حين تشبع أميركا ستتوقف الحرب

حين تشبع أميركا ستتوقف الحرب

المغرب اليوم -

حين تشبع أميركا ستتوقف الحرب

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

يقول المستشار السابق لـ«البنتاغون»، دوغلاس ماكريغور، في مقابلة له أُجريت بتاريخ 28 فبراير (شباط) من هذا العام إن «الآلة العسكرية الأوكرانية قد تنهار قريباً، وزيلينسكي سيفر عاجلاً أم آجلاً إلى الولايات المتحدة الأميركية»، ويقول: «إنني على ثقة بأن زيلينسكي سينتهي به المطاف إلى الإقامة في ميامي»!! ثم أضاف ماكريغور أن «الجيش الأميركي تعوَّد أن يوفر الدعم والغطاء للحلفاء إلى حين يحقق أهدافه ثم يترك حليفه ليواجه خصمه وحده، كما فعلنا في أفغانستان والعراق وفيتنام، وأخشى أن نكرر ذلك قريباً في أوكرانيا».
من المؤكد أن الحرب لم تمتد إلى هذا اليوم إلا لسببين؛ عدم استخدام روسيا لكامل قواتها وأسلحتها، أما السبب الثاني فهو استمرار الدعم وتدفق الأسلحة الغربية لأوكرانيا.
فمنذ البداية، أطلق بوتين على دخول القوات الروسية للأراضي الأوكرانية تسمية «عملية عسكرية»، وتعمد أن يوصل من خلال هذا العنوان رسالة لـ«الناتو» بأن مَن سيدخلون هم قوات محدودة، بل إنه اعتمد بشكل كبير على قوات الانفصاليين الأوكرانيين من الأقاليم الأربعة التي احتلها فيما بعد، لا على الجيش الروسي إلا في المراكز القيادية.
بالمقابل، منذ البداية، تعهدت الدول الأوروبية وأميركا بتزويد الجيش الأوكراني بما يحتاج إليه من سلاح ودعم لوجيستي (معلومات استخباراتية، تدريب، مساعدة مدنية... إلخ).
لهذا امتدت فترة القتال لمدة عام، وها هي تمتد للعام الثاني على غير المتوقَّع، نظراً إلى الفارق الشاسع بين قدرات أوكرانيا وروسيا العسكرية لصالح القوات الروسية، ولو تُركت أوكرانيا دون دعم غربي، لكان احتلال الأقاليم الأربعة لا يختلف عن احتلال جزيرة القرم؛ فلن يستغرق الأمر أياماً أو أسابيع.
إنما السؤال: إلى متى سيستمر الدعم الغربي؟ هل ستتمكن أوروبا من التخلي عن مخزونها من السلاح ومنحه لزيلينسكي؟ إذ وصف فلوريان فيليبو، وهو زعيم الحركة الفرنسية، «باتريوت»، مواصلة بلاده تزويد أوكرانيا بالأسلحة في الوقت الذي يفتقر فيه الجيش الفرنسي إلى الأسلحة، بـ«الجنون».
وفي تغريدة قال فيليبو: «مخزوناتنا العسكرية على وشك النفاد... لكنّنا نواصل إرسال الأسلحة والذخيرة! دعونا نوقف هذا الجنون التام!».
أما في ألمانيا، فإن صحيفة «دير شبيغل» نقلت عن لامبرخت، وزيرة الدفاع في أغسطس (آب) من العام الماضي، قولها، خلال اجتماع لمجلس الوزراء: «يجب أن أعترف كوزيرة للدفاع أننا نصل إلى أقصى ما يمكن أن يقدمه الجيش الألماني».
المخزون ينفد؛ فهل ستخاطر دول أوروبا بمزيد من الخسائر ووقوع تلك الأسلحة والآلة العسكرية الأوروبية في يد الروس؟ وهل يستطيع الجيش الأوكراني الصمود لعام آخر؟ وهل يستطيع الشعب الأوكراني الصمود وخسائره ومعاناته تتزايد مع الوقت؟ وهل تستطيع أوروبا الاستمرار بدفع هذا الثمن الغالي والصمود لعام جديد؟ إن الاضطرابات تتصاعد حدتها في أهم الدول الأوروبية، والمصانع تتوقف، والمخزون الغذائي يتناقص، والتضخم يزيد، والبطالة كذلك.
بالطبع، هناك خسائر في الجيش الروسي، ولكن الشعب الروسي يمارس حياته بشكل طبيعي، والعقوبات لم تنجح في تشكيل أي ضغط على بوتين ودفعه للاعتراض والانقلاب على قيادته كما توقع الغرب، بل جاءت النتيجة عكسية، والشعوب الأوروبية هي من تضغط على قياداتها... الحسابات الأوكرانية والأوروبية كلها كانت خاطئة، وحتى الروسية، إذ لم يتوقع بوتين أن ينخرط «الناتو» بهذا القدر في الدفاع عن أوكرانيا، خصوصاً أنها ليست من دول «الناتو»، إنما الحسابات الأميركية كلها جاءت لصالحها.
فقد سعت لاستنزاف الجيش الروسي، واختبار قدراته، وسعت لمزيد من الاعتماد الأوروبي عليها، كأمن وطاقة، وقد تمكنت من تحقيق تلك الأهداف، وحين تكتفي أميركا بهذا القدر، أو بالقدر الذي تريده، فإنها ستتوقف عن إرسال مزيد من الدعم، وستترك الأوكرانيين ليواجهوا الموت وحدهم، كما فعلت مع الأفغان والعراقيين والفيتناميين سابقاً.
على صعيد آخر، ستقوم قوات المرتزقة الروسية (فاغنر) بدور كبير في الأيام المقبلة لفتح الطريق للجيش الروسي في المدن المفصلية، مثل خاريكوف، وقوام هذه المنظومة قوات مرتزقة من شتى الجنسيات ومن المساجين، مما سيخفف كثيراً من الخسائر في الجيش الروسي.
الأمور بدأت تتعقد بامتداد الوقت؛ فالعالم كله يتأثر سلباً من جراء طول هذه المدة، ودعوات وقف ومبادرات الحوار تتصاعد من كل صوب، مما دفع بالصين لعرض مبادرة سلام رفضها زيلينسكي، إنما فرنسا اقتنعت بها، وبدأت تضغط عليه للجلوس والتفاوض حولها.
فهل اكتفت الولايات المتحدة الأميركية بهذا القدر من المكاسب؟ أم أنها تطمع في المزيد؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تشبع أميركا ستتوقف الحرب حين تشبع أميركا ستتوقف الحرب



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib