما وراءها، وأما ما أدى إليها، فمن الممكن أن يكون جبل ثلج عائماً لا نرى منه غير رأسه الطافية.
شيء من هذا يمكن الحديث عنه في اللقاء الذي ضم الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس رجب طيب إردوغان، على هامش المونديال المنعقد في الدوحة.
وبمثل ما أن قطر كانت من 12 سنة تجهز للمونديال المقام على أرضها، بمثل ما أن لقاءً من نوع ما ضم الرئيسين لا يمكن أن يكون ابن لحظته المباشرة، ولا يمكن أن يكون قد نبت فجأة في رأس الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، الذي رعى اللقاء، ثم حضره يراقب أداء لغة الجسد بين السيسي وإردوغان.
على مدى سنة مضت أو أكثر، كانت لقاءات قد جرت بين القاهرة وأنقرة، وكانت على مستوى نائب وزير الخارجية في العاصمتين، وكان نائب وزير الخارجية التركي قد جاء قاهرة المعز، والتقى نظيره على ضفاف النيل، وكانت زيارة معاكسة قد جرت من جانب النظير المصري، وكانت الزيارات قد توقفت عند هذا الحد، بعد أن شاع أن لقاءات على مستوى أعلى قادمة على الطريق.
وكان الجانب التركي هو الذي بادر وطلب عودة العلاقات إلى طبيعتها الأولى، ولم يكن لدى القاهرة مانع فيما بدا أمامنا، ولكنها كانت تتسلح بالصبر في الطريق إلى تحقيق رغبة الحكومة التركية، وكانت تتمهل حتى إذا عادت العلاقات كان ذلك على أساس متين يحملها.
وعندما عاد إردوغان من قطر إلى بلاده، تحدث بتفصيل أكثر عن اللقاء في حوار تلفزيوني، وقال إن لقاءه مع الرئيس السيسي استغرق ما يقرب من الساعة، وإن لقاءات مقبلة بين البلدين ستتم على مستوى الوزراء، وإن ذلك سينقل العلاقات المشتركة إلى مربع مختلف.
ولو أنصف لقال إن لقاءات الوزراء المسبقة، كانت هي الطريق الطبيعي إلى لقاء القمة، وإنه في لقاء الدوحة قد اكتشف هذا وتبينه، وإن بلوغ القمة لا بد أن يكون له دائماً ما يمهد له ويقود إليه، وإنه ليس في مقدورنا أن نقفز من السفح إلى القمة في قفزة واحدة، وبالذات إذا تعلق الأمر بعلاقات بين بلدين كبيرين مثل مصر وتركيا، وإن دبلوماسية الكرة إذا كانت قد قضت بلقاء الدوحة، فلا مفر من أن تمشي الأمور في مسارها الطبيعي، فتعود إلى لقاءات على مستوى الوزراء.
لا مفر من ذلك، لأن البداية إذا كانت قد جرت على مستوى نواب الوزراء، فالخطوة التالية كانت لقاء الوزراء، لا لقاء القمة، ومن بعد الوزراء يمكن أن يتبادل البلدان السفراء.
وإلا، فهل كان من الوارد أن تتم زيارة نيكسون إلى الصين، من دون أن تسبقها زيارة فريق الكرة، ومن دون أن يذهب كيسنجر إلى تسوية الطريق أمامها؟!
وسوف تشعر، وأنت تطالع ما قاله الرئيس التركي، بأن لقاء القمة أظهر أمامه أشياء لم يكن يراها، وأشار له إلى أبعاد في الموضوع لم يكن ينتبه إليها، وأن هذا هو ما سوف يتولاه الوزراء في اللقاءات المرتقبة، وأن لقاءاتهم كان من الأفضل أن تسبق القمة لا أن تأتي بعدها.
ولكن لقاء القمة السياسية على هامش القمة الرياضية لا يخلو بالطبع من فائدة، وفائدته أنه وضع كل الأوراق على الطاولة، فكان لا بد من إحالتها إلى الوزراء، لعل لقاءً آخر من لقاءات القمة في المستقبل يتم في أجواء بين البلدين أنقى من الأجواء التي تمت فيها قمة الدوحة.
ربما تكون أنقرة قد أنجزت ملف «الإخوان»، الذي كان سبباً مباشراً في القطيعة السياسية مع القاهرة، ولكن الواقع الحاصل أمامنا يقول إن هذا الملف شيء من أشياء. قد يكون هو الملف الأشد حدة بين العاصمتين على مدى سنوات مضت، ولكن هذا لا يمنع أن تكون ملفات أخرى إلى جواره، وأن الوجود التركي في ليبيا على سبيل المثال في المقدمة من هذه الملفات، وأن احترام السيادة السورية والعراقية من بين هذه الملفات، وأن موضوع الطاقة في شرق المتوسط من بين هذه الملفات أيضاً.
فهل أنجزت هي الملف الأول، لأنها رأت فيه الملف الأسهل، ثم تركت بقية الملفات لما يمكن أن يستجد على طول الطريق؟!.. أم أنها فكرت في أن الملفات الباقية يمكن أن تكون أوراقاً تلعب بها على الطاولة، وهي تجلس، وتتكلم وتفاوض؟!
هذا بدوره أمر وارد، وقائم، ومحتمل، لأن من حق كل دولة أن تستخدم الأوراق التي تجدها في يدها، ومن حقها أن توظفها بالطريقة التي تروق لها في علاقتها مع سائر الدول، ولكن هذا لا يعني أن القاهرة يمكن أن تساوم على ملفات من نوع الملفات المشار إليها، لأنها بطبيعتها ومن حيث ضرورتها بالنسبة لمصر ملفات لا تحتمل المساومة، ولأن الحكومة المصرية وضعتها جميعاً على الطاولة، منذ اللحظة الأولى التي أبدت فيها حكومة إردوغان رغبتها في علاقات طبيعية مع المحروسة.
ولا بد أن المصريين الذين تابعوا لقاء القمة في الدوحة، تابعوا في الوقت نفسه الأنباء التي تتحدث عن تعزيز تركيا لوجودها العسكري في غرب ليبيا، وتابعوا مذكرات التفاهم التي عقدتها أنقرة مع حكومة عبد الحميد الدبيبة في الغرب الليبي، وتساءلوا بالتالي عما إذا كان هذا كله يتسق مع بعضه؟!
ولا تزال الأخبار تتناثر عن الوجود العسكري التركي في غرب ليبيا، وعن أنه يتزايد، وهذا ما لا يستوعب المتابعون له حقيقة أهدافه، وهذا أيضاً ما يبدد بعضاً من التفاؤل الذي رافق لقاء القمة في قطر.
أما ما تمارسه تركيا في شمال العراق وسوريا معاً، ثم ما تذهب إليه من انتهاكات متكررة في أراضي البلدين، فلا بد أنه يؤلم المصريين على المستوى الشعبي، ويفقدهم الحماسة لتطبيع العلاقات معها، ويجعلهم بعيدين عن كل خطوة تقطعها حكومتهم في هذا الاتجاه.
والمعنى أن تطبيع العلاقات الذي تتحدث عنه أنقرة مع القاهرة، لا يمكن أن يكون بالمجان، وإنما له ثمن لا بد أن تدفعه مقدماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية الساحرة المستديرة دبلوماسية الساحرة المستديرة



GMT 13:57 2024 الإثنين ,05 آب / أغسطس

محاصر بين جدران اليأس !

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:45 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

آية الشامي اللاعبة الأفضل في البطولة العربية الطائرة

GMT 03:13 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

عقبات تواجه تنفيذّ خطة الكهرباء في لبنان

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

أطباء مغاربة يرفضون منح "شهادة العذرية" للمقبلات على الزواج

GMT 01:11 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

لبلبة تُوضِّح أنّ عام 2019 بداية جميلة لعام مليء بالحُب

GMT 17:12 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

سلطنة عمان تفتح أبوابها للمواطنين المغاربة دون تأشيرة

GMT 08:18 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 05:08 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

عصبة الهواة توقف البطولة الوطنية للقسمين الأول والثاني

GMT 23:45 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم "عقدة الخواجة" لحسن الرداد الشهر المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib