دروس مجزرة النصيرات

دروس مجزرة النصيرات

المغرب اليوم -

دروس مجزرة النصيرات

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة، وقادة جيشه قد قتلوا وأصابوا أكثر من ٦٠٠ فلسطينى ودمروا مربعات سكنية كاملة فى مخيم النصيرات بغزة الأسبوع الماضى من أجل إطلاق سراح ٤ أسرى محتجزين فى يد المقاومة الفلسطينية، فمعنى ذلك أنهم لن يتورعوا عن قتل كامل الشعب الفلسطينى لتخليص بقية الأسرى وعددهم حوالى ١٣٠ أسيرا.

بلغة الحسابات فإن نتنياهو مستعد لقتل وإصابة ٥٠ فلسطينيا مقابل كل أسير على الأقل.
وطبقا لهذا المنطق فعلينا ألا نستغرب إذا استمر العدوان الإسرائيلى بصور مختلفة مادام يتخلص كل يوم من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.
الموقف المصرى الصلب ــ حتى الآن ــ أفشل وأجهض المخطط الإسرائيلى الأصلى الهادف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ولكن يبدو أن قادة دولة الاحتلال قرروا أن يقتلوا أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين لدرجة أن عدد القتلى والمصابين يبلغ أكثر من ٥٪ من عدد سكان قطاع غزة حتى الآن.
المنطق الإسرائيلى شديد الخطورة وينبغى دراسته بهدوء وتروٍّ لأنه يكشف لنا من دون مساحيق جوهر الفكر الصهيونى وكيف يتعامل مع العرب.
ما قبل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام ١٩٧٩، وما تلاها من اتفاقيات أوسلو ١٩٩٣ مع الفلسطينيين و«وادى عربة» مع الأردنيين عام ١٩٩٤، ثم العلاقات الرسمية مع البحرين والإمارات والسودان والمغرب بعد عام 2020، كان العرب يدركون بوضوح جوهر المشروع الصهيونى، لكن الأجيال الجديدة وفى غمرة التعتيم الإعلامى الممنهج عربيا نسيت حقيقة هذا الاحتلال وتصورت أن إسرائيل دولة ديمقراطية علمانية متحررة تؤمن فعلا بالحريات وحقوق الإنسان.
العدوان الإسرائيلى المستمر منذ ٧ أكتوبر كارثى ومأساوى لكنه لا يخلو من فوائد أهمها أنه فضح جوهر السياسات الإسرائيلية للأجيال العربية الجديدة، بل وللشباب فى معظم بلدان العالم خصوصا طلاب الجامعات الكبرى فى الغرب، وبالأخص فى الولايات المتحدة، التى انتفض طلابها ــ وفيهم بعض اليهود ــ ضد البربرية الإسرائيلية بحق سكان غزة.
مرة أخرى ما ارتكبته إسرائيل من مجازر متنوعة ضد الشعب الفلسطينى وآخرها فى مخيم النصيرات بغزة يكشف لنا أن الرهان على إمكانية إقامة علاقات سلام مع هذا الكيان ضرب من الأمل الكاذب والسراب الخادع.
نتمنى أن تعترف إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، لكن واقع الحال يؤكد كل لحظة أن هذه الحكومة التى تحظى بدعم أكثر من ٥٠٪ من الشعب الإسرائيلى تنكر على الفلسطينيين، ليس فقط الحق فى إقامة دولتهم المستقلة، بل الحق فى الحياة نفسها.
أحد قادة هذه الحكومة وهو المتطرف بتسلئيل سموتريتس وزير المالية ورئيس حزب «الصهيونية الدينية» نشر دراسة مهمة قبل سنة كاملة، وقبل أربعة شهور من عملية «طوفان الأقصى»، خير فيها الفلسطينيين فى الضفة والقطاع بين ثلاثة خيارات لا رابع لها، وهى إما أن يقبلوا العيش كمواطنين درجة ثانية فى دولة إسرائيل الكبرى من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، أو يرحلوا تماما خارجها، أو يتم قتلهم إذا أصروا على المقاومة.
أهمية هذه الدراسة التى نشرت أكثر من مرة آخرها فى يونيو ٢٠٢٣ أنها تكشف بوضوح أن الأهداف الصهيونية واضحة، وأنها لم تكن فى حاجة إلى عملية «طوفان الأقصى» لكى تقوم بهذا العدوان البربرى الوحشى.
لو جاز لى أن أقترح على المفاوض العربى أن يسأل الإسرائيليين سؤالا مفتاحيا أساسيا وهو: هل تؤمنون بأن الفلسطينى والعربى يستحق الحياة مثل الإسرائيلى؟ وهل هذا العربى من «الأغيار» له نفس المكانة الإنسانية التى تنظرون بها للإسرائيلى؟
هذه أسئلة شديدة الأهمية لأنه إذا كان غالبية الإسرائيليين يرون أن «العربى الميت هو العربى الجيد» وأن الفلسطينيين «حيوانات بشرية»، كما قال وزير دفاعهم يوآف جالانت، أو ينبغى محوهم من الأرض بالقنبلة النووية كما قال أميحاى إلياهو وزير تراثهم، وإذا كانت كل الأحزاب والقوى الإسرائيلية الصهيونية تعارض علنا إقامة دولة فلسطينية، فالسؤال البديهى هو: كيف يمكن أن نضع أيدينا فى أيدى هؤلاء القتلة الساديين، كيف نأمن على أيدينا؟! ليعترفوا أولا أننا بشر متساوون فى الحقوق والواجبات وبعدها يمكننا أن نناقش أى شىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس مجزرة النصيرات دروس مجزرة النصيرات



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib