الإصلاح في فلسطين وإسرائيل أيضاً

الإصلاح في فلسطين وإسرائيل أيضاً؟!

المغرب اليوم -

الإصلاح في فلسطين وإسرائيل أيضاً

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

لا أدري كيف سيكون الموقف في الشرق الأوسط وقت نشر هذا المقال؛ ما أعرفه وقت الكتابة كان احتدامُ الحرب في غزة، والاشتعال في الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، والقلق العام في كل الجبهات الأخرى في الضفة الغربية وسوريا والعراق. ولكن الفزع الأكبر عالمياً وإقليمياً ومحلياً في كل دولة معنية بات عما إذا كانت الحرب الإقليمية سوف تنشب بهجوم من إيران وتوابعها في المنطقة رداً على اغتيال كل من رئيس المكتب السياسي لتنظيم «حماس» إسماعيل هنية في قلب طهران بعد حضوره حفل تنصيب رئيس الجمهورية الجديد، مضافاً له اغتيال فؤاد شكر القائد العسكري لتنظيم «حزب الله» في الضاحية الجنوبية ببيروت. القياس جرى على عملية اغتيال قيادة عسكرية إيرانية أخرى في مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق؛ وقتها صممت إيران على الانتقام وعملت الولايات المتحدة على رفع الحرج عن السلطة في إيران بشن هجوم كبير على إسرائيل لا يسفر لا عن ضحية ولا جريح ولا هدم مبنى. وضمان رفع الحرب عن إسرائيل بشن هجوم مضاد لا تسقط بعده نقطة دم؛ وتصرح إيران بعد ذلك بأن عملية المواجهة انتهت عند هذا الحد. القياس عند هذا الحد ينتهي، وتكرار التجربة لا ينفع ولا يقيم مصلحة؛ وكل ما بات معلوماً ويمكن استنتاجه أن إسرائيل قامت بالاغتيالات لكي تستفز إيران وتوابعها للانتقام الواسع فتحصل على فرصة لتدمير سلاحها النووي، كما فعلت في سوريا والعراق من قبل. ولكن الولايات المتحدة التي تعيش لحظة انتخابية فارقة وجدت أن تقترب من الأزمة بحشد عسكري هائل وقوة نيران تسد وجه الشمس في حالة من التهديد الصريح، إذا ما شنت إيران هجوماً على إسرائيل، مؤيداً من الحلفاء بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. وبالتوازي مع التهديد كان الإغراء بهجوم دبلوماسي كبير لتأييد «الوسطاء» مصر وقطر باستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين في صفقة هدنة تكفي لإغراء إيران بأن تقف المواجهة عند هذا الحد.

ما جرى بعد ذلك غير معلوم، لكن التفكير فيما سوف تنتهي إليه الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية بعد الدمار والقتل ووضع المنطقة كلها على حافة الهاوية بات ضرورياً من أجل سلامة دول المنطقة وشعوبها. الشائع عن هذا التفكير هو البحث فيما سمي «اليوم التالي» الذي ناقشنا في مقال سابق التصورات الجارية حوله فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً وأميركياً. ولكن التفكير مرة أخرى يجعل ما كان متصوراً أنه أياً ما كانت الترتيبات التي ستنتهي عندها الحرب بعد الأزمة الراهنة، فإنه لا يوجد هرب من أصل المشكلة، وهو أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يعانيان من أزمة داخلة في التركيبة السياسية في كليهما تخص العلاقة بين السياسة والسلاح، أو السلطة السياسية واحتكارها وحدها لمشروعية استخدام القوة المسلحة. هذا الأمر جرت مناقشته من قبل فيما يخص الفلسطينيين حيث يوجد 14 تنظيماً فلسطينياً يحمل السلاح ويستخدمه متخذاً قرارات الحرب والسلام دون مشروعية. ولكن الآن يوجد العجز نفسه في إسرائيل، حيث يحدث الأمر نفسه، وهو ما ورد في وضوح كبير بمقال آلا بارون وإلاي ساهمان «تفكيك إسرائيل: المستقبل المظلم المنتظر بعد حرب غزة» المنشور في دورية «الشؤون الخارجية» في 12 أغسطس (آب) 2024. المقال يقرر أن إسرائيل تسير في طريق غير ليبرالي وعنيف ومدمر. وما لم يحدث تغيير في الأفكار التي قامت عليها عند التأسيس - بالنسبة لليهود بالطبع - فإن الدولة سوف يواجهها مصير مظلم. الدولة تسير بشكل متزايد في طريق السلطوية ليس فقط في التعامل مع الفلسطينيين وإنما مع مواطنيها؛ وتفقد أصدقاءها في العالم وتكون معزولة وبمثابة طريد. وفي الداخل سوف تكون ممزقة وقابلة للانقسام.

العقدة الإسرائيلية التي تأخذها في اتجاه الحرب الأهلية تبدأ من «نهاية الصهيونية»، حيث «الصهيونية» تعني الدولة الوطنية لإسرائيل لكي تحل محلها دولة دينية يهودية قائمة على التعصب والتشدد إزاء مواطنيها عرباً كانوا أو يهوداً أو محض أغراب. النظام الانتخابي الإسرائيلي سمح بتسلل الطوائف المتدينة إلى الكنيست ومنه إلى 11 حكومة إسرائيلية يمينية تفرض قيمها التي تعفي من التجنيد؛ والأخطر السيطرة على السلاح وتوزيعه على المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية والقدس مع الحق في اتخاذ قرارات استخدامه في الضفة الغربية وقطاع غزة. أكثر من ذلك أن هذه السلطة الثيوقراطية في الحكومة باتت تستخدم قوتها العسكرية حتى إزاء الجيش الإسرائيلي ذاته. باختصار أصبحت إسرائيل محرومةً من أهم شروط الدولة، وهو الاحتكار المشروع لاستخدام السلاح. الحل في وجهة نظر الكاتبين يحتاج إصلاحات دستورية عميقة على الأرجح تتعرض إلى المواجهة المسلحة من قبل الأحزاب الدينية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح في فلسطين وإسرائيل أيضاً الإصلاح في فلسطين وإسرائيل أيضاً



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 00:14 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

حماس ترد على ترامب بخصوص الأسرى الإسرائيليين
المغرب اليوم - حماس ترد على ترامب بخصوص الأسرى الإسرائيليين

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019

GMT 17:07 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

رجل يصوّر زوجته عارية داخل فندق ويُهددها بنشر الفيديو

GMT 08:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

GMT 10:14 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

5 ميزات جديدة في تطبيق "واتساب" لمُستخدمي الأندرويد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib