ضاقت بالحيوان أيضًا

ضاقت بالحيوان أيضًا

المغرب اليوم -

ضاقت بالحيوان أيضًا

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

عرفنا أن غزة ضاقت بمن فيها من البشر، ولكننا لم نكن نعرف أنها ضاقت بالحيوان أيضًا، فهرب من مدينة رفح إلى خان يونس بحثًا عن ملاذ.

ففى المدينة حديقة حيوان كانت من بين معالمها، ولكن العدوان الإسرائيلى الأعمى لم يفرق فيها بين إنسان وحيوان، ولم يكن أمام الشاب الغزاوى أحمد جمعة إلا أن يسارع بالهرب منها، ومعه ما استطاع أن يصحبه من الأشبال والقرود والسناجب الصغيرة.

وفى خان يونس، بحث لها عن مأوى تحتمى فيه، والتقط صورًا للحيوانات الصغيرة وهى فى مأواها الجديد، ثم وهى تتطلع إليه حائرة لا تعرف لماذا جاءت إلى هنا ولا إلى متى!.. ولا أحد يعرف ماذا حصل للحيوانات الأخرى التى تركها جمعة وراءه وهو يسارع بالفرار!.

ولا بد أن الصور فرصة ليعرف العالم أن إسرائيل المتوحشة لم تتوقف فى غزة عند قتل البشر ولا عند هدم الحجر، ولكنها تجاوزت ذلك إلى مطاردة الحيوان مع الإنسان وتجويعهما معًا.

تتطلع إلى الصورة، فتتذكر صورة أحمد زكى فى فيلم «أربعة فى مهمة رسمية»، لولا أن الفنان الراحل كان قد أخذ حيواناته ينقلها من مكان آمن إلى مكان آخر آمن أيضًا، وكان يفعل ذلك فى إطار كوميدى ضاحك.. ولكن حيوانات غزة فزعت من التوحش الإسرائيلى، فأخذها حارس الحديقة معه فى مسار مأساوى لا حدود للمأساوية فيه.

بدا الحارس الهارب بحيواناته فى الصورة وهو يحاول التخفيف من فزعها، ولكن بغير جدوى.. فالقرد الصغير لم يكن يكف عن التنطيط فى حديقته فى رفح، ولكنه الآن خامل خامد فى مأواه الجديد فى الخان.. والشبل الوليد يتطلع فى الأفق أمامه مفتشًا عن رفاقه القدامى فى الحديقة، فلا يعثر لهم على أثر.. والسنجاب الرشيق فقد رشاقته وانزوى فى ركن يلعق آلامه ويتأمل ملامح المكان وهو شارد غارق فى تفاصيل المشهد أمامه.

كان الغرب لا يتوقف عن تذكيرنا بحقوق الإنسان، وكان فى الحقيقة يستخدمها ويوظفها، ولم تكن تعنيه فى حد ذاتها فى حقيقة الأمر، وإلا، فأين إيمانه بها ودفاعه عنها كما كنا نتابعه فى كل المناسبات من قبل؟.. كان ذلك قبل الحرب على غزة، التى لما أطلقتها حكومة التطرف فى تل أبيب أصبحت علامة فارقة بين حقوق الإنسان قبلها وبينها بعدها.. لم يكن الإنسان فى غزة يرغب فى حق من حقوقه سوى الحق فى الحياة، ولم يكن يتوقع أن الحيوان سوف يشاركه الرغبة نفسها فلا يجدها.. فالاثنان فى غزة سواء، والعدو لا يفرق هناك بين إنسان وحيوان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضاقت بالحيوان أيضًا ضاقت بالحيوان أيضًا



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib