زيادة الحديث عن يزيد وغيره

زيادة الحديث عن يزيد وغيره

المغرب اليوم -

زيادة الحديث عن يزيد وغيره

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

القنبلة التي فجّرها المرشد الإيراني علي خامنئي، بتصوير نفسه ومعسكره وحرسه الثوري والجماعات المرتبطة به في العراق ولبنان واليمن، بأنه تجسيد للحسين بن علي أو الحسينية، وخصومه كلهم تجسيد ليزيد بن معاوية أو اليزيدية؛ هي قنبلة فكرية، قبل أن تكون سياسية إعلامية.

قنبلة فكرية؛ لأنها تبعثر كل المقولات القارّة الساكنة حول رؤيتنا لتاريخنا العربي والإسلامي، من الطرفين الشيعي والسنّي، فلو دخلنا قليلاً أو كثيراً في التفاصيل، لوجدنا حركة وديناميكية، وحيوية، ومفاجآت مدهشة.

قبل أن نذكر طرفاً منها، يحسن الإشارة لهذه المفارقة، وهي أن التاريخ هو علم وإعلام؛ علمٌ يقوم على مناهج بحث تاريخية متنوعة، من اليمين لليسار، مروراً بالوسط، وهناك «مدارس» تاريخية علمية، وهناك المؤرخون القدامى الكلاسيكيون، وهناك المؤرخون أصحاب المناهج الحديثة في العالم العربي، ولعل من روادهم في القرن العشرين، المصري شفيق غربال والعراقي عبد العزيز الدوري، وأنا أضع معهما، بل أعمق منهما، وإن كان أتى بعدهما زمنياً، التونسي هشام جعيّط، صاحب كتاب «الفتنة»، وغيره.

والتاريخ إعلامٌ؛ لأنه في شكله الأوليّ سرد أخبار وحكاية روايات و«سِيَر»، لكن شكله الأخطر و«اللاعلمي» هو الشكل المقدّس الذي يدخل في عِداد التكوين الديني، وهذا بالضبط ما يقدّمه النمط الشيعي، أو الخارجي، لكن حديثنا عن الشيعي هنا بكل ألوانه من إمامية وزيدية وإسماعيلية، نحن هنا أمام سردية مقدّسة هي جزءٌ من بِنية العقيدة نفسها، فما جرى من خلافات سياسية في الصدر الأول من تاريخ المسلمين، هو قطعة أصيلة من التأسيس الديني للإنسان؛ لأن مبحث «الإمامة» في العقائديات الشيعية، من الأساسيات وليس الكماليات؛ أي لا يصحّ الدين إلا باعتقادها.

هناك لمحات نادرة في التواريخ القديمة عندنا بها أثارة من موضوعية في النظر التاريخي حول شخصية يزيد بن معاوية، ومن ذلك المؤرخ المتأمل الكبير ابن خلدون، حين ذكر في مقدّمته عن أخذ معاوية ولاية العهد لابنه يزيد: «إن الذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه، إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس واتفاق أهوائهم، باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذٍ من بني أمية؛ إذ بنو أمية يومئذ لا يرضون سواهم، وهم عصابة قريش، وأهل الملة أجمع، وأهل الغلب منهم، فآثره بذلك دون غيره ممن يُظن أنه أولى بها، وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصاً على الاتفاق واجتماع الأهواء».

هذه الفترة القصيرة التي وُلّي فيها يزيد الحكم من سنة 61هـ لوفاته 64هـ، فترة خصبة تأسيسية ما زالت آثارها لليوم.

فترة يزيد، التي شملت حوادث: كربلاء. الحرّة. بداية ابن الزبير، وقبلها الفتنة الأولى - زمن يزيد أسمته الباحثة التونسية بثينة بن حسين تسمية ذكية: «الفتنة الثانية» - تستحق درساً علمياً وليس شحناً دينياً أو مروراً سلبياً عليها على طريقة: كفّ اللسان عما شجر بينهم!

نحتاج للعلم أولاً، وآخراً؛ هو الشفاء من الحقد... أو الدروشة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيادة الحديث عن يزيد وغيره زيادة الحديث عن يزيد وغيره



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib