هنري كيسنجر في مئويته حاجة عربية
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

هنري كيسنجر في مئويته... حاجة عربية

المغرب اليوم -

هنري كيسنجر في مئويته حاجة عربية

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

على أعتاب إتمام مئويته نهاية هذا الأسبوع لا يزال الرصيد السياسي والفكري لوزير الخارجية الأمريكية ومستشار الأمن القومي الأسبق هنري كيسنجر، مادةً شديدة الثراء للانقسام السياسي حول حياته المثيرة وأفكاره المعقدة وتأثيره الحاسم في صناعة موقع أميركا في السياسة الدولية، في لحظة انتقال الولايات المتحدة من قوة عالمية صاعدة، إلى زعيمة بلا منازع على المسرح الدولي.

روايته الشخصية هي رواية الحلم الأميركي نفسه. كيسنجر المولود في عام 1923، والناجي مع عائلته من أهوال ألمانيا النازية، والفتى المهاجر إلى أميركا في عام 1938، ثم ضابط المخابرات في الجيش في الحرب العالمية الثانية، وبعدها الباحث والمحاضر البارز في جامعة «هارفارد»، وصولاً إلى تسنمه أعلى مستويات صنع القرار في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، هو التجسيد الحي للعظمة الأميركية وبهاء نموذجها، الذي يتعرض اليوم لشتى صنوف التحديات.

تتسع هوّة الانقسام حوله كما لا تتسع حول شخصية أميركية أخرى. فهو المثقف «المثالي»، حسب عنوان كتاب المؤرخ البريطاني نيال فيرغسون، الذي يُفترض أن يكون مجلداً من ثلاثية تؤرخ لتحولات كيسنجر وظاهرته. يتناول فيرغسون في الجزء الأول المنشور عام 2015، كيسنجر الأكاديمي والمفكر وصولاً الى عام 1968، أي قبل أشهر قليلة على تعيين ريتشارد نيكسون له مستشاراً للأمن القومي عام 1969، مفتتحاً الفصل الأكثر إثارة في حياته وهو كيسنجر السياسي.

على المقلب الآخر، هو مجرم الحرب، الواقعي حتى انعدام حس العاطفة والأخلاق، حسب كارهيه، وأبرزهم كريستوفر هيتشنز الذي جعل من كتابه «محاكمة هنري كيسنجر» لائحة اتهام قاسية تشمل مسؤوليته الشخصية عن قصف كمبوديا في أثناء حرب فيتنام، ودعم الأنظمة الاستبدادية في تشيلي والأرجنتين، والتأييد الضمني لفظائع باكستان خلال حرب تحرير بنغلاديش. يقدم هيتشنز سردية مظلمة عن سيرة كيسنجر السياسية التي يصفها بأنها استراتيجية سياسية واقعية مدفوعة بالبراغماتية الباردة والمصالح الجيوسياسية، على حساب حقوق الإنسان والقيم الأميركية.

في الواقع، يسلط هذا الاختلاف الجذري حول إرث كيسنجر الضوء على إحدى المعضلات الدائمة للسياسة الدولية، وهي التوتر الدائم بين المبادئ المثالية ومعطيات الواقعية السياسية، أي بين متطلبات المصلحة الوطنية وبين مثل الديمقراطية وحق تقرير المصير وحقوق الإنسان.

وبانتظار استكمال ثلاثية فيرغسون، تقدم السيرة الكيسنجرية التي وضعها الباحث الدبلوماسي الأمريكي مارتن إنديك، في كتابه «هنري كيسنجر والقوة الأمريكية: سيرة ذاتية سياسية»، وجهة نظر متوازنة، تعترف بعبقرية كيسنجر السياسية والاستراتيجية ولا تقفز فوق إخفاقاته الأخلاقية والتسويات المُرّة التي عقدها بينه وبين نفسه، أي بين الأكاديمي المثالي وبين السياسي الحاذق.

ووفقًا لإنديك، فإن كيسنجر شخصية معقدة، عالقة في صلب هذا التوتر بين الواقعية السياسية والتطلعات إلى نظام دولي ليبرالي، ما يعني أن ما تختزنه تجربته العملاقة من تناقضات، ليست نابعة من مجرد عناصر فردية في شخصيته، بل هي تجسيد للتناقضات الأوسع التي تقوم عليها السياسة الدولية.

بهذا المعنى فإن الانقسام حول كيسنجر هو انقسام حول «معنى السياسة» نفسها، إن جاز لنا أن نلعب على عنوان رسالة الماجستير الخاصة به في جامعة هارفارد «معنى التاريخ»، أي الانقسام بين منظورين متضاربين حول السياسة الخارجية. فهل العالم مجرد رقعة شطرنج جيوسياسية تحتل عليها المصلحة الوطنية موقع الملك، مع كل ما تتطلبه هذه المقاربة من قرارات صعبة وغموض أخلاقي، أم العالم هو جنة موعودة لحقوق الإنسان والعدالة والقانون الدولي، ولو على حساب المكاسب الاستراتيجية؟

بمناسبة مئويته أجرت معه مجلة «ذي إيكونوميست» قبل أيام حديثاً مطولاً، حول أحوال العالم في لحظته الراهنة شديدة الاضطراب والغموض، كتأكيد على راهنية كيسنجر وراهنية ما يمثله من تناقضات، بعد أن بدت أفكاره لوهلة كأنها خارج الزمن، حين ساد الوهم بنهاية التاريخ وتسطيح العالم.

فالعالم المترابط والمضطرب، في آن، في ضوء صعود القوميات، وتنافس القوى الكبرى، والتغير التكنولوجي غير المسبوق، والأوبئة العالمية، يلحّ في طلب قيادات دولية تُحسن الموازنة بين البراغماتية والمثالية، تمامًا مثل كيسنجر نفسه، مع ما توفره هذه التجربة من تجارب ملهمة وخلاصات يجب تجنبها.

أما في ما يعنينا في العالم العربي وفي الشرق الأوسط، فإن «الكيسنجرية» بكل تناقضاتها، تمثل إرثاً حيوياً، ونحن نخوض غمار إعادة تأسيس نظام إقليمي أكثر سلماً واستقراراً، مع كل ما يحفّ بذلك من تحديات قيمية وأخلاقية معقدة.

فمن بين أهم الدروس التي يستخلصها فيرغسون من دراسته لسيرة كيسنجر المثقف، هو أن عملية صنع القرار الاستراتيجي تنطوي على الكثير من «التخمين»، والموازنة الصعبة بين التكاليف المحتملة على المدى القصير مقابل إمكانية تجنب كارثة مستقبلية كبيرة. يؤمن كيسنجر بأن الاستباق الناجح للكوارث الجيوسياسية لا يحظى غالباً بالتقدير المناسب، حيث يصعب على الناس التعبير عن امتنانهم للأزمات التي تم تجنبها. ويحذّر من أن البديل عن ذلك غالباً ما يكون اللاقرار والرهان على الحظ أو الأمل الزائف، الذي كانت له في المثال التاريخي لسياسة استرضاء الديمقراطيات الغربية تجاه هتلر في عام 1938، نتائج كارثية على العالم برمّته.

أما ثاني الدروس التي يستخلصها فيرغسون، فهو القانون الكيسنجري بأن امتحان السياسة الخارجية والجيوبوليتيك، غالباً ما يكون إتقان «اختيار أهون الشرور».

هل من لحظة عربية أكثر استدعاء لفهم هذه الدروس، وهل من راهنية أكثر وضوحاً لكيسنجر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هنري كيسنجر في مئويته حاجة عربية هنري كيسنجر في مئويته حاجة عربية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib