برغوثي وبني أميّة والمِراضُ من الصِّحاحِ

برغوثي وبني أميّة والمِراضُ من الصِّحاحِ

المغرب اليوم -

برغوثي وبني أميّة والمِراضُ من الصِّحاحِ

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

في معرض الكتاب الحالي ببغداد، أتحف الشاعر الفلسطيني تميم برغوثي، الحضور بقصيدة سالت فيها المشاعر عن الحسين وزينب والعراق... وبني أمية طبعاً.

جاء في القصيدة التي أثارت الجدل:

إن العراق حسينٌ آخِرَ الأبدِ

ودهره أمويٌ ما له شرفُ

حاول البرغوثي تسويغ ذلك بأن ما قِيل ليس رأيه بل رأي شخصية زينب في القصيدة.

لكن في ظنّي لو كان غيرُ تميمٍ قالها لقُبل التفسير، لكنَّ الرجل معروفٌ بميوله السياسية وذائقته الثورية الجامحة.

ثم إن هجاء معاوية وبني أمية عامّة، تقليدٌ ثوري سواء من اليسار أو «الإخوان» ومتفرّعاتهم، طبعاً قبل ذلك كله من الأدب الشيعي عبر العصور.

دَعْنَا من هجاء المدوّنة الشيعية، منذ «نهج البلاغة» وشرحها، حتى اليوم، فهذا يندرج تحت عنوان الصراع الطائفي الديني. نتحدث عن الهجائيات من داخل القبّة السنّية، فالعلماني منها يندرج تحت راية يسارية ثورية، والثاني تحت راية إخوانية أو إسلاموية ثورية بشكل عام.

سيّد قطب، أشهر رماحه ضد بني أمية، بخاصة في كتابه «العدالة الاجتماعية» في طبعته الأولى غير «المنقّحة» وصبّ غضبه على الخليفة الأموي عثمان بن عفّان، وقال عن بني أمية كلهم، بعدما اتهم معاوية بالجاهلية الأولى: «أميّة بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبها، وما كان الإسلام إلا رداءً تخلعه وتلبسه حسب المصالح والملابسات».

الجدل حول شخصية معاوية، قديم متجدّد، لذلك صار الموقفُ منه معياراً من معايير الحكم على الآخرين.

عبد الله بن المبارك، وهو من رموز أهل السنّة في بواكير العصر العبّاسي، نُقل عنه القول: «معاوية عندنا مِحنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزراً، اتهمناه على القوم، أي: الصحابة».

أحمد بن حنبل، وهو رمز السنّة الأول، عراقيٌّ بغداديٌّ من أسرة ناصرت الدعوة العباسية، انتقد من يطعن في معاوية قائلاً: «هذا قول سوءٍ رديء، يُجانب هؤلاء القوم، لا يُجالسون، ونبيّن أمرهم للناس».

وقال الذهبي المؤرخ الدمشقي الشهير: «ملكُ الإسلام».

هؤلاء كلّهم لم يكونوا من علماء السلطان، كما يُقال، وكلهم أيَّدوا موقف الحسين ضد يزيد، لكنهم انتبهوا لخطورة الطعن في شرعية الدولة الأموية، فهي الدولة التي كرّست الحضارة الإسلامية، ومدّت شراع الدولة في مشارق الأرض ومغاربها، ودشّنت الهوية العربية الإسلامية (عبد الملك أول من سكّ العملة الإسلامية مثلاً).

الحقيقة أن هجاء بني أمية في المطلق -وتزكيتهم في المطلق- نوعٌ من الصِّبيانية العلمية والقراءة التاريخية الشعبوية.

أخيراً نقف مع ومضات من تحفة جرير حين وفد على عبد الملك بن مروان:

أَتَصحو بل فُؤادُكَ غيرُ صاحِ

عَشِيَّةَ هَمَّ صحبُكَ بِالرَواحِ

وخالِدته في مدح الأمويين:

أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا

وأندى العالمينَ بُطونَ راحِ؟!

وهذا البيتُ المِعياريُ الفاصل:

رأى الناسُ البصيرَةَ فاستقاموا

وبَيَّنَتِ المِراضُ من الصِّحاحِ

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برغوثي وبني أميّة والمِراضُ من الصِّحاحِ برغوثي وبني أميّة والمِراضُ من الصِّحاحِ



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib