فوكوياما وترامب
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

فوكوياما وترامب!

المغرب اليوم -

فوكوياما وترامب

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

فى الثامن من نوفمبر الجارى نشر فيلسوف التاريخ الأمريكى «فرانسيس فوكوياما» مقالًا فى صحيفة «الفاينانشيال تايمز» بعنوان: «ما الذى أطلق له ترامب العنان وماذا يعنى لأمريكا؟». فى المقال أعلن الرجل الذى نشر فى بداية التسعينيات من القرن الماضى كتابًا كانت له أصداء بعيدة بعنوان «نهاية التاريخ والإنسان الأخير»، أن فوز ترامب ليس أمرًا عرضيًّا كما جرى انتخابه أول مرة، وإنما هو تعبير عن تحول تاريخى قوامه «هزيمة الليبرالية». حسب قوله إن النتيجة التى تحققت باكتساح لأغلبية المجمع الانتخابى المعبر عن الولايات والتصويت الشعبى المعبر عن الجماهير، وما صاحبهما من تفوق جمهورى فى مجلسى الشيوخ والنواب حقق لترامب ما لم يتحقق للرئاسة الأمريكية منذ وقت طويل يمكنها أن تقود إلى تغييرات فى السياسات الخاصة بأوكرانيا أو الهجرة ولكن قيمتها أكبر من ذلك حيث تسجل رفضًا حاسمًا من الناخبين الأمريكيين لليبرالية والطريقة الخاصة التى جرى بها فهم «المجتمع الحر» كما تطورت منذ ثمانينيات القرن الماضى.

مثل هذا القول الحازم ليس جديدًا على الفيلسوف الشهير؛ فما إن سقط سور برلين ومعه الحرب الباردة والاتحاد السوفيتى حتى كان فرانسيس فوكوياما يعلن «نهاية التاريخ»؛ ولم يكن ذلك اعتقادًا يخص واحدًا من الفلاسفة، بل كان نظرة شائعة جعلت بقية العالم تتساءل عما إذا كان قد بقى لها دور فى صياغة المستقبل. وبشكل عام فإن عقد التسعينيات من القرن الماضى كان مبشرًا بهيمنة غربية مقلقة نتيجة العولمة والتقدم؛ وحتى عندما جاءت حروب البوسنة وكوسوفو والأزمة الاقتصادية الآسيوية فقد كان الظن أنها مجرد عقبات صغيرة تقف أمام مسيرة مظفرة. ولكن لم تكن المعضلة التاريخية واقعة فقط عند أعتاب المؤمنين بالتقدم الذى يقوده العالم الغربى؛ وإنما جاءت أيضًا من جانب المتشككين الذين سرعان ما بدأوا البحث عن عدو آخر تحت اسم «الخطر الأخضر» لكى يحل محل «الخطر الأحمر» المهزوم.

.. ورغم أن صمويل هنتنجتون تحدث فى «صراع الحضارات» عن ثمانى حضارات متصارعة فإن المعنى الذى بدأ ضمنيًّا وانتهى صريحًا بأنه صراع بين العالمين العربى والإسلامى والغرب لم يكن ممكنًا سلخه عن رموزه ومضامينه الدينية والتاريخية. أحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١ الإرهابية كانت الواقعة التى فجرت ما كان مسكوتًا عنه منذ فترة طويلة وعلى مدى عقد من الزمان تبلورت حرب عالمية من نوع جديد. فقد كان الغرب مصرًّا على أن هناك هجومًا كاسحًا على القيم الغربية؛ وكان المسلمون يعتقدون أن العولمة والتغريب والأمركة كلها أسماء معبرة عن أمر واحد هو ما عانى منه المسلمون تحت اسم الصليبيين والاستعمار والإمبريالية والصهيونية.

كل هذه التطورات دفعت فوكوياما إلى التراجع عن نظريته معلنًا انتصار «هنتنجتون» الأقرب للجدل التاريخى- الديالكتيك- الذى لم يصل إلى نهاية. الإقدام الحالى للإعلان عن نهاية لليبرالية يبدو مغامرة أخرى واستنتاجًا متعجلًا للانتخابات التى أفرزت ترامب مرة أخرى للساحة السياسية الأمريكية. «الليبرالية» هنا هى مبدأ مبنى على الاحترام المتساوى لكرامة الأفراد من خلال حكم القانون الذى يحمى حقوقهم ومن خلال الأدوات الدستورية المتوازنة بين السلطة وتدخلها فى حقوق الأفراد. هذا المعنى التقليدى تعرض خلال العقود الماضية إلى نوعين من «المُربِكات أو Disruptions» أولهما بزوغ مبدأ «الليبرالية الجديدة أو Neoliberalism» ذات الطابع الاقتصادى الذى أعطى القدسية للأسواق وقلل من قدرة الحكومات على حماية هؤلاء الذين أضيروا من التغيرات الاقتصادية. وفى الواقع فإن العالم أصبح أكثر غنى بصورة جماعية؛ بينما فقدت الطبقة العاملة الوظائف والفرص. وهكذا فإن السلطة تحولت من المواقع التى استضافت الثورة الصناعية فى الغرب إلى آسيا ومناطق أخرى من العالم النامى. وثانيهما هو ارتفاع شأن سياسات «الهوية» حيث باتت الاهتمامات «التقدمية» التى كانت تركز على الطبقة العاملة تنتقل إلى الأقليات العرقية والمهاجرين والأقليات الجنسية. أصبحت سلطة الدولة تُستَخدم ليس فى خدمة العدالة النزيهة، وإنما لكى تدفع نتائج اجتماعية وسياسية لتلك الجماعات.

فوز ترامب هنا يبدو اتجاهًا معاكسًا لهذه التحولات، وهو ثورة من الذين اقتربوا من الطبقات العاملة ولغة الشارع على نخبة ليبرالية منعزلة عن حركة الجماهير؛ وفى هذا ينضم فوكوياما إلى طابور طويل ممن كانوا يرددون نفس الأقوال عن «المؤسسة الشرقية»- أى التى توجد شرق الولايات المتحدة على المحيط الأطلنطى- والآن فإنهم يضيفون لهم الواقعين على المحيط الباسفيكى. وباختصار حيث توجد الجامعات الكبرى ومراكز الفنون والفكر الرئيسية وكافة أشكال أودية السيليكون التى توالدت خلال العقود الأربعة الأخيرة مع الثورات العلمية والصناعية التى أسست لمستقبل العالم الذى نراه. سياسيًّا كان ذلك هو الزمن الذى عنده انتهت الحرب الباردة وأصبح ممكنًا للعالم التواصل المادى والمعنوى والأخلاقى. ومع التسليم بأن مثل ذلك كان يعانى كثيرًا من التطرف والاستعلاء على طبقات اجتماعية ودول نامية؛ وأنه أخذ كثيرًا من أشكال المحاضرات التعليمية لطبقات وشرائح اجتماعية متعددة داخل أمريكا وخارجها؛ فإن مثل ذلك لا ينبغى أن يستخدم كغطاء أولًا لدفن تاريخ من الجريمة والعبث السياسى والبلطجة الاجتماعية التى قدمها دونالد ترامب ورفاقه طوال الأعوام الماضية ضد المرأة والملونين والأديان الأخرى التى لا يمكن أن تنسى. سجلات المحاكم الفيدرالية والمدنية تشهد بالكثير من الوقائع والإدانات بين الجنح والجنايات وتفادى دفع الضرائب وأحيانًا النصب المباشر كما حدث مع جامعة ترامب لتعليم العامة الطريق الصحيح لإدارة الأعمال غير المأسوف عليها. الأخطر من ذلك أن خطاب ترامب الأول بعد نجاحه فى الانتخابات احتوى تعاملًا مباشرًا مع المؤسسات الأمريكية الرئيسية، وما أسماه «الدولة العميقة» لا يعنى محاولة جديدة للإصلاح السياسى للدولة، وإنما هو محاولة صريحة لإخضاع المؤسسات لرئيس الدولة مع تفكيك مقوماتها وقدراتها كما فعل ترامب من قبل مع الحزب الجمهورى الذى تحول من حزب إبراهام لينكولن العاتق للعبيد والمحافظ على الاتحاد الأمريكى إلى حزب ترامب الذى يستبد بالجميع وينتظر الولاء والطاعة من الجميع.

«الترامبية» السياسية كانت واضحة منذ اللحظة الأولى لدخول ترامب المباشر للحياة السياسية الأمريكية عندما انتظم فى الانتخابات التمهيدية الأولى للحزب الجمهورى ويعمد إلى الإهانة الشعبوية لـ١٧ مرشحًا جمهوريًا الواحد بعد الآخر، غير مستثن لا رجلًا ولا امرأة. وفى الجولة الحالية التى انتهت بفوزه بالرئاسة فإنه لم يستنكف فقط المشاركة فى الانتخابات التمهيدية للحزب، ولكنه عمد إلى إخضاع المرشحين والمرشحات الواحد بعد الآخر لمبايعته والخضوع له. الشهود على ترامب وحاشيته وما لديه من خلل سياسى واجتماعى فاضح لا تأتى من أعدائه أو خصومه؛ ولكنها مسجلة فى فترته الرئاسية الأولى من تخبط وعجز عن القدرة على العمل من خلال المؤسسات الأمريكية؛ وهى مشهود عليها من خلال القيادات الرسمية ممن عملوا معه فى البيت الأبيض أو خارجه أو حتى كانوا من قيادات الحزب الجمهورى الذى عرفه لينكولن وأيزنهاور وريجان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوكوياما وترامب فوكوياما وترامب



GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الدعم والدهس

GMT 19:12 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

رمضان «نمبر ون» والفن «نمبر كم»؟

GMT 19:10 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

خَواء في عقول مغلقة

GMT 19:08 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس... رحيل صديق للعرب والمسلمين

GMT 19:07 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الفراعنة يحترمون التاريخ

GMT 19:05 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

مستقبل آخر للسياحة

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

سعيكم مشكور!!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib