ترمب ــ بوتين فسحة الأمل الخمسينية

ترمب ــ بوتين... فسحة الأمل الخمسينية

المغرب اليوم -

ترمب ــ بوتين فسحة الأمل الخمسينية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل أضحت العلاقات بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب، والروسي فلاديمير بوتين فاترة ومرشحة لمزيد من التصعيد، أم أن الغضبة الترمبية الأخيرة، لا تعكس حقيقة المشهد؟

في الأيام القليلة الماضية، تابع العالم ما يمكن أن نسميه ردات فعل من الرئيس ترمب المحبط من نظيره الروسي، غير أن سيد البيت الأبيض رغم هذا الإحباط «لم ينتهِ بعد»، من قيصر الكرملين على حد تعبيره، ما يعني أنه لم يصل إلى نقطة اليأس، ولهذا يترك باباً خسمينياً مفتوحاً.

خلال حملته الانتخابية، وعد ترمب بأنه سيوقف الحرب الروسية - الأوكرانية في اليوم الأول له من ولايته الثانية، واليوم تمر سبعة أشهر تقريباً، من غير أن يدرك هدفه المعلن. وكثرت المكالمات الهاتفية بين الجانبين، وفي كل مرة يلوح الأمل لترمب، ويستشعر أن صفقة للسلام وإنهاء الحرب قريبة جداً، غير أنه يفاجأ بأن «صديقه» الروسي، يدك أوكرانيا دكاً بالمسيّرات والصواريخ.

داخلياً، وجد ترمب نفسه بين فريقين متنازعين، فريق الانعزاليين الذين يؤمنون بأنها ليست حرب أميركا، ولهذا لا يتوجب عليهم الانخراط فيها، وعلى رأس هؤلاء نائبه جي دي فانس، ومستشاره القديم ستيف بانون، وفريق آخر يمثله غلاة الجمهوريين من أمثال السيناتور ليندسي غراهام، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثيون، الذي طالب ترمب بأن يكون أكثر صرامة مع بوتين.

بدا ترمب وكأنه مجبر على التحرك في مواجهة التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا، لا سيما بعد مكالمة الثلاثاء قبل الماضي، التي أعقبها قصف بأحد عشر صاروخاً، وهجمات بـ728 طائرة مسيرة على مدن أوكرانية. من هنا جاء الإعلان عن نية واشنطن تزويد كييف بشحنة من الأسلحة للدفاع عن نفسها. حديث الدعم العسكري في حد ذاته لا يزال غير واضح، وهل يتمثل في أسلحة دفاعية فقط، مثل بطاريات صواريخ «باتريوت»، أم أن هناك أسلحة هجومية يمكن أن تطول قلب موسكو.

المثير في المشهد، هو تأكيد ترمب أن دول «الناتو»، هي التي ستدفع تكاليف تلك الشحنات العسكرية، وأنها ستُسلم إليها، ومنها إلى أوكرانيا، ما يفيد بأن ترمب لا يريد احتكاكاً مباشراً مع روسيا، ثم يتم التسليم لكييف، والأسلوب هنا يأخذ في الاعتبار الكتلة الكبيرة من «MAGA» الرافضة الانجرار في «حرب ليست حربنا» على حد تعبيرهم.

الرئيس ترمب، الذي توقع الجميع أن يعلن نهار الاثنين الماضي، اتخاذه إجراءات قاسية في حق موسكو، لم يفعل، مع أن نحو 80 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ يدفعونه دفعاً لفرض عقوبات قاسية جديدة على روسيا، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة.

يمكن الجزم بأن ترمب يدرك، وعن حق، أن العقوبات الاقتصادية على روسيا ومنذ عام 2014، قد أخفقت في زحزحة بوتين عن مواقفه التاريخية، كما أنها لم تؤثر تأثيراً قاتلاً في حركة الاقتصاد الروسي. ففي هذا السياق ربما فضّل الرئيس الأميركي، إتاحة فسحة الخمسين يوماً، على أمل التوصل إلى حلول وسط تهدئ المشهد على الأرض، وتفتح أفقاً جديداً لوقف نزف الدم.

هل يمكن أن تفلح أو تنجح مهلة الخمسين يوماً؟

غالب الظن، أن من يريد لها أن تنجح أكثر من الآخر، هو ترمب نفسه، لسببين رئيسيين:

أولاً: وهو سبب شخصي، فالرجل تسيطر عليه أحلام صانع السلام الأممي، ولا يواري رغبته في الحصول على جائزة نوبل للسلام، وحتى قبل أن يغازله بخطاب ترشيحه لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعليه فإن أي صراع عسكري، أو توسع في حروب كبرى، حكماً سيقطع طريقه للجائزة الهدف.

ثانياً: يدرك ترمب تمام الإدراك أن بوتين ليس خصمه اللدود، وإنما الرئيس الصيني شي جينبينغ، رجل «الحزام والطريق»، والساعي للسيطرة على مواني العالم، وتحييد أميركا لوجيستياً، وعليه فإن أي صراع مع روسيا، سيعزز التحالف بين موسكو وبكين، وهو ما لا يريده أو يتمناه الأميركيون، بل يعملون صباح مساء كل يوم لوضع العصا في دواليب العلاقات المتنامية بين الطرفين.

تبدو الإشكالية الحقيقية بين ترمب وبوتين، في أن الأول رجل أعمال، وينظر للمشهد الروسي - الأوكراني بعين صانع الصفقات، وجل أمله هو في صفقة سلام وتهدئة، ولو مؤقتة، بينما بوتين، كولونيل «الكي جي بي» المتمرس في مؤامرات التاريخ، لا يزال ينظر لأوكرانيا بعين المظلوميات السوفياتية المتداعية.

خمسينية ترمب لن تغير على الأرجح مسار الحرب كلياً، لكنها قد تبطئ من زخم روسيا في الصراع، وتفتح مجالاً حقيقياً للتهدئة ثم نهاية الحرب، على أمل التوصل إلى اتفاق ينزع فتيل حرب كونية ممكنة.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب ــ بوتين فسحة الأمل الخمسينية ترمب ــ بوتين فسحة الأمل الخمسينية



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib