المعلّم الأنثروبولوجي يحيى
تعطل طائرة وزير الخارجية الألماني يجبره على تعديل رحلته إلى قمة الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية وزارة الصحة اللبنانية تعلن إرتفاع حصيلة الإصابات في استهداف مسيّرة إسرائيلية سيارة بصاروخين بمدينة بنت جبيل في جنوب البلاد إلى 7 أشخاص مقتل 5 أشخاص وإصابة 130 جراء إعصار ضرب ولاية بارانا جنوب البرازيل ترمب يعلن مقاطعة الولايات المتحدة لقمة العشرين في جنوب أفريقيا زلزال بقوة 5.6 درجة على مقياس ريختر يضرب خليج كاليفورنيا إضطرابات في حركة الطيران الأميركي بسبب الإغلاق الحكومي ونقص المراقبين الجويين الاونروا واحد من كل خمسة اطفال في غزة فاتهم التطعيمات الاساسية بعد عامين من الحرب خليل الحية يصف طوفان الأقصى برد على طمس القضية الفلسطينية ويدعو لتكثيف الجهود نحو تحرير فلسطين الاتحاد الأوروبي يوقف منح الروس تأشيرات دخول متعددة للضغط على موسكو انفجارًا يقع داخل أحد المساجد في العاصمة جاكرتا خلال صلاة الجمعة مما أسفر عن إصابة 54 شخصًا على الأقل
أخر الأخبار

المعلّم الأنثروبولوجي يحيى

المغرب اليوم -

المعلّم الأنثروبولوجي يحيى

سوسن الأبطح
بقلم : سوسن الأبطح

لم يكتب يحيى حقي أكثر من قصتين في السنة. مجمل أعماله القصصية الكاملة التي جمعتها دار «نهضة مصر»، بمناسبة الاحتفاء به، كشخصية لمعرض الكتاب، انطوت على 53 قصة ورواية، كتبها على مدار 87 عاماً من عمره المديد. البعض لم يقرأ ليحيى حقي غير «قنديل أم هاشم» التي لم تتجاوز 150 صفحة، ووقف عندها. غير أن يحيى حقي لم ينسَ ولن ينسى. لم يكن بحاجة إلى 500 صفحة ثرثرة في كل مؤلَّف ليثبت حضوره الموسوعي. فضّل أن يكون على الأرض، محفّزاً على حب الموسيقى، وتنمية دور الرقص وأرشفته وكتابته، سعى للرفق بالحيوان، حضّ على الرأفة بالخدم، بادر إلى اقتراح مواضيع دراسات علمية يحتاجها المجتمع، احتضن الأدباء الشباب. حوّل مجلة «المجلة» التي رأس تحريرها إلى منبر للأصوات الجديدة، ومكان للتعريف بالفن التشكيلي. ما الذي لم يفعله يحيى حقي؟ كان بمقدوره أن يصبّ جهده المحموم الذي وزعه سخياً على بسطاء الناس، ثم ضخه في مقالاته التي طالت العمارة، والأوبرا، والسينما، والخرافة، والعلم، فيما يظن أنه أبقى للأديب وخلوده.
يقول عن حكاية «القنديل» إنها «خرجت من قلبي مباشرة كالرصاصة، وربما لهذا السبب استقرت في قلوب القراء بالطريقة نفسها». لذلك يشعر محبو حقي أنه يخاطبهم واحداً واحداً، وكأنه يتمنى لو يزور كلاً منهم في بيته، ويوصل إليه أفكاره، بأبسط أسلوب، وأسلس عبارة، ضارباً عرض الحائط بالبلاغة والتنميق والتزويق. فالرجل كما زملائه الكبار في «حركة المجددين» في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، حفروا بأقلامهم هوية مصر بعد ثورة 1919. كل منهم على طريقته. المجد أتاهم جميعهم من أدوارهم الفذة كمعلمين، وقادة فكر، وبوصلة للشعب. ولا غرابة أن يلحق بهم المصريون والعرب. القارئ يبحث عن الفائدة، والنموذج القدوة، هذا الدور الذي يعتبره البعض اليوم، موضة خلت، من دون أن يسألوا أنفسهم لماذا يشيح القراء بوجوههم عن الرواية العربية، لصالح أليف شافاك، وأورهان باموك، وإيزابيل الليندي، وآخرين.
«كنا نكتب شخصية مصر، كل بعيون اختصاصه، يوم لم يكن يرى فينا الإنجليز سوى ولاية عثمانية تدفع الضرائب»، يقول توفيق الحكيم. فيما يفخر حقي بالسنتين اللتين قضاهما في دمنهور، أول حياته، لأنه هناك تعرف على الفلاحين والحصاد، واشتم رائحة التربة وكتب من وحيها «دماء وطين»، متمنياً لو كان سينمائياً ليصور فيلماً عن النخلة وتشكيلاتها وتلاوينها، ودور السعف في بناء أسقف المنازل. «كان شعوراً بالتحدي، أمام الغرب الذي سبقنا، وكأنه يقول لنا، مهما عملت لن تفعل مثلي». لهذا تعمق لديه الحسّ الأنثروبولوجي، يريد أن يؤرشف لكل ظاهرة، ويجمع عنها المعلومات، ويدرس تطورها. شغلته العصا، التي كانت ترافقه أينما ذهب، وكيف كانت سلاحاً للفراعنة، ومن ثم صارت تتحول وظائفها الاجتماعية، ودلالات استخدامها، إلى أن وصلت إليه.
الوعي العميق بالمسؤولية حرّك طه حسين ليأسف على كتاب واحد فقط لم يتممه هو «الفتنة الكبرى»: «كنت أود أن أكمله بجزء آخر عن تطور الأحزاب الإسلامية بعد ازدهار الترجمة في العصر العباسي؛ حيث قامت ثورات مثل ثورة القرامطة، وثورة الزنج، تطالب بالعدالة والمساواة بين الفقراء والأغنياء، تحت تأثير الأفكار الجديدة». لم يحزن طه حسين على عدم إتمام رائعته «الأيام»، لم يكن في الأصل راغباً في الإغراق بكتابة سيرته الذاتية، بل أن يستفيد مما تبقى له من همّة، لينير للأجيال، ولو ببعض مما يعرف، بتسجيل تاريخ أهمل رغم أهميته المفصلية.
الاحتفاء بيحيى حقي يفتح نافذة على حزمة ضوء تأتينا من بعيد، على جيل رأى في الكلمة وسيلة لخدمة أهله، لوصلهم بأجدادهم، ومساعدتهم على استكشاف الآتي. يحيى حقي المتزوج من فنانة فرنسية، المنفتح على الثقافات، الذي كان يكره الحديث عن أصله التركي، لأنه عربي حتى النخاع، الدبلوماسي المدلل، يفضل ركوب الباص والمترو على السيارة ليبقى ملتصقاً بناسه، يزور مسجد عمر بن الفارض سلطان العاشقين، ليشعر بالخشوع والرهبة بمعيتهم، وأكثر ما يهمه هي تلك العلاقة الوطيدة «بين الأثر والشعب». يصغي حتى الثمالة، يتأمل كي يتمكن من الوصف والنقل الأمين، يعرف أن أولويته هي راحة القارئ، وما الصرف والنحو سوى وسيلة لغايته الكبرى. كلهم من دون استثناء كان هاجسهم التربية، ويحيى حقي، كان له دور في تأسيس مسرح العرائس، ورأي في التنشئة، وفي الاعتماد على الحوار، وبشكل خاص إطلاق «مَلَكات التعبير»، وتحرير الناس من قيود الخوف والتردد.
لم يعتبر يحيى حقي نفسه أديباً، كتب 20 سنة بدون نشر. «تلك كانت هواية. فالاحتراف هو أن ينقطع الإنسان إلى التأليف عن كل وظيفة أخرى». يشعر بالامتنان لمن نشروا له، ومن أتاحوا له إخراج هوايته تلك إلى النور. لكن يحيى حقي بالوظيفة التي أسندت إليه كمدير لمصلحة الفنون عام 1955 وبعد عودته من عمله الدبلوماسي، ثم مستشاراً لدار الكتب، كان رأسه يغلي بالأفكار، وحياته ورشة عمل لا تهدأ. فهو صاحب مشروع معهد السينما العالي، ومع الأوبريت الذي كتبه «يا ليل يا عين» تشكلت نواة فرقة محمد رضا. وكان يسعى لإطلاق مجلة تتخصص بترجمة النصوص الأدبية الطازجة من كل العالم، الحلم الذي لم يتحقق.
هؤلاء كانوا مراجل النهضة التي أجهضت، لكنها لم تمت. مجرد قراءة سيرهم، والعودة إلى مؤلفاتهم، تشعرك أن الجذوة لم تنطفئ وأنهم أحياء يجولون بيننا، يمنحوننا الرغبة في يقظة لاهبة. من قال إن تكريم المستحقين، الصادقين، حين يكون مخلصاً، لا يحصد ثمراً نضيجاً؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعلّم الأنثروبولوجي يحيى المعلّم الأنثروبولوجي يحيى



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib