أفريقيا بين الإرهاب والانقلاب
غزة تنزف مئة شهيد خلال 24 ساعة والحصيلة الكاملة تتجاوز 59 ألفاً وسط إستمرار القصف الإسرائيلي وعجز فرق الإنقاذ إحتراق ٥ جنود عسكريين داخل ناقلة جند إسرائيلية في قطاع غزّة زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب بحر أندامان دون أنباء عن أضرار في الهند بريطانيا تعلن إعداد خطة لإسقاط مساعدات إنسانية جواً إلى قطاع غزة المديرية العامة للدفاع المدني بغزة يحذر من توقف كامل لمركباتها مع اقتراب نفاذ الوقود الجيش اللبناني يعلن سقوط مسيّرة إسرائيلية مزوّدة بقنبلة يدوية في أطراف بلدة ميس الجبل جنوب البلاد إسرائيل تهدد بالسيطرة على سفينة حنظلة إذا واصلت طريقها نحو غزة وفاة زياد الرحباني عن عمر 69 عاماً ولبنان يودع رمزاً فنياً ترك بصمة خالدة في الموسيقى والمسرح السياسي حرائق غابات واسعة تضرب شمال الخليل في إسرائيل وتؤدي إلى إغلاق طرق رئيسية واستدعاء 14 فريق إطفاء و6 طائرات لمواجهتها فيضانات عنيفة تجتاح جامبيلا غرب إثيوبيا وتتسبب في أضرار واسعة لأكثر من 50 منزلاً وإجلاء السكان وسط ضعف البنية التحتية
أخر الأخبار

أفريقيا بين الإرهاب والانقلاب

المغرب اليوم -

أفريقيا بين الإرهاب والانقلاب

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

الراديو الذي كان من اختراعات أوروبا الناهضة علمياً وتقنياً، اقتحم بلدان العالم الثالث متأخراً. سمعت منه الشعوب الأمية صوت الوحي العجيب الذي يأتي من عالم عالٍ يسمعون صوته المجلجل الخالي من تشوه أمراض الحنجرة. بعد بداية مرحلة الاستقلالات في أفريقيا وآسيا، قاد أغلب الدول المستقلة، شخصيات أسهمت في معارك التحرير، سياسياً أو عسكرياً. كان الاستقلال تجسيداً لأحلام عاشتها أجيال. رحل بعضها إلى العالم الآخر. قبل أن تستمع إلى الأناشيد الوطنية، أو ترى أعلام الاستقلال وهي ترتفع فوق الساريات العالية في ربوع الدول الوليدة.
كانت تجربة الأقطار الأفريقية مع الاستعمار أقسى مرارة من تجارب شعوب آسيا وأميركا اللاتينية. غادرت الجيوش الفرنسية البلدان الأفريقية في مطلع ستينات القرن الماضي، لكن إرادتها السياسية، وأيديها الاقتصادية، ظلت تتحكم في مقادير كثير من الدول. النخب القليلة التي تولت قيادة الدول المستقلة، انتهجت أسلوباً ديكتاتورياً فردياً ونظرت إلى عامة الشعب نظرة دونية، ولم تتجه إلى مأسسة الكيانات الوليدة. لا أحزاب ولا نقابات، أما حرية الرأي فلم تكن واردة، إلا في عدد قليل من الدول المستقلة حديثاً. تأسست الجيوش التي اعتبرها القادة الجدد، أحد الرموز الوطنية مثلها مثل الأعلام والأناشيد الوطنية. صارت الجيوش هي القوة الوحيدة المنظمة، وانطلق مسلسل الانقلابات العسكرية، كسلم وحيد لاعتلاء السلطة. أكثر من 180 انقلاباً عسكرياً في ربوع القارة الأفريقية بعد بداية مرحلة الاستقلالات.
في الأسبوع المنصرم، تحرك ضباط في بوركينا فاسو، وانقلبوا على الانقلاب الذي قاموا به قبل ثمانية شهور، واعتلى النقيب إبراهيم تراوري كرسي القيادة. الطريف أن القائد الجديد برتبة نقيب، بعد القائد بول هنري داميبا الذي كان برتبة عقيد.
بلدان غرب أفريقيا الخمس التي انتظمت في تجمع عرف بالـ«إكواس»، تمثل عينة للمكونات الأفريقية من النواحي الاجتماعية والسياسية والعرقية والدينية، وكذلك خيوط ارتباطها بالقوى الأجنبية وخصوصاً فرنسا. بوركينا فاسو التي كانت تسمى فولتا العليا، خلعت اسمها القديم وارتدت اسمها الجديد الذي يعني بلد الطاهرين. انقلب النقيب الشاب توماس سانكارا، ورفع شعارات ثورية قدمته على أنه جيفارا الأفريقي، لكنه لم يحكم طويلاً، حيث انقلب عليه زميله في الانقلاب بليز كمباوري وقتله. العسكريون تقافزوا على السلطة في أفريقيا باستثناء السنغال. الكونغو كانت حالة مبكرة ودامية، إذ قام العقيد موبوتو سيسيكو بانقلاب عسكري غداة الاستقلال وقتل رئيس الحكومة باتريس لومومبا. وقاد العسكريون حرباً أهلية في نيجيريا. في دولة أوغندا ودولة أفريقيا الوسطى، كانت مهرجانات المأساة والمهزلة. المجنون الملاكم عيدي أمين يتابعه العالم ضاحكاً، والشاويش المتوحش بوكاسا الذي نصب نفسه إمبراطوراً، ووضع على رأسه تاجاً من الألماس، التهم كل ما تمتلكه البلاد. نسبت له كثير من العجائب، وصلت إلى حد اتهامه بأكل لحم الأطفال. في ساحل العاج وسيراليون وغانا والكونغو ورواندا، كانت الدماء والجثث والأطراف المبتورة، تختلط بأكياس الذهب والألماس، في مذابح يقودها، خريجو السجون، ومختلون عقلياً.
أغلب الحكام مارسوا العنف قتلاً وتعذيباً وسجناً، وغاصوا في الفساد واتسعت حلقات النهب والرشوة. استفحل الفقر والمرض والأمية، وتآكلت البنى التحتية المحدودة التي تركها المستعمر.
سادت ظواهر أربع؛ الانقلابات العسكرية، والإرهاب، والمجاعات، والهجرة إلى خارج الأوطان وخصوصاً نحو أوروبا.
المجموعات الإرهابية المتطرفة المسلحة، وجدت في غرب أفريقيا، الأرض الرخوة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، لتندفع نحوها لا تلوي على شيء. تنظيما «القاعدة» و«داعش»، تغلغلا بقوة في منطقة الـ«إكواس»، وتمكنا من السيطرة على مساحات شاسعة من الأرض في مالي وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر. الصراعات العرقية المتجذرة، قدمت البذور والحقول والسماد والماء للتطرف المسلح، كي يزرع ويحصد من دون تردد. الحكومات الهشة، لم تكن لها القدرة على مواجهة الإرهاب المسلح، ففتحت أبواب بلدانها للقوى الأجنبية لتدفع بقواتها العسكرية لمواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وكانت فرنسا المستعمر القديم المقيم، أول القادمين عسكرياً. هذه السياسة صارت، كالمستجير من الرمضاء بالنار. رد الفعل في الداخل، كان له بعدان؛ الأول ارتفاع الأصوات الشعبية وخصوصاً الدينية ضد عودة المستعمر القديم، وتحديداً فرنسا. والثاني، تحرك صغار الضباط للقيام بانقلابات عسكرية تجاوباً مع الغضب الشعبي، في محاولة لانتهاج استراتيجية لمواجهة الإرهاب. ترتب على ذلك إعلان القطيعة السياسية والعسكرية مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا، وفتح الأبواب لها عسكرياً واقتصادياً.
منطقة غرب أفريقيا ستكون جبهة مواجهة حقيقية بين كل من فرنسا وروسيا، فقد صرح أحد القادة الجدد في بوركينا فاسو، بأن «فرنسا تريد منعنا من التواصل مع روسيا والتعاون معها». وأضاف: «لقد شاهدنا الدعم العسكري الروسي الكبير للجيش في مالي، في حين نعاني نحن من البخل الفرنسي». هاجمت الجماهير البوركينية السفارة الفرنسية والمركز الثقافي الفرنسي، وتعالت الأصوات المطالبة بالتوجه نحو روسيا.
الراديو، كان الصوت المبكر الذي صدح منه الانقلابيون في أفريقيا، بالبيان الأول الذي يعلن عن الثورة، وإسقاط الحكومة واستيلاء الجيش على السلطة، والعنوان دائماً هو الثورة. اليوم صار الإرهاب والانقلاب التوأمين اللذين تحملهما الأزمات في أحشائها ليولدا قبل تسعة شهور. الأوطان تتقاذفها القوى الخارجية، والثروات ينهبها الفاسدون في الداخل، والمستفيدون في الخارج، والشعوب بين جائع وقتيل ومريض ونازح ومهاجر. البيان الأول لم يعد مسموعاً في الفجر فقط من الراديو، بل الآن يُسمع ويُرى عبر التلفزيون على إيقاع الدبابات وطلقات الرشاشات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفريقيا بين الإرهاب والانقلاب أفريقيا بين الإرهاب والانقلاب



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:41 2022 الأحد ,20 شباط / فبراير

أبرز صيحات حفلات الزفاف في عام 2022

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

راديو "إينرجي" لا ننافس أحدًا ونستهدف جمهور الشباب

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي

GMT 18:27 2024 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

هجوم إلكتروني يعطّل مواقع البرلمان الإيراني

GMT 20:20 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

حقائب ونظارات من وحي دانة الطويرش

GMT 07:52 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

"جاك ما" أغنى رجل في الصين تم رفضه في 30 وظيفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib