اعتياد الأزمة الأوكرانية
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

اعتياد الأزمة الأوكرانية!

المغرب اليوم -

اعتياد الأزمة الأوكرانية

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

أصبحت الأزمة الأوكرانية أشبه بالطعام الذي مهما كانت مرارته فلا بد من ابتلاعه بعد ما مست الحرب النظام الدولي بالأوجاع، والنظام العالمي بتبعات لم تترك دولة في العالم إلا أصابها منها ضرر. ولكن المتابعة اللحظية للأحداث من المحللين والمراقبين فيها عبء ثقيل وصعب.
الأزمات الدولية سريعة ومفاجئة، وفيها الكثير من التشابك بين أدوات التأثير العسكرية والاقتصادية والثقافية والدعائية التي تستخدمها الأطراف المختلفة، لذلك فإن التحليل والتقدير فيها يوقع في مأزق الأعمى الذي يحاول قياس أبعاد مكعب الثلج بينما يذوب بين أصابعه. وخلال الأسابيع الماضية تراوحت المراقبة ما بين التمسك بالمواقف الجارية على مدار الساعة، ومحاولات القفز على كل ما نراه إلى المستقبل. الأمر فيه كثير من التسرع في الحالتين لأن ما يحدث كثيراً ما يكون مثل الشجرة التي تُخفي الغابة الواسعة خلفها من طاقات وقدرات وإرادات لا تزال كامنة تنتظر فرصة؛ أما التوقعات والنبوءات فإنها تغفل المتغيرات والعناصر الكثيرة التي لا تزال في دور التكوين والتي قد تنفيها أو تُنضجها الأزمة. وما بين هذه الحالة أو تلك فإن احتمالاً مهماً يظل مستبعداً لأننا لا نستطيع التخلص من أَسْر اللحظة بكل ما فيها من عنفوان؛ أو أننا لا نستطيع العيش من دون غيم التعرف على المستقبل. أحد الاحتمالات التي لا ينبغي إسقاطها هي التعود على الأزمة حتى بعد أن استحكمت وصارت حرباً بكل ما تعنيه من نتائج؛ فالحقيقة هي أن العالم تعوّد كثيراً على حروب طالت كثيراً لسنوات مثل الحروب الكورية والفيتنامية والأفغانية والعراقية - الإيرانية، قامت الدنيا وقعدت كثيراً في مطلعها، ولكنها في النهاية كانت نكبة وتكلفة لأهلها وأطرافها، ولكن العالم ذاته راح في تطوره المعتاد بلا انقلابات كبرى في النظام الدولي، فقد ظل نظام القطبين قائماً حتى انهار الاتحاد السوفياتي من دون أزمة عالمية كبرى أو حرب انطلق فيها رصاص وطلقات مدافع.
أحياناً يكون «الاعتياد» نتيجة التعقيد الشديد، وفي أزمة كبرى وعالمية لا توجد فيها إقليمية ولا أحلاف مثل الإرهاب فإنه بعد كثير من الإنكار الذي يقضي بأن حرب الإرهابيين تخص منطقة أو ملة أو حتى نظاماً سياسياً، فإن ما استقر عليه الحال هو أن يعيش العالم كما لو أنه لا يوجد إرهاب، وأن يحارب الإرهاب كما لو أن العيش ليس قائماً. بات العالم يتابع أخبار الخلافة في التنظيمات الإرهابية أكثر مما يتابع الانتخابات الإيطالية على سبيل المثال؛ وأصبح يرصد الأعمال الإرهابية ويضعها في الإحصاءات الدولية كما يضع الجريمة المنظمة. أزمة «كوفيد - 19» بدأت كما في كل الأزمات الدولية بتبادل الاتهامات بين دول، وفي هذه الحالة كانت بين الولايات المتحدة والصين؛ وربما كان ذلك إعلاناً مبكراً عن مولد قطبية جديدة في النظام الدولي، ولكن مضمونه كان بحثاً عمّا إذا كان الفيروس التاجي جاء إلى كوكب الأرض من مَعامل بشرية هنا أو هناك (في الأزمة الأوكرانية توارد أيضاً الحديث عن معامل بيولوجية لدى روسيا وأميركا بعضها يتضمن خفافيش لنقل الأمراض). تابع العالم أزمة «كورونا» في لهفة لأنها مثل الغلاء الناتج عن الحرب الروسية - الأوكرانية شملت العالم كله ولم تستثن دولة أو تستبعد، كانت المصيبة شاملة. وبعد الإنكار والغضب وتبادل الاتهامات على مدى عامين، فإنه مع العام الثالث لم يكن ممكناً لدى البشر، دولاً وأمماً، إلا الاعتياد والاحتراز، ومضت الحياة كما اعتاد الناس المضيّ فيها، حيث يأخذون الدواء ما داموا أحياء، ويجري دفنهم ساعة الممات.
الأزمة الأوكرانية التي بدأت بالحشود الروسية على الحدود الأوكرانية وتصاعدت مع الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية، أشعلت حزمة كبيرة من الاحتمالات العالمية تبدأ بالطبع من أوكرانيا، وتمر بحرب أوروبية شاملة كتلك التي عرفها الأوروبيون في قرون سابقة، حتى تصل إلى حرب كونية بين روسيا وحلف الأطلسي لا تُبقي ولا تذر. استدعى المراقبون كل أشكال الأزمات والحروب العالمية السابقة لتخيل كيف سيكون حال الإنسانية. ولكن غاب عن الجميع أولاً أن الاندفاع الروسي في البداية سرعان ما لحقه حذر، وخلال الأسابيع الماضية فإن جل العمليات العسكرية الروسية جرت في النصف الشرقي من أوكرانيا بينما الجزء الغربي ظل مفتوحاً لعبور الإمدادات بما فيها العسكرية لأوكرانيا، وحتى لمرور قادة دول أوروبية إلى كييف إعلاناً للتضامن. بات هناك خط وهمي نعم، ولكنه فاصل يمتد من كييف إلى أوديسا يُبقي على مسافة كافية بين القوات الروسية وقوات حلف الأطلسي، ومن باب الاحتياط فإن هذه الأخيرة تواصلت مع خصومها للتعاون على منع الحوادث غير المقصودة من الحدوث. وثانياً أن السماوات كانت دوماً مفتوحة للتواصل والاتصال وعلى جميع المستويات بين الرئيسين بوتين وبايدن، وعندما غابا عن الحديث تلاقى الجميع على طاولة مفاوضات الاتفاقية النووية الإيرانية، حيث شاع أن روسيا عطّلتها ثم عادت لكي تسهّلها، وبعد أن ساد الظن أن الشلل الدبلوماسي الجاري في أوكرانيا سوف يمتد إلى فيينا فإنه في الواقع سهّل الاتفاق الذي قيل أنه بات قريباً. وثالثاً أن بُعداً من أبعاد الحرب المهمة هي التعبئة المعنوية التي أوصلها بوتين إلى أن الحرب هي بمثابة الحياة أو الموت لروسيا الاتحادية؛ أما زيلينسكي فعدّها معركة بقاء للشعب الأوكراني وسرعان ما مدّها إلى الدول التي تحدث مع برلماناتها في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة حيث جعل من الحرب معركة للحرية والديمقراطية والجبهة العنيدة للدفاع عن الغرب. وفي المقابل فإن العالم بدأ يدرك، أياً كانت المبادئ والشعارات، أن الضرر قائم على الجميع بمن فيهم هؤلاء الذين ليس لهم فيها لا «ناقة ولا جمل»، ومن ثمّ فلا مفر من «الاعتياد» على حرب ليس مفهوماً لماذا يتقاتل أصحابها. الصين في هذا المجال تبدو رائدة، فهي عملياً تُدين كلا الطرفين، وهي مستمرة الاجتماعات والاتصالات مع الجميع، وربما كان القادة الصينيون يصلّون للسماء أن يعود العالم إلى عالمه المعتاد في التجارة والصناعة بدلاً من حروب البقاء.
مساحة المقال لا تسمح بمزيد من تفاصيل سيناريو الاعتياد، ولكن الإشارات المبكرة عليه بدأت من تحقيق الراحة لروسيا بأنها عملياً ضمّت المناطق التي تريد الاستيلاء عليها من أوكرانيا في الشرق؛ وأوكرانيا على الجانب الآخر لا تزال باقية صامدة وحصلت على الكثير من نياشين البطولة والصمود. كلا الطرفين يمكنه الإعلان عن انتصار مبكر مهم للجبهة الداخلية وربما وضع الأزمة كلها على مسار «المعتاد» الذي يمكن التعايش معه. حلف الأطلسي لا يزال بعيداً كما كان، ويمكن للروس الزعم بأنهم أوقفوا توسعه؛ كما يمكن للأوكرانيين الزعم أنهم مع وضع القوات الأطلسية على حدود أوكرانيا وفي دول البلطيق فقد اقترب الحلف للغاية من روسيا. وقبل وبعد ذلك كله، هل يكون انخفاض أسعار النفط مؤخراً بنسبة 6% إشارة إلى طريق معتاد جديد يتعايش فيه الجميع كما تعايشوا من قبل مع أزمات كثيرة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتياد الأزمة الأوكرانية اعتياد الأزمة الأوكرانية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib