ليس من الدين

ليس من الدين

المغرب اليوم -

ليس من الدين

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

عدد الحجاج الذين ماتوا فى أثناء الحج هذه السنة أكبر منه فى السنة الماضية بكثير، ولم يكن هذا أمرًا خاصًا بالحجاج المصريين، وإنما امتد إلى بقية الحجاج من شتى الدول.

وليس سرًا أن الطقس كان واحدًا من الأسباب فى ذلك، وربما كان هو السبب الأهم، لأن الحرارة فى مكة المكرمة ثانى أيام العيد مثلًا كانت تقترب من الخمسين درجة.. وعندما تكون الحرارة على هذا المستوى فى منطقة صحراوية مثل المنطقة المحيطة بمكة، فالإحساس بالحر يزيد ويشتد ويصبح فوق الطاقة على الاحتمال.

ولكن السبب الآخر وربما الأقوى سبب خاص بنا نحن هنا، لأن مصريين كثيرين لا يزالون يصممون على الذهاب للحج دون الالتفات إلى أن الحج «لمن استطاع إليه سبيلا».. وعندما أطلق النبى عليه الصلاة والسلام هذا المعنى فى الحديث عن الحج باعتباره الركن الخامس للإسلام، كان يفعل ذلك عن دراية بأن رحلة الحج رحلة شاقة بطبيعتها.

فإذا كان الحج فى هذه الأجواء شديدة الحرارة، فالرحلة تزداد مشقة، وتصبح شديدة الوطأة على الذين لا يملكون الاستطاعة البدنية بالذات.

وعندما قال الرسول عليه الصلاة والسلام إن «الدين يُسر» كان يقصد أن الاستطاعة عنصر أساسى فى أركان الدين كلها، وليس فى الحج وحده.. فالصيام على سبيل المثال يخضع للقاعدة نفسها، ولا يزال فى مقدور غير المستطيع ألا يصوم، وأن يعوض عدم صيامه بالطريقة التى حددها الإسلام.. ولا يزال الدين يدعو غير المستطيع بدنيًا إلى أن يصلى بحركات من عينيه تشير إلى الركوع والسجود، إذا أعجزه أن يصلى وهو قائم أو حتى وهو قاعد.

الدين الذى ييسر الأمور على المسلم إلى هذا الحد لا يقبل من مسلم أن يذهب للحج وهو غير مستطيع جسديًا، لأن النتيجة فى المقابل أن يفقد حياته نفسها.. والقرآن الكريم يقول: ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة.. فكأن كل حاج لقى حتفه فى موسم حج هذه السنة قد ألقى بنفسه فى التهلكة، مخالفًا بذلك مبدأ راسخًا من مبادئ الدين.

الدين يتسع لكل شىء يسهل على الناس، ويأبى ما يجعل الحياة صعبة عليهم، ويأمر بكل ما من شأنه أن يجعل حياتنا أيسر.. ولكن المتشددين بيننا ضيقوا الدنيا على المسلمين، وصوروا الدين على غير حقيقته السمحة.. وإذا كان ديننا يدعونا إلى شىء أساسى، فهذا الشىء هو أن يكون العقل عينًا نتطلع بها إلى كل أمر من أمور الدين.. وعندها سنعرف أن الله تعالى أعطانا عقولنا لنوظفها بما يخدمنا فى تجسيد فلسفة الحياة، لا لنعطلها، أو نوقف عملها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس من الدين ليس من الدين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib