السودان مفاوضات أو لا مفاوضات
قتيلتان فلسطينيتان برصاص الجيش الإسرائيلي وقصف مدفعي وجوي على غزة هزة أرضية بقوة 3.9 درجات تضرب مدينة اللاذقية على الساحل السوري دون تسجيل أضرار محكمة الاستئناف في تونس تؤيد سجن النائبة عبير موسي رئيسة الحزب الحر الدستوري عامين وفاة تاتيانا شلوسبرغ حفيدة الرئيس الأميركي جون إف كينيدي عن عمر 35 عامًا بعد معاناة مع سرطان الدم إرتفاع عدد الشهداء الصحفيين الفلسطينيين إلى 275 منذ بدء العدوان على قطاع غزة إسبانيا تمنح شركة إيرباص إستثناءً لاستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية رغم حظر السلاح بسبب حرب غزة الجيش الصومالي يقضي على أوكار حركة الشباب في شبيلي السفلى ويستعيد مواقع إستراتيجية إحتجاجات حاشدة في الصومال رفضاً لاعتراف إسرائيل بصومالي لاند وتصعيد دبلوماسي في مجلس الأمن البرلمان الإيطالي يقر موازنة 2026 ويمنح الضوء الأخضر النهائي لخطة خفض العجز هزة أرضية بلغت قوتها 4.2 درجة على مقياس ريختر تقع عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية
أخر الأخبار

السودان... مفاوضات أو لا مفاوضات!

المغرب اليوم -

السودان مفاوضات أو لا مفاوضات

عثمان ميرغني
بقلم - عثمان ميرغني

بعد القصص المروعة عن الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها «قوات الدعم السريع»، قبل إخراجها من ولاية الجزيرة، يعيش السودانيون هذه الأيام صدمة الانتهاكات التي حدثت في الخرطوم قبل تحريرها، وجرى توثيقها في مقاطع فيديو متداولة على نطاق واسع هذه الأيام.

بقايا جثث محترقة داخل حاويات ضخمة. أسرى ماتوا عطشاً بعد حجزهم في غرفة إحدى المدارس وإغلاقهم داخلها. آخرون عثر على جثثهم مقيدة داخل حمام منزل حُبِسوا داخله وتُركوا على ذلك الحال لزمن غير معروف. قبور داخل البيوت، وفي بعض الشوارع، لأن مجندي «الدعم السريع» منعوا الناس من الخروج لدفنها في المقابر.

أسرى حررهم الجيش من المنازل والمعسكرات التي حُوّلت إلى معتقلات عشوائية تحدثوا عن التعذيب والتنكيل والحرمان من الطعام؛ فمات بعضهم، ولم يُسمَح لأحد بدفنهم. ظهر الناجون في حال يُرثى لها، وبعضهم ليسوا أكثر من هياكل عظمية، فتعذر إسعافهم وإنقاذهم، وماتوا بعد أيام قليلة من إنهاء أَسْرهم.

مع الصدمة من هذه الممارسات وقصص الانتهاكات التي تتردد من دارفور إلى الجزيرة والخرطوم ومناطق أخرى، أصبحت هناك هوة شاسعة بين «قوات الدعم السريع» وغالبية الشعب السوداني. هوة يصعب ردمها. والنتيجة هي أن هناك واقعاً جديداً تشكل في المشهد السوداني باتت معه غالبية مقدَّرة من الناس تقف في ناحية لا ترى في «الدعم السريع» سوى ممارساته التي تستهدف المواطن في دياره وممتلكاته وأعراضه. وبالتالي لا ترى إمكانية للتعايش معه.

الانتهاكات الواسعة كانت أيضاً سبباً في انضمام عدد كبير من الرجال والشباب لصفوف المقاومة الشعبية والمستنفرين الذين يقاتلون إلى جانب الجيش؛ ما أسهم أيضاً في تغيير المعادلات في المعركة التي يراها كثيرون دفاعية لحماية الممتلكات والأعراض، ووجودية لحماية السودان من مؤامرة داخلية وخارجية كبيرة.

ضمن هذا المشهد فإن الجيش السوداني، بعدما كان أكثر انفتاحاً على مسألة المفاوضات لنحو 18 شهراً من الحرب، أصبح موقفه اليوم متشدداً ورافضاً لها؛ ففي كل الخطابات التي سمعها الناس، منذ نهاية العام الماضي وحتى اليوم من الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه الفريق شمس الدين كباشي، ومساعده الفريق ياسر العطا، ومعهم قيادات أخرى في الجيش ومجلس السيادة، كان الموقف هو أن لا مفاوضات ولا هدنة، وأن «قوات الدعم السريع» إذا أرادت الحل فإن عليها تسليم سلاحها والتوجُّه إلى معسكرات محددة. التقدم الميداني الكبير والمتسارع الذي حققه الجيش وحلفاؤه منذ انتقالهم من الدفاع إلى الهجوم في سبتمبر (أيلول) الماضي، كان سبباً في هذا التحول، مثلما كانت انتهاكات «الدعم السريع» ضد المواطنين، والتدمير الواسع والممنهج الذي أحدثته في الممتلكات والمؤسسات والبنى التحتية عاملاً آخر في تغير المزاج العام وتبني خطاب متشدد إزاء «قوات الدعم السريع».

هناك بالطبع من يحاولون، لحساباتهم الخاصة، إنقاذ ما يمكن إنقاذه لـ«الدعم السريع» وتبرير هزائمها الأخيرة؛ بالحديث تارة عن أن هذه القوات انسحبت تكتيكياً من الخرطوم، وتارة عن وجود مفاوضات سرية بينها وبين الجيش للتوصُّل إلى صفقة تنهي الحرب. هؤلاء لا يقدمون حججاً منطقية تدعم أقوالهم، ولا يفصحون بأي تفصيل عن رؤيتهم لمستقبل ودور «قوات الدعم السريع»؛ فهل بعد كل ما ارتكبته هذه القوات يمكن إعطاؤها دوراً في أي مشهد قادم؟ وهل يمكن استيعابها في الجيش الوطني «المهني» الواحد الذي يُفترض أن يكون من بين أهداف وخطط مرحلة ما بعد الحرب؟ وهل أن منحها أي دور مستقبلي سيعني نهاية الحروب في السودان، أم أنه سيشجع آخرين على تكرار تجربتها بكل مآسيها؟

الخطابان الأخيران للبرهان وحميدتي، مطلع هذا الأسبوع، كانا بمثابة التأكيد على عدم وجود مفاوضات، ومؤشراً على أن الفترة المقبلة ستشهد تصعيداً في وتيرة العمليات العسكرية وانتقال المعارك من الخرطوم إلى دارفور وكردفان، آخر معاقل انتشار «قوات الدعم السريع» وحلفائها.

هناك الكثير من المؤشرات أيضاً على أن أطرافاً عديدة في الداخل وصلت إلى قناعة بأنه لم يعد وارداً الآن العودة إلى أي مفاوضات تعطي «الدعم السريع» دوراً عسكرياً أو سياسياً في المشهد السوداني بالمرحلة المقبلة. وأي مفاوضات إن حدثت في هذه الظروف، فإنها ستكون على شروط تسليم العتاد، وتسريح هذه القوات. وحتى في صيغة كهذه، فقد أوضح الفريق البرهان في خطاباته الأخيرة أنه لا يمكن إسقاط الحق العام في المحاسبة عن الدمار والقتل والاغتصاب وكافة الجرائم البشعة التي ارتُكبت في حق المواطن والبلد ومنشآته الحيوية. هذا الموقف لا يعبر عن رأي قيادات الجيش فحسب، بل عن المزاج السائد وسط قطاعات كبيرة من الشعب السوداني الذي عانى معاناة غير مسبوقة في هذه الحرب، وسيخرج منها بكثير من الدروس، والعِبر، والوعي لأهمية عدم تكرار الحلول المجتزأة التي تراعي حسابات السياسة، وتعيد إنتاج الأزمات والحروب مستقبلاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان مفاوضات أو لا مفاوضات السودان مفاوضات أو لا مفاوضات



GMT 00:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

الخطاب وإرادة الإصلاح (3)

GMT 00:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 00:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 00:29 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 00:26 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 00:23 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مسلة فرعونية مقابل ساعة ميكانيكية!

GMT 00:20 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت باردو.. «وخلق الله المرأة»!

GMT 00:17 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صُباع الزمّار في لندن

النجمات يتألقن بلمسة الفرو في الشتاء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:07 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026
المغرب اليوم - رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026

GMT 08:10 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026
المغرب اليوم - نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026

GMT 23:07 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو
المغرب اليوم - زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو

GMT 13:13 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

الثوم يعزز المناعة ويخفف أعراض الزكام
المغرب اليوم - الثوم يعزز المناعة ويخفف أعراض الزكام

GMT 18:54 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مغربية تجوب قلب أفريقيا بالدراجة الهوائية في أخطر مغامرة
المغرب اليوم - مغربية تجوب قلب أفريقيا بالدراجة الهوائية في أخطر مغامرة

GMT 14:12 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

تظاهرات الطلاب في إيران تمتد إلى 10 جامعات على الأقل
المغرب اليوم - تظاهرات الطلاب في إيران تمتد إلى 10 جامعات على الأقل

GMT 19:02 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:57 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

احتفال رسمي بمناسبة عودة أول رائد فضاء إماراتي

GMT 03:00 2019 الأحد ,03 شباط / فبراير

جهاز مبتكر يُجفّف فرو الكلاب في 10 دقائق فقط

GMT 19:24 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل "عودة الروح" يعود من جديد يوميًّا على "ماسبيرو زمان"

GMT 09:03 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود لموسم دراما رمضان 2025 عقب غياب ثلاث سنوات

GMT 06:36 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

الحلقة المفقودة في مواجهة «كورونا» ومتحوراته

GMT 13:15 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مؤلف كتاب "الحفار المصري الصغير" يكشف موعدا هاما

GMT 04:25 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فيروس "كورونا" يُحبط أوَّل لقاء بين سواريز ضد برشلونة

GMT 17:11 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib