المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير

المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير

المغرب اليوم -

المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

من أجمل وأعمق وأبقى ما تصنعه المؤسسات الثقافية، الخاصة والعامّة، هو تأبيد وتخليد الرموز الثقافية والعلامات الفكرية من خلال إعادة التذكير بهم، والاحتفاء بأعمالهم، وتدبّرها وتفكّرها، ووصل الأجيال الجديدة بها.

الأديب والصحافي والمفكّر والفنّان والرحّالة اللبناني، أمين الريحاني، من ألمع المفكرين والكتّاب العرب في النصف الأول من القرن الماضي، رجلٌ اجتمعت في شخصيته ألوانٌ غنيّة، من المحقّق الصحافي إلى الناشط السياسي إلى الشغف بالمعرفة والانعتاق من القيود الدينية والمذهبية والعرقية والوطنية، بل معانقة العالم، كلّ العالم، رغم أنه ينطوي على ضميرٍ عربي حرٍّ تقدّمي.

الأربعاء الماضي، أُقيم احتفالٌ في مدينة الرياض بمناسبة مرور مائة عام على صدور كتابه «ملوك العرب» الذي يتناول رحلته إلى الجزيرة العربية بين عامي 1922 و1924، أقامته دارة الملك عبد العزيز التاريخية، وقد حضرتُ الحفلَ والندوات العلمية المصاحبة في مقرّ مركز الملك عبد العزيز للمحاضرات، في الموقع التاريخي العريق بالرياض، بالقرب من قصر المربّع العتيد في قلب الرياض.

كانت الاحتفالية رائقة راقية، تليق بهذا المفكر والرحّالة اللبناني العربي الأميركي العظيم، الرجل الذي آلى على نفسه أن يقلّب أوراق الشرق وينقّب في شمس الشرق عن منبع النور.

رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، د. الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، ألقى كلمة بهذه الاحتفالية جاء فيها:

«الجزيرة العربية كانت تتوجّس من الآخر، وتنظر له نظرة شك، إلا أن الملك عبد العزيز بحكمته، تبنّى نهجاً منفتحاً ومرحباً بالجميع، إيماناً منه بأن معايشة القيم الإسلامية والعربية الأصيلة من شأنها تغيير المفاهيم وكسر الحواجز وعبور المسافات».

لكن من أهمّ ما لفت الريحاني في شخصية الملك عبد العزيز كما جاء في الكلمة: «هو اهتمام الملك عبد العزيز بالتاريخ والصحافة وتجارب الأمم الأخرى». كذلك أشار الأمير فيصل إلى ملاحظة جديرة بالتأمل فيها والانطلاق منها، وهي كيف كان الملك عبد العزيز يترجم عملياً هذا الاهتمام بعمل المؤرخ، ويعي قيمته، من خلال معاونة الملك عبد العزيز للريحاني في إنجاز عمله التاريخي عن الدولة السعودية والمجتمع السعودي كذلك، معاونة شملت الجانب المادّي واللوجيستي والضيافة الكريمة، والأهمّ هو إتاحة المعلومات والبيانات للباحث، دون تدخّلٍ في عمله وتوجيه لمساره، بل «يُترك» الباحث وضميره وأصوله المهنية وقواعده العلمية... هنا تصبح النتيجة أجمل وأصدق وأبقى.

قيمة هذه الملاحظة من كونها آتية من رئيس مؤسسة الدارة، التي هي القيّمة على خزائن التاريخ السعودي ووثائقه، وهي المنارة العلمية الأعلى في ميدان التاريخ السعودي.

نعم، التاريخ هو نبع العلوم، ووالدها، الأب الأكبر، لذلك لا غرابة في احتضانه وكرمه وثقته بالباحثين، أبناء التاريخ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib