لماذا يحتاج السودان إلى نظام رئاسي
دموع الفرح بعد تسجيل السودان أول فوز لهم في كأس الأمم الأفريقية منذ عام 2012! وفاة مدرب فريق سيدات فالنسيا وأطفاله في حادث قارب بإندونيسيا كارولين ليفيت تصبح أول متحدثة باسم البيت الأبيض تعلن حملها أثناء تولي المنصب وفاة الممثلة الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو مؤسسة أشهر منظمات الرفق بالحيوان الاتحاد الأوروبي يدعو لاحترام وحدة وسيادة جمهورية الصومال بعد إعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم أرض الصومال ئيس الوزراء الصومالي يدين إعلان رئيس والزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة تفاقُم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة مع غرق مئات من خيام النازحين وسط اشتداد تأثير المنخفض الجوي وفاة المخرج والممثل عمر بيومي تاركاً خلفه إرثاً فنياً ممتداً في عالم السينما المصرية مجلس الأمن الدولي يعقد إجتماعاً عاجلاً لمناقشة اعتراف إسرائيل بـ "أرض الصومال" مرسيدس-بنز تدفع 102 مليون يورو لإنهاء نزاع انبعاثات الديزل في أمريكا
أخر الأخبار

لماذا يحتاج السودان إلى نظام رئاسي؟

المغرب اليوم -

لماذا يحتاج السودان إلى نظام رئاسي

عثمان ميرغني
بقلم: عثمان ميرغني

على مدى عقود، عانى السودان من أزمة حكم مستفحلة، تراكمت عليه خلالها المشاكل نتيجة عدم الاستقرار ومتوالية الحكومات الديمقراطية التي لا تعمر، فتسقطها أنظمة عسكرية، تطيحها انتفاضات شعبية. وبقي الناس في انتظار نظام سياسي مستقر، قادر على توحيد البلاد، ومنح المواطنين فرصة حقيقية لممارسة الديمقراطية. كل تجربة برلمانية في السودان كانت قصيرة الأجل، تنهار تحت وطأة الائتلافات الهشة، والانقسامات الحزبية، وضعف المؤسسات، ما يجعلنا أمام حقيقة واضحة: استنساخ نموذج وستمنستر البرلماني فشل، ما يستدعي إعادة النظر والبحث عن نمط الحكم الملائم للبلد وظروفه.

تقديري أن ما يحتاج إليه السودان هو اتباع نظام الحكم الرئاسي الذي يوفر قيادة تنفيذية قوية، ومساءلة أوضح، وقدرة أكبر على الصمود في مواجهة الأزمات. فهذا ربما يكون الطريق لديمقراطية راسخة وضمان استقرارها. فالديمقراطية ليست قالباً واحداً أو قميصاً جاهزاً يناسب كل القياسات. نظام وستمنستر الذي تجذر في بريطانيا يقوم على تقاليد راسخة وأحزاب منضبطة ومؤسسات مستقرة. السودان لا يملك هذه الشروط بعد، والإصرار على تكرار نمط وستمنستر هو بمثابة البناء على الرمال.

صحيح أن هذا النظام نُقل وطُبق في دول أخرى مثل كندا والهند وأستراليا، وصمد بدرجات متفاوتة من النجاح، لكنه أيضاً فشل في دول أخرى عديدة منها غانا وزامبيا وعراق ما قبل 1958، على سبيل المثال، بعد معاناة من التشرذم السياسي وعدم الاستقرار والانقسامات وضعف الأحزاب.

تاريخ السودان السياسي أظهر مدى عدم ملاءمة النظام البرلماني للبلاد. بعد الاستقلال عام 1956، تبنّينا نموذج وستمنستر، لكن البيئة السياسية كانت ضعيفة، والأحزاب هشة، بينما لم تتح الفرصة للنظام الديمقراطي لكي ينمو ويتجذر. بدلاً من استقرار الحكم، شهد السودان تغير الحكومات بشكل متكرر وسقوطها المتوالي. فلم يمضِ عامان على الاستقلال حتى أطاح انقلاب عسكري بالتجربة الديمقراطية الأولى.

وتكررت المأساة نفسها في الفترات اللاحقة. في 1964 ثم في 1985 أطاحت الانتفاضات الشعبية بالأنظمة العسكرية وأعادت النظام البرلماني، لكن سرعان ما أدى الصراع بين القوى الحزبية إلى انهيار التجارب الديمقراطية. وفي كل مرة، كان الانقلاب العسكري يتقدم لملء الفراغ.

أما تجربة ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 التي أطاحت نظام البشير، فلا تزال فصولها تكتب بعدما تعثرت الفترة الانتقالية القصيرة نتيجة مرض الخلافات السياسية المزمن، والمكايدات التي لا تعرف سقفاً، ما قاد البلاد إلى الحرب الطاحنة الراهنة.

التجارب تؤكد أن النظام البرلماني يحتاج إلى أحزاب قوية، قادرة على ترسيخ الممارسة الديمقراطية وتشكيل حكومات مستقرة. لكن في السودان، بقيت معظم الأحزاب تدور في فلك الولاءات الشخصية أو الانقسامات الطائفية والقبلية أكثر من البرامج السياسية، فلم تنتج التجارب المتعاقبة إلا الاضطرابات وعدم الاستقرار.

لماذا النظام الرئاسي أنسب للسودان؟

النظام الرئاسي يوفر قيادة تنفيذية واضحة ومستقرة. فالرئيس المنتخب مباشرة يضمن استمرارية الحكم حتى مع انقسام البرلمان. يعرف المواطنون بوضوح من يمسك بزمام السلطة ومن يتحمل مسؤولية القرارات. بدلاً من سقوط الحكومات الائتلافية كل بضعة أشهر، يتمتع الرئيس بفترة حكم محددة، ما يتيح للدولة تنفيذ خطط طويلة المدى.

كما أن الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية سيكون في الحالة السودانية عنصر قوة، لا عنصر ضعف. حين ينقسم البرلمان أو يعجز عن التوافق، تبقى السلطة التنفيذية قادرة على العمل. وفي بلد يواجه الحروب والأزمات الإنسانية والفقر وتحديات التنمية، فإن استمرار عمل الدولة ضرورة وجودية.

إضافة إلى ذلك، يوفر النظام الرئاسي قيادة رمزية موحدة. فالرئيس المنتخب من الشعب كله، لا من أغلبية برلمانية هشة، يحمل شرعية وطنية عابرة للجهويات. وفي بلد واسع متعدد الأعراق والثقافات مثل السودان، قد يشكل هذا التفويض الشعبي نقطة ارتكاز لهوية وطنية جامعة.

السودان ليس وحيداً في هذه المعضلة. العديد من الدول واجهت السؤال نفسه: أي نظام يناسبها؟ الدول التي اتبعت النظام الذي يناسب بيئتها هي التي وجدت الاستقرار، بينما الدول التي استنسخت تجارب جاهزة لم تكن بالضرورة مناسبة لظروفها، عانت التخبط والفوضى.

لا شك أن النظام الرئاسي قد تكون له مشاكله أيضاً، والتاريخ السوداني فيه تجارب من الحكم الفردي والديكتاتورية العسكرية، وأي نظام رئاسي بلا ضوابط قد يعيد إنتاج الاستبداد.

لكن الحل ليس في رفض النظام الرئاسي كلياً، بل في تصميمه بحذر. يُمكن فرض قيود زمنية صارمة على فترات الحكم، وأن تكون هناك سلطة قضائية مستقلة قادرة على كبح التجاوزات، وأن يحتفظ البرلمان بسلطات رقابية، بما فيها إجراءات عزل الرئيس في الحالات القصوى.

السودان يستحق ديمقراطية تناسب واقعه وظروفه، ونظام حكم مستقراً يحميه من الفشل المستمر، والانقلابات المتكررة. النظام الرئاسي ليس معصوماً من الأخطاء بالتأكيد، لكنه فرصة حقيقية لكسر دائرة الفشل والانقلابات، إذا توفرت له الضمانات الكافية، وأدوات الرقابة والمحاسبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يحتاج السودان إلى نظام رئاسي لماذا يحتاج السودان إلى نظام رئاسي



GMT 12:05 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

ما هذا يا دكتور أشرف؟!

GMT 17:51 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 17:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 17:45 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 17:43 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 17:41 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 17:37 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 17:33 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 20:01 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين يكشف تفاصيل مكالمة مثمرة بين ترامب وبوتين
المغرب اليوم - الكرملين يكشف تفاصيل مكالمة مثمرة بين ترامب وبوتين

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 14:51 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

شادية

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 20:26 2016 السبت ,15 تشرين الأول / أكتوبر

هل التقدم في السن يمنع تعلم أشياء جديدة؟

GMT 21:44 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

العطور وتفاعلها مع الزمن

GMT 12:02 2018 الخميس ,24 أيار / مايو

"سواروفسكي" تطرح مجوهرات خاصة بشهر رمضان

GMT 06:08 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

ألماس فريدة من نوعها للمرأة الاستثنائية من "ليفيف"

GMT 16:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الكشف عن تفاصيل تعاقد بنشرقي مع الهلال السعودي

GMT 02:18 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

نادين نسيب نجيم تُعلن حقيقة المشاركة في مسلسل "الهيبة"

GMT 02:37 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

الحواصلي يؤكد استعداد حسنية أغادير للبقاء في المقدمة

GMT 03:28 2017 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

أمل كلوني تدعو الدول إلى ضرورة محاكمة "داعش"

GMT 09:03 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فكري سعيد بتأهل خنيفرة إلى ربع نهاية كاس العرش
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib