متى «كاليدونيا» الفلسطينية

متى... «كاليدونيا» الفلسطينية؟

المغرب اليوم -

متى «كاليدونيا» الفلسطينية

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

إذا كانت فرنسا، المُحتفِلُ شعبُها أول من أمس بيوم عيدها الوطني، تستطيع التوصل إلى اتفاق استقلال مع شعب يسكن أرض أجداده البعيدة عنها آلاف الأميال، والمنتمي إلى أعراق تختلف كُلياً عن فرنسيي ثورة اقتحام «الباستيل» عام 1789، أفلا يجوز التساؤل عن سر عجز زعماء إسرائيل، قدمائهم الأموات، كمعظم الأحياء منهم، عن الاتفاق مع الشعب الفلسطيني، فتنهض دولة فلسطين المستقلة، مثلما جرى السبت الماضي، إعلان استقلال «كاليدونيا الجديدة»، الذي منح أهلها حق إنشاء دولة تتمتع بحكم ذاتي ضمن جمهورية فرنسا ذاتها؟ بلى، جائز لكل امرئ يتوق إلى رؤية الشعبين، الفلسطيني والإسرائيلي، يعيشان بسلام، ويتطلع إلى توقف تدفق أنهار الدماء، أن يسوق هذا التساؤل الآن، رغم أنه طُرِح من قبل مراراً، وحتى لو أن الجواب واضح ومعروف لكل متابع، وذي دراية، بعمق تشابكات صراع فاق، أو كاد، في تعقيداته، صراعات الدنيا كلها.

ثمة أكثر من مبرر لأن يُعاد طرح السؤال اليوم، وبإلحاح أشد مما مضى، بعدما أنزلت حرب «طوفان الأقصى» من الأهوال على الجانبين، رغم الفارق الساطع، والبون الشاسع، بين الذي نزل بقطاع غزة، ومعظم الضفة الغربية، من فواجع ودمار، وبين خسائر الإسرائيليين غير المسبوقة هي أيضاً، في سابق حروب الدولة العبرية كلها، إنْ لجهة عدد القتلى، أو من حيث حجم الاختراق الأمني، ثم التأثير المُجتمعي المُترتب على زلزال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023. رُبَّ سائل باستغراب: لماذا اقتصار التساؤل عن العجز في الجانب الإسرائيلي، ألم يعجز قادة الفصائل الفلسطينية كذلك عن تحقيق الهدف ذاته؟ الجواب الصحيح عن هكذا تساؤل هو التالي: نعم الفشل موجود أيضاً في الجانب الفلسطيني، إنما عند التدقيق في التفاصيل سوف يتضح لأي باحث مستقل، أن مسؤولية الطرف الإسرائيلي تفوق المقابلة لها فلسطينياً بأضعاف مضاعفة.

هناك أكثر من سبب يبرر تحميل الجانب الإسرائيلي النصيب الأكبر من مسؤولية ذلك الفشل. يكفي، مثلاً، التذكير بحقيقة أن ذراع إسرائيل الضاربة كانت خلال ثماني سنوات من تأسيسها عام 1948، قد بلغت من القوة حد القدرة على أن تشكل الضلع الثالث مع بريطانيا وفرنسا في مثلث العدوان الثلاثي ضد مصر عام 1956، الذي وُثق تاريخياً باسم «حرب السويس»، والذي أمكنها خلاله احتلال قطاع غزة، بعدما احتل جيشها معظم سيناء وتوقف عند مشارف قناة السويس. إن إسرائيل، التي بتلك القوة آنذاك، كان بوسعها، بعدما أجبرها الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور على الانسحاب من كل الأراضي التي احتلتها، أن يقرر زعماؤها وقف مخططاتهم التوسعية، والبدء بالتفكير جدياً في سلام شامل مع الفلسطينيين والعرب. لكن الذي حصل هو العكس تماماً، فعقلية التوسع الاستيطاني ظلت هي المسيطرة، ولا تزال.

يبقى القول إن عالَماً يشهد ولادة متيسرة جداً، لدولة «كاليدونيا الجديدة»، بموجب اتفاق بين طرفين تفصل بينهما آلاف الأميال، كان بوسعه، ولم يزل، فرض قيام دولة الفلسطينيين على جزء من أرض أجدادهم فرضاً. لقد قيل دائماً: إذا وُجدت الإرادة فُتحت كل الطرق أمامها... فمتى تزول العوائق التي تعترضها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى «كاليدونيا» الفلسطينية متى «كاليدونيا» الفلسطينية



GMT 23:56 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

ما كان لازم

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

هل يمكن تجديد العقل المُنتهي؟

GMT 23:54 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

المرأة والكرة... نتنياهو والدولة

GMT 23:53 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

مبادرة عربية أخرى!

GMT 23:51 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الدولة الفلسطينية و«القنبلة النووية» الفرنسية

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الحَوَل سياسي أيضًا

GMT 23:47 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الوطنية والمعارضة وما بينهما

إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:18 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة بايرن ميونخ في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:13 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

بوروسيا دورتموند يعلن تعاقده مع جوبي بيلينجهام

GMT 03:07 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة أتلتيكو مدريد في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

رد حاسم من ممثلي تير شتيجن حول مستقبله مع برشلونة

GMT 15:07 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

فائدة غير متوقعة لـ"3 قطع شكولاتة شهريا"

GMT 13:07 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار النفط والأمل معقود على الصين

GMT 19:38 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إعفاء الكاتب العام لرئاسة الحكومة المغربية من منصبه
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib