المواجهة أسئلة تبحث عن إجابات

المواجهة... أسئلة تبحث عن إجابات!

المغرب اليوم -

المواجهة أسئلة تبحث عن إجابات

حسين شبكشي
بقلم - حسين شبكشي

مع الضربات الأولى التي وجهتها إسرائيل ضد القيادات الإيرانية وبعض المواقع الاستراتيجية المهمة والمؤثرة، انفتحت التحليلات التي تحاول فهم أبعاد الخطوة، وتبعاتها المتوقعة. مبدئياً من الواضح جداً أن هذه الخطوة اتخذها نتنياهو لإبقاء الحرب قائمة، وتوسيع رقعة العنف الدموي لصالحه الشخصي، ولإبقائه بعيداً عن قبضة العدالة، وسجنه المتوقع بتهمة الفساد، وإيداعه خلف القضبان، وهناك أيضاً سبب آخر هو استمرار تسويق فكرة إسرائيل الضعيفة المستهدفة، واستغلال ذلك لصالحها في أروقة صناعة القرار في الغرب عموماً، وفي الولايات المتحدة الأميركية تحديداً. وهذا لم يمنع إعادة طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد مجدداً، منطقة سيعاد تقسيمها على أسس مذهبية ودينية وعرقية بامتياز، وجميعها تقر بالسلام مع إسرائيل.

شرق أوسط جديد بشروط إسرائيل. اللوبي الإسرائيلي واصل ضغطه الشديد جداً على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتدخل السريع لصالح إسرائيل. ولكن قرار التدخل العسكري أحدث شرخاً لا يمكن إغفاله داخل الكتلة الصلبة المؤيدة للرئيس الأميركي، تلك الكتلة المعروفة باسم «ماغا»، هناك فريق في هذه الكتلة يؤمن إيماناً تاماً بفكرة «أميركا أولاً»، وعدم الخوض في حروب خارجية، خصوصاً إذا كانت لصالح دولة أخرى.

وهناك الفكر التقليدي الذي يعتبر الدفاع عن إسرائيل هو شيء لا يمكن التشكيك فيه. الرئيس دونالد ترمب قرر القيام بضربة جراحية محددة بأقل قدر من الخسائر البشرية، وعلى مواقع بعينها، وبالتالي هي ليست إعلان حرب على إيران، وتحقق هدف إعانة ودعم إسرائيل، ولكنها تعيد الكرة، بحسب اعتقاد ترمب، إلى إيران لاتخاذ الخطوة التالية المناسبة. ترمب بحاجة ماسة لإنهاء الحرب بسرعة، لأن إطالة مداها سيضع ثقلاً هائلاً على الاقتصاد، ويرفع التضخم، ويجعل فكرة خفض الفائدة التي يطالب بها ترمب مسألة شبه مستحيلة.

دعم إسرائيل لم تعد تكلفته السياسية أميركياً كما كانت في السابق، ولم تعد مسألة دعمها أشبه بشيك مفتوح على بياض، هناك موجات اعتراضية متزايدة ضد إسرائيل وسياساتها الإجرامية، وحربها الإبادية بحق الفلسطينيين، وخصوصاً في أوساط الأجيال الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية. إعلان الرئيس ترمب بعد الضربات العسكرية الأميركية على المواقع النووية الإيرانية، والذي قال فيه حرفياً إن العملية نجحت بشكل مذهل، وإنه بذلك قد تم القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وبقدر ما أسعد هذا الإعلان أنصار إسرائيل، إلا أنه يضع الآن واقعاً جديداً على إسرائيل عموماً، وعلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديداً، وهو: لماذا يستمر في الحرب على إيران بحجة إيقاف برنامجها النووي بعد إعلان حليفها الأهم النجاح في ذلك؟ والشواهد على استمرار مشروع أوديد يونان الإسرائيلي -والذي سبق تسريبه، وهو المتعلق بتفتيت العالم العربي- مستمرة. فبعد إعلان نتنياهو دعمه المطلق لبعض الأقليات في سوريا، ها هو «داعش» يظهر فجأة ويقوم بعملية إرهابية انتحارية داخل كنيسة في سوريا، وفي تجمع مسيحي كبير راح ضحيته الكثيرون من الأبرياء. وليس ذلك غريباً، فإسرائيل هي الداعم الأكبر لإقليم كردستان، ومطالبة بدولة مستقلة، والموساد - باعتراف رئيسه السابق- كان أكبر داعم للحراك المسلح في جنوب السودان حتى حصول انفصاله التام.

وتبقى الأسئلة قائمة ومفتوحة: هل هدف تغيير النظام في إيران -والذي لم يعد سراً وتم إعلانه في الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل- سيجعل المواجهة العسكرية تبعدنا عن إمكانية أي حل دبلوماسي؟ ومن سيكون على قائمة العدوان الإسرائيلي بعد إيران للإبقاء على بنيامين نتنياهو في الحكم لأنه لا يستطيع دفع ثمن السلام والبقاء في حالة اللاحرب؟ هل تستطيع كتلة ترمب دفع ثمن دعم إسرائيل المادي في ظل ظروف اقتصادية محلية في أميركا أقل ما يقال عنها إنها مملوءة بالتحديات؟ أسئلة مهمة بلا أجوبة. الضربة العسكرية التي وجهتها إسرائيل إلى إيران تمت لمصالح سياسية خاصة ببنيامين نتنياهو وزمرته، والآن مع مرور الوقت وتوسيع دائرة المشهد المضطرب تبقى مراقبة إمكانية التوسع في المواجهة، وثمن ذلك على العالم وتكلفته، محط الأنظار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواجهة أسئلة تبحث عن إجابات المواجهة أسئلة تبحث عن إجابات



GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

GMT 11:09 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل والغضب العالمي

GMT 11:08 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:05 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

ليفربول يقترب من التعاقد مع مهاجم جديد

GMT 16:25 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

مايكروسوفت تكشف خطتها بعد نهاية ويندوز 10
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib