ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

المغرب اليوم -

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

تستدعي تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، حول جزيرة غرينلاند، وقناة بنما، عطفاً على المكسيك وكندا، طرح تساؤل جاد حول إعادة إحياء مبدأ مونرو خلال الولاية الثانية، وما إذا كانت مجرد تصريحات اندفاعية، أم رؤية استراتيجية للأمن القومي الأميركي.

في 2 ديسمبر (كانون الأول) عام 1823، سلم الرئيس الأميركي جيمس مونرو للكونغرس الأميركي، رسالة سوف تعرف لاحقاً بـ«مبدأ»، ومفادها ضمان سيطرة الولايات المتحدة الأميركية على النصف الغربي من الكرة الأرضية، وإغلاق الطريق أمام القوى الأوروبية الاستعمارية، المتواجدة في أراضي الأميركتين الشمالية والجنوبية في ذلك الوقت.

عقب انتخابه رسمياً وبفوز كاسح، لم ينفك ترمب يتكلم عن ضرورة وضع أميركا يدها على جزيرة غرينلاند، بين المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الأطلسي، كغرض من الأغراض الضرورية لحماية الأمن القومي الأميركي، ثم لفت الانتباه إلى ضرورة عودة قناة بنما إلى السيادة الأميركية بصورة أو بأخرى، عطفاً على تجهيزات ماورائية لمحاربة كارتلات المخدرات في المكسيك، قد تصل إلى تدخل عسكري محدود من خلال فرق العمليات الخاصة، أما الأزمة الكبرى التي أثارها فموصولة بكندا.

هل يسعى ترمب لامتداد إمبراطوري أميركي، يوسع من المساحة الجغرافية ونفوذ الولايات المتحدة، أم أنه بالفعل يؤمن بما ذهب إليه مونرو، لا سيما في ضوء التمدد الروسي في أوروبا، والصيني في الأميركتين.

من الواضح أن هناك شيئاً من الغموض المقصود غالباً، فقد أطلق ترمب ما هو أبعد من بالونات الاختبار، الأمر الذي تسبب في ارتباك حقيقي لرؤساء وحكومات تلك الدول.

حين رفع ترمب شعار «أميركا أولاً» فهم الكثيرون أن الرجل يميل إلى فكرة «أميركا الانعزالية» المتمترسة وراء محيطين، ومن غير أن يقدر أحد على منازعتها أو مشارعتها.

لكن الحديث عن غرينلاند بهذه الصورة، يعني أن ترمب يسعى لعظمة أميركا من خلال تثبيت دعائم قوتها خارجياً وداخلياً.

على سبيل المثال وفيما يخص جزيرة غرينلاند، فإن ترمب يرى أنها نقطة ارتكاز جغرافية لأميركا في مواجهة أطماع روسيا والصين بالتمدد غرباً على الضد من رسالة مونرو، عطفاً على أنها أصبحت أكثر إثارة للتنافس مع ذوبان الجليد الذي يفتح طرق شحن جديدة، وهناك روايات استخباراتية عن وجود قواعد عسكرية أميركية غير معروفة للعوام منذ زمن الحرب الباردة، تود واشنطن إعادة تشغيلها مرة جديدة. أما بالنسبة إلى قناة بنما، فالقصة تتشابك فيها المعطيات التاريخية والقانونية التي تنظم عمل القناة بين بنما وأميركا، وبين التغيرات الجيوسياسية وظهور الصين في المنطقة، وبما يمكن أن يهدد الوجود الأميركي أو المصالح التجارية والاقتصادية الأميركية.

حين أرسل ترمب رسالة التهنئة بأعياد «الكريسماس»، استخدم تعبيرات ساخرة تنم عن مكنونات صدره، منها توجيه التهنئة إلى «الجنود الصينيين الرائعين» الذين يحرسون قناة بنما.

لم يعد سراً أن الصين تستثمر بشكل كبير في بنما، بما في ذلك في عدد من صفقات البناء، وتدير اثنين من الموانئ الخمسة الرئيسية في بنما.

يؤمن ترمب بأن النفوذ الصيني يتمدد بقوة وثبات وسرعة في عموم قارة أميركا اللاتينية، ما يشكل تهديداً في الخلفية الجغرافية لأميركا، وقد أشار ترمب إلى أن الصين تمارس نفوذاً غير مبرر على إدارة القناة.

يمتد المشهد وبقوة إلى المكسيك، حيث الشكوى من أكثر من أمر، الهجرة غير النظامية التي تدخل البلاد بالملايين من جهة، والمخدرات التي تقوم كارتلات من العصابات بإغراق البلاد بها، لا سيما النوع الشهير «الفنتانيل» الوارد من الصين، عطفاً على المجرمين وربما الإرهابيين الذين يتدفقون على البلاد من خلال الحدود التي رغب ترمب في ولايته الأولى في إقامة جدار عازل معها.

والأكثر مدعاة للحيرة وربما التساؤلات العميقة، هو نوايا ترمب لجهة كندا، الجارة الأقرب والصديق الأكبر للولايات المتحدة، التي تجمعها معها عبر قرن من الزمان شراكة عميقة واتفاقيات تجارية قوية.

ففي زيارة جاستن ترودو رئيس الوزراء الليبرالي لترمب في منتجعه الفاخر في فلوريدا، أطلق الأخير مزحة عبر النظر إلى ترودو، لا بصفته رئيس وزراء لكندا ذات الهوية والاستقلال، وإنما الولاية الرقم 51 ضمن الاتحاد الفيدرالي الأميركي، ومعتبراً أن ذلك سيوفر على الكنديين الضرائب والحماية العسكرية.

هل يخشى ترمب من تحالفات كندا في العقود القادمة، ويسعى لاستباق الأحداث؟

في أوائل القرن العشرين، اعتبر الرئيس الأميركي تيودور روزفلت أن الضعف والممارسات الخاطئة في أي من الدول الأميركية الصغيرة ربما تغري الدول الأوروبية بالتدخل. ربما لا يعيد التاريخ نفسه، لكن بالفعل أحداثه تتشابه من مونرو إلى ترمب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib