«رحلة الصيد الجديدة»

«رحلة الصيد الجديدة»

المغرب اليوم -

«رحلة الصيد الجديدة»

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

هل قرار أى فرد أو شركة أو حكومة ببيع جزء من أصولها الاقتصادية قرار خاطئ أو خطير أم أنه قرار عادى، أم أن الأمر نسبى وتقييمه يتوقف على عوامل كثيرة متشابكة؟
مبدئيا أن تقوم أى شركة أو حكومة ببيع بعض أصولها فهو أمر صار عاديا جدا فى السنوات الأخيرة، وطالما أنك لديك بورصة وبها شركات مدرجة ولها أسهم قابلة للبيع والشراء، فإن من حق أى شخص أو شركة أو دولة أن يشترى ما يشاء من أسهم فى حدود القانون.
المشترون يختارون الوقت المناسب أى حينما تنخفض الأسهم، والبائعون يكونون مضطرون غالبا.
شراء الأصول موجود عالميا منذ سنوات طويلة، لكن الجديد الآن هو الفوائض المالية الهائلة لدى البلدان النفطية بعد طفرة أسعار البترول عقب الغزو الروسى لأوكرانيا فى ٢٤ فبراير الماضى.
نتذكر أنه عندما تبخرت السيولة المالية من الأسواق العالمية بعد الأزمة الشهيرة عام ٢٠٠٨، فإن الشركات الخليجية بدأت تشترى كل ما تستطيعه من حصص فى شركات عالمية كبرى مثل بنك «سيتى جروب» إلى أندية عالمية كبرى مثل «مانشستر سيتى»، ومتجر «هارودز».
وبعد أن قفز سعر برميل البترول لما فوق مائة دولار لأكثر من خمسة شهور متتالية، فقد بدأت هذه الدول «رحلة صيد جديدة» من أجل اقتناص الكثير من الأصول خصوصا فى الدول والشركات والأسواق التى تحتاج لسيولة مالية.
تعبير «رحلة الصيد» الجديدة ليس من اختراعى، بل ورد فى تقرير مهم لوكالة بلومبرج الأمريكية قبل أيام، ويشير إلى أن الصناديق السيادية فى المنطقة تضخ مليارات الدولارات فى الأسواق العالمية وتلعب دور الممول الأخير للشركات فى سوق متقلبة.
بعد الأزمة العالمية عام ٢٠٠٨ مباشرة فإن المال الرخيص لم يجعل الشركات العالمية والإقليمية بحاجة لتدفقات الخليج، لكن مع نقص التمويل الآن بدأت الحاجة تعود مرة أخرى لهذه التدفقات.
ضخ الاستثمارات أو صفقات الدمج والاستحواذ وشراء الأصول ظاهرة عالمية، حسب تقرير بلومبرج المنشور فى ٢٧ يوليو الماضى حيث يقول نصا إن «المصرفيين من نيويورك إلى لندن وسنغافورة يلتمسون الأموال الخليجية لإبرام صفقات فى جميع أنحاء العالم». وأن بنك استثمارى أمريكى يروج لأحد أكبر مديرى الأموال فى المنطقة للاستثمار فى صفقة بقيمة ٢٠ مليار دولار.
طبقا للتقرير أيضا فإن أكبر الصناديق السيادية فى المنطقة شاركت فى عمليات استحواذ بقيمة ٦ و٢٨ مليار دولار، خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الجارى بزيادة ٥٪ مقارنة بنفس الفترة فى العام الماضى.
البيانات تقول إن الصناديق الخليجية تسعى وتتفاوض للاستحواذ على كل شىء ابتداء من مجموعة «فور ترس انفستمنت جروب» فى نيويورك إلى حصص فى «كلارنا» عملاقة صناعة «اشتد الآن وادفع لاحقا»، وكذلك شركة صناعة السيارات البريطانية «استون مارتن».
التغير الجوهرى هو أن هناك فوائض مالية هائلة كبرى لدى صناديق الثروة السيادية الخليجية يقابلها حاجة ماسة للسيولة المالية فى البلدان غير النفطية، وبالتالى، تصبح الصفقات مربحة جدا لمن يملك الدولارات الآن، وسيئة جدا لمن لا يملكها. ثم إن هذه الصناديق طبقا للخبراء الدوليين أصبحت أكثر تطورا فى استراتيجيتها الاستثمارية بحيث إنها تركز على المشروعات غير النفطية.
تقرير بلومبرج يلفت النظر إلى أن صندوق «مبادلة» الإماراتى وافق على شراء شركة الشحن الطبية السويدية «اتفاير ويتنر» ويحاول الاستحواذ على شركة «كلارنا» بعد أن انخفضت قيمتها من ٤٥٫٦ مليار دولار العام الماضى إلى ٦٫٧ مليار دولار فقط الآن. نفس المجموعة الإماراتية تسعى للاستثمار بقيمة ٤٫٤ مليار دولار فى شركة فودافون البريطانية، فى حين يسعى جهاز أبوظبى للاستثمار إلى شراء شركة قطارات ألمانية بقيمة ٧٫٤ مليار دولار.
إذن العالم كله يعرف صفقات ضخ الاستثمارات والدمج والاستحواذ وشراء الأصول. وطبقا لتقرير «ارنست اند يونج» فإن هذه الصفقات فى منطقة الشرق الأوسط فى النصف الأول من هذا العام بلغت ٣٥٩ صفقة بقيمة ٤٢٫٦ مليار دولار نصيب مصر منها ٦٥ صفقة بقيمة ٣٫٢ مليار دولار. والسؤال: هو كيف نقيّم هذه الصفقات وهل هى مفيدة أم مضرة، وهل هى شراء من قطاع خاص لقطاع خاص أم لشركات مملوكة للدول، وهل يمكن للبائعين اختيار توقيت أفضل للبيع وبأسعار أفضل، أم أن الحاجة وقواعد السوق هى الغالبة؟!
الإجابة لاحقا إن شاء الله.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رحلة الصيد الجديدة» «رحلة الصيد الجديدة»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib