إعلان إفلاس

إعلان إفلاس

المغرب اليوم -

إعلان إفلاس

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

هل الإفلاس مادى بالضرورة، أم أن الإنسان يمكن أن تمتلئ خزائنه بالمال، ومع ذلك يظل مفلسًا بالمعنى الأشمل للكلمة؟.

كان النبى محمد عليه الصلاة والسلام، قد نبهنا إلى ذلك منذ وقت مبكر جدًا، وكان ذلك عندما شرح المسألة فى شكل سؤال وجواب لعلنا ننتبه. سأل أصحابه ذات يوم: أتدرون مَنْ المُفلس؟ وكان الجواب حاضرًا: إن المُفلس مَنْ لا درهم فى جيبه ولا دينار. ولكن الرسول الكريم سارع إلى تصحيح ما يعتقده أصحابه فقال ما معناه، إن الشخص المُفلس ليس هو أبدًا مَنْ لا مال عنده، وإنما هو الذى يجىء يوم القيامة وقد سبّ هذا، وأكل مال هذا، وظلم هذا، فيؤخذ هذا كله من حسناته حتى تنفد فيُطرح فى النار.

بهذا المقياس لا بد أن تتطلع إلى الحرب على قطاع غزة، وأن تضع العالم بأسره فى مكان الشخص المُفلس، فتدرك أنه لا فرق بين إفلاس عالم على اتساعه، وإفلاس شخص فى حدوده على المستوى الأخلاقى.

فالعالم من شدة اعتياده على القتل الجماعى فى أنحاء القطاع، لا يكاد يدرى أن هذه المقتلة تدخل فى الغد شهرها الثانى والعشرين!.. شعب بكامله يتعرض للقتل اليومى على مدى 21 شهرًا كاملة، بينما العالم من حول هذا الشعب يشجب إذا شجب، ويُدين إذا أدان، ويعلن رفضه إذا رفض، ولكن لم يحدث أن أنقذ الشجب، ولا الإدانة، ولا الرفض، طفلًا ولا امرأة ولا شيخًا من القتل فى أرض غزة
على امتدادها.

يرى العالم ذلك أمامه فى كل نهار، وهو لا ينتبه إلى أنه يعلن إفلاسه أخلاقيًا فى كل لحظة لا يتقدم فيها ليوقف المقتلة.. يسمع العالم شهادة لطبيب أمريكى زار القطاع، فتكون الشهادة بمثابة إعلان إفلاس عالمى انسانى.. فالطبيب الأمريكى يقول إن ما شاهده فى غزة لا يختلف عما نعرفه عن منظر هيروشيما ونجازاكى فى اليابان بعد ضربهما بالقنبلة النووية فى عام 1945!.

يقرأ العالم أن الطيارين الإسرائيليين كانوا إذا عادوا من الهجوم على إيران الشهر الماضى، ألقوا بفائض الذخيرة لديهم على الفلسطينيين فى غزة !.. يقرأ العالم هذا النبأ غير المسبوق، ولا يعلم أن فى النبأ إعلاناً له بالإفلاس الكامل.. تُطالع أنت فى كل صباح أن خمسين، أو ستين، أو سبعين، قد سقطوا فى غزة منذ فجر اليوم، فتتساءل بالتأكيد: كَمْ بقى من الفلسطينيين فى القطاع؟

يعرف العالم أن الرئيس ترامب ملياردير، وأن المال عنده لا سقف له ولا حد، ولكن موقف ترامب المتخاذل مرة تجاه المقتلة الدائرة من 21 شهراً، والمتواطئ مرةً أخرى تجاه المقتلة ذاتها، إنما يقول لنا إنه مُفلس بامتياز رغم خزائنه المُتخمة.. وكذلك العالم مُفلس معه على كل مستوى آدمى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلان إفلاس إعلان إفلاس



GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

GMT 15:52 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

ليبيا... زيارة بولس وحديث السبعين مليار دولار

GMT 15:51 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

من يكتب التاريخ؟

GMT 15:50 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سخونة محلية ..!

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:24 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

تشيلسي يستهدف تحقيق كأس العالم للأندية

GMT 19:22 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

محمد صلاح يواصل كتابة التاريخ فى دوريات أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib