لا اقتصاد من دون الفصحى
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

لا اقتصاد من دون الفصحى

المغرب اليوم -

لا اقتصاد من دون الفصحى

سوسن الأبطح
سوسن الأبطح

الاحتفاليات باليوم العالمي للغة العربية في وادٍ، والواقع في وادٍ آخر. الدساتير العربية تشدد على الهوية، والحياة العامة، تتفرنج كل يوم أكثر. وقبل أن يصبح الحرف العربي فرحة مصممي الموضة، وبهجة الفساتين، ولفحات الرقبة، وأقمشة الكنبات، كان تلامذتنا يتعلمون الكتابة بخطوط مقروءة وواضحة، وصارت كتاباتهم كخرابيش الدجاج.

قد لا تكون ثمة علاقة بين تنامي الاحتفاليات والتعبير عن الحب للغة، والانحدار الكبير في مستوى الخريجين. لكن الملاحظة نفسها تبعث على الأسى. الشكوى لا تقتصر على بلد واحد. ففي جامعة الكويت يعاني الأساتذة من تدني مستوى طلابهم الآتين من الثانويات، في الإملاء والتعبير اللغوي، وبعضهم لا يجيدون كتابة أسمائهم. وأضيف من تجربتي اللبنانية، أن كل فوج طلابي يصل بمستوى أدنى من الذي سبقه. وبما أن الجامعة ليست مكاناً، لتعليم الإنشاء والخط، وإنما البحث والتفكير والتحليل، فإن الخروج من النفق يصبح عسيراً. إحدى طالباتي في قسم اللغة العربية، سالت عن جدوى تدريس مواد الحضارات والآداب، ولماذا لا تُستبدل بها دروس التعبير والإملاء، ما دامت الحاجة فعليّة وماسّة؟ وهذا واقع سوريالي، من غير الممكن تخيله. في المسابقات تقرأ جملاً من نوع: «أعلن الإسلام بهدم الفوارق العصبية بين الأمة الإسلامية ليعمّ الأمان» أو «كانوا العباسيين» أو «المعتزلة هي مجموعة من العلوم والروابط التي تعمّ معظم الدول العباسية ومنهم الدول شمال العراق». وفي تعريف الفكر الانتقادي، يأتي جواب كالتالي: «إنه ترجمة حرفية لمصطلح غربي، ستترجمه انتصارات مبهرة، وإخفاقات خطرة، بموازات الملابسة التاريخية التي آثارها الزعيم، وترددت أصدائها في العالم العربي». وكما ترى فإن الكارثة، لغوية، وفكرية، وفي ضعف الخلفية، وركاكة التعبير، لا بل العجز الكامل.
الأخطاء تحدث، لكن ما عرضته عليك من الشيوع، في جامعات عربية كثيرة، بحيث تسأل نفسك إن كان بمقدورك أن تفعل شيئاً مفيداً، لإصلاح ما أفسده الدهر.

المشكلة مركّبة، نفسية أولاً، تبدأ من الإحساس الجماعي، من دونية العربية وعدم جدواها (وهذا هو الأخطر الأكبر)، ولا تنتهي بغياب الخطط الوطنية، والاستراتيجيات العربية المشتركة، ولا يتبقى، والحال هذه، غير الجهود الفردية المتواضعة، وكلٌّ يسعى بما أوتي من قوة، مع أن هذا وحده لن يُطعم خبزاً.

النظر إلى اللغة على أنها مجرد حاجة عاطفية ينطوي على قصر نظر. الدراسة الممتازة التي أصدرتها «مؤسسة الفكر العربي» مؤخراً، تحت عنوان «العرب وتحديات التحول نحو المعرفة والابتكار»، تقطع بصعوبة النهوض العربي الاقتصادي، إن لم يكن استحالته، قبل «أقلمة اللغة العربية مع الثورة الصناعية الرابعة، واستخدامها في مجالات هذه الثورة، مثل إنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والبيانات الضخمة، والذكاء الصناعي والحوسبة السحابية، وواجهات التفاعل بين الإنسان والآلة، والمدن الذكية». وهناك مَن يسأل عن السبب الوجيه الذي يمنع وجود محركات بحث عربية لأمة الـ400 مليون أو متصفحات، أو حتى وسيلة تواصل ناجحة وفعّالة تجمعهم.

وبدل أن نُلقي باللوم على وسائل التواصل الأميركية التي أصابت اللغة في مقتل، يجدر أن نستغل الأدوات الجديدة، ونمنحها هويتنا، ونجعل منها نافذة لنا، في خدمة حاجاتنا وأحلامنا. فهل يُعقل أن تدفع في بعض الكتب الإلكترونية العربية، لتحصل على نسخ، تصعب قراءتها أو التعامل معها، أو أن طبيباً لا يستطيع أن يشرح لمريضه حالته، لأنه درس كل المصطلحات بلغة أخرى، أو أن أطفالنا يتربون على ألعاب تتحدث كل اللغات إلا لعتهم. فإذا كان تدريس العلوم بالإنجليزية يجلب المنفعة الشخصية للطالب لأنه يسهّل حصوله على عمل بسبب التفرنج الحاصل، فإن الخسارة الجماعية هائلة.؛ فالعلم صار محصوراً بنخب منغلقة على ذاتها لا تستطيع أن توصل معارفها لبقية المجتمع، بينما النمو المجتمعي مُحال، ما لم تكن عدالة المعرفة وبلوغ المعلومة متاحين لكل الطبقات، وبالقدر نفسه.

التكنولوجيا أصبحت جزءاً من المشهد المعرفي العربي، وهذا جيد، لكن المحزن أننا أصبحنا «كتجمعات بشرية هجينة، ملحقة بمصادر المعرفة خارج حدود بلادها». ولا يبدو أن ثمة محاولات سريعة، لتغيير الصورة، مع أن كل ما تنتجه بغير لغتك، مهما بلغت أهميته، ليس ملكاً لك بل للأمة التي ينطق نتاجك بلغتها. فالمحتوى الرقمي يقاس فقط، باللغات التي يستخدمها، لا بالجنسيات ولا الأعراق.

ولولا بعض الصحافة التي لا تزال تؤمن بالفصحى، فيما نَحَت التلفزيونات صوب العامية، لكان الاستخدام اليومي للعربية اقتصر على المحكيات، ولما رأينا أي توليد أو تجدد في المفردات. وبسبب هذا القصور، فإننا غالباً ما نبحث عن مرادف لكلمة أجنبية فلا نجده، أو موازياً لمصطلح علمي يتبين أنه غير موجود، مع أن العربية بمرونة التصريف والتراكيب من الديناميكية بحيث يمكنها، لو أراد أبناؤها، أن تجاري كل ابتكار.دول مثل ماليزيا والبرازيل والصين استطاعت أن تحقق نمواً سريعاً باعتماد لغتها الوطنية في التدريس من دون أن تهمل، في الوقت نفسه، اللغات الأجنبية، مما أتاح لنخبها أن يشاركوا مواطنيهم أفكارهم ومعلوماتهم. أما المثقف أو العالم في ديارنا، فإذا ما طُرح عليه سؤال تجده يُتأتئ ويتلعثم ويخلط اللغات بعضها ببعض، فلا يبدو هو مقتنعاً بما يقول، أو ممتلكاً وضوح الرؤية، لإقناع الآخرين. وتلك كارثة، أن يظن الإنسان العربي أن العلم هو صنو الإنجليزية، وأن العربية خُلقت للمجالس العائلية والمقاهي وتبادل النكات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا اقتصاد من دون الفصحى لا اقتصاد من دون الفصحى



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 21:32 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

تشيلسي يجدد عقد الإدريسي حتى 2028

GMT 21:14 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي

GMT 21:27 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

رفض استئناف أوساسونا بشأن لاعب برشلونة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib