الحكم قبل المداولة

الحكم قبل المداولة

المغرب اليوم -

الحكم قبل المداولة

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

عشنا نعرف أن القضاة فى أى محكمة يتداولون القضية المنظورة أمامهم، ثم ينطقون بالحكم فى المرحلة التالية.. ولكن ما جرى مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كان هو العكس على طول الخط!.. فهذه الوكالة الشهيرة بوكالة الأونروا ترعى خمسة ملايين و٩٠٠ ألف لاجئ فلسطينى يقيمون فى ٥٨ مخيمًا فى ٥ أقاليم، وهى إحدى وكالات منظمة الأمم المتحدة، التى يجلس على قمتها فى نيويورك رجل برتغالى شجاع اسمه أنطونيو جوتيريش.

وبغير الرعاية التى تقدمها الوكالة لهذا العدد الضخم من اللاجئين، يتحولون إلى أيتام، فضلًا عما يواجهونه فى مخيماتهم من تعاسة يعرفها كل متابع لأحوالهم.. وكان الجيش الإسرائيلى قد أذاع فى ٢٧ يناير الماضى أن موظفين فى الوكالة شاركوا فى هجوم ٧ أكتوبر، الذى قامت به كتائب عزالدين القسام على المستوطنات الإسرائيلية الواقعة بجوار قطاع غزة.

وما كاد الجيش يذيع النبأ حتى أعلنت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وقف تمويلها للوكالة.. ثم تبعتها دول أخرى.. وهكذا أصبحت الأونروا فى عين العاصفة، وهكذا وجدت نفسها مُعلقة فى الهواء بغير سند كما عاشت من قبل على طول تاريخها.

طبعًا من الوارد أن يكون الكلام الذى يقوله الجيش الإسرائيلى صحيحًا، ولكن الدول الخمس التى بادرت بوقف تمويلها، ومعها الدول التى تبعتها، لم تلاحظ أن الجيش يتكلم عن موظفين فى الوكالة، لا عن موظفيها كلهم، وبالتالى، فالعدل يقول إن الأمر فى حاجة إلى تحقيق أولًا، ومن بعدها يمكن معاقبة الموظفين الذين شاركوا فى الهجوم، لا أن تتعرض الوكالة لعقاب جماعى غير عادل، وغير منصف، ليس فقط لها، ولكن لملايين اللاجئين الذين ترعاهم فى أوضاعهم البائسة.. فالتعميم خطيئة كبيرة فى هذه القضية وكذلك فى سواها.

كل ذلك لم يحصل على ذرة اهتمام من جانب الدول الخمس، ولا من الدول التى اقتفت أثرها، وراح أنطونيو الشجاع يناشدها ويناشد غيرها ألّا تُوقف تمويلها.. غير أن الأمانة تقتضى الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبى قد شارك الأمين العام شجاعته، عندما أعلن من مقره فى بروكسل أنه سيدقق فى الأمر أولًا.

نعرف أن قضية اللاجئين قضية مؤرقة لإسرائيل لأن أى حل نهائى لقضية فلسطين يضع قضيتهم على رأس القضايا، التى لا بد من أن تكون ضمن الحل النهائى.. وربما لهذا السبب سارعت تل أبيب تغذى ما أذاعه جيشها، وكأنه حقيقة لا تقبل النقض بأى حال!. صدر الحكم قبل المداولة من الدول الخمس على الوكالة، التى لا يستغنى عنها كل لاجئ، فبدَت الدول الخمس والدول التى سارت فى ركابها منساقة لما تقوله إسرائيل تمامًا، وكأنها دول لا عقل فيها يتصرف بشىء من المنطق أو بشىء من العدالة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكم قبل المداولة الحكم قبل المداولة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib