لبنان أمام استحقاقات العام المقبل

لبنان أمام استحقاقات العام المقبل

المغرب اليوم -

لبنان أمام استحقاقات العام المقبل

الدكتور ناصيف حتّي
بقلم: الدكتور ناصيف حتّي*

كيف يبدو المشهد اللبناني عشية عام 2022 الذي هو عام الاستحقاقات في لبنان: انتخابات نيابية وانتخابات رئاسية؟ لكن "الاستحقاق" الاساسي يكمن في العمل على وقف الانهيار المتسارع:
حروب سياسية في الداخل من خلال تبادل الاتهامات بمسؤولية ما آلت اليه الاوضاع وشلل السلطة التنفيذية. وخير ما يعبّر عن هذا الشلل غياب أو تغييب دور مجلس الوزراء عن تحمّل مسؤولياته في لحظة البلد فيها بأمسّ الحاجة الى هذا الدور المطلوب، وانعقاد المجلس أسير للحرب السياسية الدائرة. ويؤسس هذا الوضع - "الفيتو" لمنع انعقاد المجلس وربط انعقاده بتحقيق شروط معيّنة، لسابقة خطيرة في العمل الحكومي مستقبلاً قد يلجأ اليها أي طرف يمتلك القوة في لحظة للقيام بذلك.
وللتذكير، فان المطلوب من المجلس ان ينعقد ليتخذ القرارات الضرورية لوقف الانهيار، الامر الذي يضفي صدقية اكثر من مطلوبة على وجود قرار عند اهل السلطة لوقف الانهيار كشرط ضروري، ولكن بالطبع غير كافٍ لاطلاق عجلة الاصلاح المطلوب. اصلاح تزداد كلفته مع مرور كل يوم على التأخير. كما ان كل تأخير ايا تكن الاسباب التي تُقدم لتبريره يضرب صدقية السلطة في لبنان امام الاطراف الخارجية من دول ومنظمات دولية داعمة للبنان: شلل سياسي في الداخل وانتظار حلول تأتي من الخارج تسهل الحلول الداخلية. فالانظار والرهانات او التمنيات المتضاربة والمتناقضة تركز على ما يجري في فيينا (المفاوضات النووية) وما سينتج عنها، توافق ام هدنة ام تفاهم، الى جانب بالطبع "الرسائل" المتبادلة من خلال الاتصالات او اللقاءات على الصعيد الاقليمي، ليبني كل طرف موقفه على ذلك .
فلبنان يبقى بإرادة الطبقة السياسية الحاكمة أسيراً "للعبة الامم" الدائرة في المنطقة، او كما يسميه البعض "حجراً" مهماً، بسبب تركيبته السياسية والمجتمعية، في "لعبة الشطرنج" في الشرق الاوسط. الامين العام للامم المتحدة كان صريحا في كلامه خلال زيارته للبنان الاسبوع الماضي عندما حمَّل اللبنانيين المسؤولية بشكلٍ جزئي، محمّلاً المسؤولية ايضا لجهات خارجية. فلبنان محاصر من الداخل والخارج مما يزيد تعقيدات الوضع وصعوبة التوصل الى الحلول المطلوبة. كل ذلك يحصل في ظل موشرات تدل على ازدياد الفقر المدقع في لبنان وازدياد هجرة الشباب والكفاءات منه. وللتذكير، فان "مجموعة الدعم الدولية للبنان" دعت في اجتماعها قبل عامين في باريس الى ضرورة الاسراع في اجراء اصلاحات اقتصادية حكومية (سياسية). وهذه دعوات تكررها كافة الاطراف الداعمة للبنان. ولكن السلطة السياسية، اذا ما وضعنا جانبا العناوين والشعارات الفضفاضة للاصلاح وتبادل الاتهامات في هذا المجال، ما زالت بعيدة كل البعد عن هذا الامر، وغارقة في لعبة "تقاسم الجبنة" في نظام المحاصصات الطائفية وفي اعتماد سياسات المراهم فيما البلد بحاجة الى "جراحات" اصلاحية شاملة، الامر الذي يدركه كل شخص موضوعي يعرف لبنان سواء كان لبنانيا أم غير لبناني.
وعلى صعيد الانتخابات المقبلة، وفي اطار الشلل الحكومي الحاصل والمفتوح على احتمالات عدة بشأن حصول او عدم حصول انتخابات نيابية، والاستمرار بسلطة تنفيذية مشلولة، او حصول انتخابات وعدم تشكيل حكومة جديدة والاستحقاق الرئاسي، وبروز اجتهادات حول عدم جواز حصول شغور رئاسي، خصوصا مع حكومة مستقيلة الى جانب بالطبع دعوات الى اعادة تفسير اتفاق الطائف او تطويره، كلها امور تشير الى احتدام المعركة بالنسبة للبعض. معركة تعبّر عن اكثر من ازمة حكم، اذ يعتبر هؤلاء انها تعكس بالفعل ازمة نظام بحاجة الى تغيير او تطوير. وما لا يقال علناً يجري الهمس به بازدياد. كل السيناريوات مطروحة من ازمة نظام يجري حلها عبر "طائف معدّل" كما يلمّح البعض، او عبر تحديثه كما يلمّح البعض الآخر، او عبر تفاهم من الخارج. وكانت هذه هي الحال دائماً مع ازمات لبنان تنعكس في"تشجيع تسوية" داخلية كما حصل في اتفاق الدوحة عام 2008. لكن وجب التذكير بان الاوضاع الداخلية هذه المرة مقارنة بالماضي لم تعد تسمح "بترف" الانتظار وقد وصلنا الى الانهيار .
اخيرا، هل من امل بالتوصل الى "هدنة" بين الاطراف اللبنانية لانقاذ المركب اللبناني من الغرق كما حذرنا مرارا، ولو ان كل المؤشرات لا تشجع على ذلك؟ بعد هدنة من هذا النوع يعاودون التقاتل على من يقود المركب، ام ننتظر تفاهمات "الخارج" ليتم انقاذ المركب، ونبقى دائما عرضة لان تتقاذفنا الامواج في "بحرنا الاقليمي"؟
العام المقبل سيأتينا بالجواب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان أمام استحقاقات العام المقبل لبنان أمام استحقاقات العام المقبل



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:27 2021 الأحد ,10 تشرين الأول / أكتوبر

معرض الرياض للكتاب يختتم أعماله اليوم

GMT 06:18 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

"سامسونغ" تطلق أقراص تخزين خارجية بأسعار منافسة

GMT 03:37 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

المدير التنفيذي لإنتر ميلان يعلق على صفقة حكيمي

GMT 21:20 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

محاولة اغتيال فنان عراقي شهير على يد مجهولين

GMT 18:44 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن يكشف تفاصيل سقوط شرطي من مدرجات ملعب محمد الخامس

GMT 03:13 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

بريانكا شوبرا تطل بتصاميم "كاجوال" في شوارع "نيويورك"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib