لماذا تغيَّرت الصين ولا تتغير إيران
إحتراق ٥ جنود عسكريين داخل ناقلة جند إسرائيلية في قطاع غزّة زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب بحر أندامان دون أنباء عن أضرار في الهند بريطانيا تعلن إعداد خطة لإسقاط مساعدات إنسانية جواً إلى قطاع غزة المديرية العامة للدفاع المدني بغزة يحذر من توقف كامل لمركباتها مع اقتراب نفاذ الوقود الجيش اللبناني يعلن سقوط مسيّرة إسرائيلية مزوّدة بقنبلة يدوية في أطراف بلدة ميس الجبل جنوب البلاد إسرائيل تهدد بالسيطرة على سفينة حنظلة إذا واصلت طريقها نحو غزة وفاة زياد الرحباني عن عمر 69 عاماً ولبنان يودع رمزاً فنياً ترك بصمة خالدة في الموسيقى والمسرح السياسي حرائق غابات واسعة تضرب شمال الخليل في إسرائيل وتؤدي إلى إغلاق طرق رئيسية واستدعاء 14 فريق إطفاء و6 طائرات لمواجهتها فيضانات عنيفة تجتاح جامبيلا غرب إثيوبيا وتتسبب في أضرار واسعة لأكثر من 50 منزلاً وإجلاء السكان وسط ضعف البنية التحتية جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن عن إحباط محاولتين لشن هجومين في المنطقة الجنوبية من الضفة الغربية المحتلة
أخر الأخبار

لماذا تغيَّرت الصين ولا تتغير إيران؟

المغرب اليوم -

لماذا تغيَّرت الصين ولا تتغير إيران

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

لو تجاوزنا الفارقَ الهائلَ في الحجم الجغرافي والسياسي والاقتصادي، لأمكننا أن نسألَ التالي:

لماذا تحرَّرت الصين نسبياً من أسر الآيديولوجيا ونجحت في إعادةِ ابتكار نفسِها والتحول إلى قوةٍ اقتصادية وسياسية «بجسم رأسمالي ورأس شيوعي»، في حين تظلُّ إيرانُ غارقةً في جمود عقائدي يجعل التغييرَ الجوهريَّ محفوفاً بالمخاطر ومدخلاً أكيداً للانهيار؟

قدَّمت الصين، لقرونٍ طويلة، تجربةً براغماتية فذة عبر قدرتها على التكيف والتغيير، من دون أن تفقد قبضتها على السلطة المركزية القوية التي أعطت الأولوية دوماً للاستمرارية والبقاء. ولعلَّ الشعارَ الذي أطلقه الزعيم الصيني دينغ شياو بينغ بشأن إصلاحاتِه الاقتصادية عام 1978، مفتتحاً تجربة «إعادة تعريف» الشيوعية، ينطوي على خلاصة هذا النهج الذي اختصر شخصية الدولة في الصين. قال دينغ: «لا يهمُّ ما إذا كانت القطة سوداء أم بيضاء، طالما أنَّها تصطاد الفئران»، مطلقاً مساراً معقداً سمح للصين بتبني اقتصاد السوق مع الحفاظ على قبضة الحزب الشيوعي الحديدية على السلطة.

كما استفادت الصين على مر تاريخها من الإرث الكونفوشيوسي، الذي تؤكد قيمه الرئيسية على النظام والهرمية وأولوية الدولة، ما عزَّز ثقافةَ الحكم البراغماتي في الصين. سهلت هذه الخلفية الثقافية على قيادة الحزب الشيوعي الصيني تبرير الإصلاحات الاقتصادية بحكم الضرورة لبقاء الدولة، وصاغت تبنيها للرأسمالية كمجرد وسيلة لتحقيق الهدف الاشتراكي النهائي، وهو الازدهار للجميع.

في مقابل هذه الاستمرارية في شخصية الدولة في التجربة الصينية، نعثر في إيران على انقطاع واضطراب عميقين. لم تكن الثورة الإسلامية عام 1979 - 1978 مجردَ حدث سياسي كبير، بل كانت إعادة ترتيب عميقة للمجتمع الإيراني. فقد دمجت الخمينيةُ الدينيَّ والمذهبيَّ بالسياسي وألصقتهما بصمغ الحماس الثوري وبنظام سياسي يعرِّف الدولة كولاية إلهية، يَعدُّ أيَّ انحراف عن مسارها خيانةً للأولوهة نفسها. ولئن كانت الدولة في إيران ليست مجرد كيان سياسي؛ بل تجسيد أرضي لمضامين سماوية غيبية، بدَّد هذا التصور القدرة على توظيف المرونة البراغماتية كما فعلت الصين. فكل دعوة في إيران للإصلاح الاقتصادي أو الاجتماعي لا تُعد فقط خطراً سياسياً، بل أيضاً خطراً روحياً يرفع دعوات التغيير إلى مستوى الكفر.

وإذا صحَّ أنَّ السيطرة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تماثل في الظاهر سيطرة نظام ولاية الفقيه على المجتمع الإيراني، إلا أن هيكل إيران السياسي أكثر تعقيداً وهشاشة. فالمكونات الدينية للنظام في إيران تتعايش مع المكونات الجمهورية، والمكونات العسكريتارية وفق توازن دقيق، يجعل أي محاولة للإصلاح مغامرةً محفوفة بالمخاطر.

الأهم من ذلك أنه، وخلافاً للتجربة الإيرانية، وفر النجاح الاقتصادي الذي انتهت إليه التجربة الصينية، للحزب الشيوعي مصدراً جديداً للشرعية، وقدرة حاسمة على تحييد المعارضين وفرض نموذج متناقض، أي اقتصاد رأسمالي تحت حكم شيوعي، من دون الإخلال بالهوية الوطنية أو دفع أثمان باهظة جراء عدم النقاء العقائدي للنظام.

فإذا كانت كل من الصين وإيران ترتابان بالتهديدات الخارجية، فإن ردود أفعالهما اختلفت بشكل جذري. استخرجت الصين حصانتها ومكانتها من النمو الاقتصادي والتحديث العسكري وسائل لمواجهة النفوذ الأجنبي، ووظفت القومية والنجاح الاقتصادي لتوحيد البلاد من دون أي خشية من آثار التغيير الهيكلي العميق الذي تراكم منذ عام 1978. في المقابل، استخدمت القيادة الإيرانية فكرة التهديدات الخارجية، خصوصاً من الولايات المتحدة وحلفائها، ولا تزال كتبرير لموقفها الآيديولوجي الصارم المانع للتغيير، والمتوجس من أن يؤدي أي تعديل آيديولوجي إلى إضعاف قدرة إيران على مقاومة النفوذ الأجنبي وانهيار الدولة الثورية.

أثبتت الشيوعية الصينية أنها قابلة للتكيف، وقادرة على التطور استجابة للظروف المتغيرة مع الحفاظ على جوهر قوة الحزب الشيوعي. واستفادت من ثقل وزنها الاستراتيجي لبناء علاقات متوازنة مع خصومها عبر بناء الجسور والمحافظة على التمييز والتنافس في الوقت نفسه. أما الآيديولوجية الدينية الإيرانية، فهي متجذرة بعمق في هوية مضطربة للدولة، تعدُّ أن أي تغيير جوهري يهدد بتفكيك نسيج الثورة الإيرانية، مما قد يؤدي إلى انهيار النظام.

تجدر الملاحظة أن بدء التغيير في الصين تزامن مع ولادة الثورة الإيرانية عام 1978، وبعد حكم للحزب الشيوعي الصيني دام منذ خريف عام 1949. فهل ما زال أمام إيران الوقت لتغيير اتجاه الأمور؟ يبدو أن طريق الإصلاح، بالنسبة لإيران، ليس مجرد تحدٍ، بل تحدٍ وجودي، إذ إن بقاء النظام يعتمد على الحفاظ على نقائه الآيديولوجي، حتى مع ازدياد عزلته عن المجتمع الدولي وتبديده المستمر لإمكاناته الاقتصادية، وفي ظل افتقاره المريع للحدود الدنيا من القدرة على التكيف.

تبدو إيران اليوم أقرب إلى تجربة الاتحاد السوفياتي منها إلى الصين، كما يلاحظ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت. كما روسيا السوفياتية تعاني إيران الخمينية من التكلس العقائدي والفساد وانقطاع الصلة بالمجتمع، ومثلها قد تكتب نهايتها بنفسها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تغيَّرت الصين ولا تتغير إيران لماذا تغيَّرت الصين ولا تتغير إيران



GMT 16:14 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

الثنائي الخالد

GMT 16:13 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

مَا يخيفُ نتنياهو في غزة؟

GMT 16:11 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

من زمن السيوف إلى زمن الحروف

GMT 16:09 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

هولك هوغان... وتلك الأيّام

GMT 16:07 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

شفاه باسمة وقلوب مكلومة

GMT 16:05 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

سخونة أوروبية!!

GMT 16:03 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

رجل أضاء العالم!

GMT 13:32 2025 الجمعة ,25 تموز / يوليو

فنون الإبادة

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الأحد ,27 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
المغرب اليوم - روبيو يحدد

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:41 2022 الأحد ,20 شباط / فبراير

أبرز صيحات حفلات الزفاف في عام 2022

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

راديو "إينرجي" لا ننافس أحدًا ونستهدف جمهور الشباب

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي

GMT 18:27 2024 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

هجوم إلكتروني يعطّل مواقع البرلمان الإيراني

GMT 20:20 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

حقائب ونظارات من وحي دانة الطويرش

GMT 07:52 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

"جاك ما" أغنى رجل في الصين تم رفضه في 30 وظيفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib