حين توافقت دول الخليج مع الترمبية
أخر الأخبار

حين توافقت دول الخليج مع الترمبية

المغرب اليوم -

حين توافقت دول الخليج مع الترمبية

سوسن الشاعر
بقلم: سوسن الشاعر

تغيرات كثيرة طرأت على العلاقات الأميركية الخليجية خلال العقدين الأخيرين، تباعدت فيه وفترت، ثم عادت وتعززت تلك العلاقة، حين توافقت الرؤية «الترمبية الجديدة»، التي قرّرت وضع المصالح الأميركية، لا القيم الأميركية، معياراً للروابط والعلاقات بينهما.

حين أقرّت الإدارة الترمبية أنها غير معنية بفرض القيم والمبادئ الأميركية على الإنسانية جمعاء، كما فعلت الإدارات السابقة في العقود الأخيرة، فقرّرت إلغاء ما سمّته «البرامج غير القانونية، أو تلك التي لا تتوافق مع المصالح الوطنية الأميركية» من وزارة الخارجية الأميركية، وذلك من أجل إعادة تنظيم الوزارة ورفع كفاءتها.

قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا القرار شأن إداري أميركي داخلي معنيّ بتنظيم واحدة من المؤسسات الوطنية الأميركية، هي وزارة الخارجية، لكنه في واقع الأمر مسألة لها بالغ الأهمية، ومتعلقة بمصالح كل من هو غير أميركي، بل متعلقة بنا، الدول العربية بالأخص، وذلك أن تلك البرامج التي أُلغيت شَكلت على مدى عقد من الزمان أحد أهم أدوات القوى الناعمة التي من خلالها مارست الولايات المتحدة الأميركية دورها في التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، ومنها مملكة البحرين ومصر وتونس والمغرب... إلخ، وكان لها دور كبير في خلق ما سمّي حينها بالفوضى، وأدّى إلى ما سمي الربيع العربي.

ولنا تجربة في مملكة البحرين مع تلك البرامج عام 2003، وبعد تصويت البحرينيين على ميثاق العمل الوطني وإعادة العمل في المجالس النيابية والبلدية المنتخبة، حطّ «المعهد الوطني الأميركي لدعم الديمقراطية» رحاله في البحرين (NDI) وعمل على مدى 3 سنوات مع الجمعيات السياسية (الأحزاب) بشكل لم يراعِ فيها أي سيادة وطنية أو استقلالية، بل تحرك مدعوماً بقوة من وزارة الخارجية الأميركية في تحريض وتوجيه الأحزاب، حينها كانت وزارة الخارجية الأميركية عن طريق سفارتها تعمل على تنفيذ سياسة خارجية، تسمح بالتدخل والتغيير والدفع باتجاه إسقاط الأنظمة والتحضير لما سعت إليه كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية، بحجة نشر الديمقراطية، على أساس أنها تمثل المصلحة الأميركية، ما اضطر مملكة البحرين بعد عدة تحذيرات وجّهتها للقائمين على ذلك المعهد إلى أن تطردهم من البحرين وترحيلهم فوراً.

ذات الحكاية تكررت مع مصر، التي استاءت كثيراً من البرامج التي تدعمها وزارة الخارجية الأميركية، التي لم تراعِ الحقوق السيادية لمصر، وكانت تتصرف بأريحية في الدولة داعمةً مؤسسات المجتمع المدني خارج إطار الأنظمة والقوانين والضوابط المحلية.

هذه هي نوعية البرامج التي ستتخلى عنها الولايات المتحدة، فما الذي تغير حتى تتولى الخارجية الأميركية بيدها وبنفسها إلغاء تلك البرامج اليوم؟ الذي تغير أنه حين تولت إدارة ترمب انقلبت على تلك المفاهيم، فجعلت المصالح الاقتصادية الأميركية هي المحرك الأساسي للولايات المتحدة فقط، وبناءً عليها ترسم حدود العلاقة بينها وبين بقية الدول. أما أن تكون «القيم الأميركية» مفروضة على بقية الشعوب، خاصة أنها «قيم» غير متفق عليها، حتى بين الأميركيين أنفسهم، فتلك أمور لا تعنى السياسة الخارجية الأميركية، فأصبحت المصالح هي الحكم.

بالنسبة لنا المجتمعات العربية، من حسن حظّنا أن تتفق تلك السياسة الأميركية الجديدة (فيما يتعلق بالقيم الأميركية تحديداً، إذ أختلف معها في تقاطعات أخرى) مع مصالحنا تماماً، وتجعل العلاقة بيننا وبين الولايات المتحدة واضحة جداً، دونما حاجة لاستغلال «القيم» كورقة ضغط سياسية مغلفة بمسميات الإنسانية والحقوقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين توافقت دول الخليج مع الترمبية حين توافقت دول الخليج مع الترمبية



GMT 20:15 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

موخيكا : من يعشق المال لا مكان له في السياسة…

GMT 20:13 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

بغداد والشرع وظلُّ ترمب

GMT 20:11 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

إسرائيل تسرق ذاكرة سوريا!

GMT 20:10 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

الأمير وترمب والطيب صالح

GMT 20:09 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

تحالف الحسم يعيد رسم معادلات الإقليم

GMT 20:06 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

عادل إمام 85... و«كان» 78

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:20 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

حُرَّاس مستشفى الحسني يشكون إخلال شركة الأمن بالتزاماتها

GMT 18:40 2015 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ما هي طريقة استخدام القسط الهندي للحمل؟

GMT 03:49 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النرويج تمثل الأماكن الرائعة لقضاء الإجازات

GMT 17:03 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

"عين" أول منصة تفاعلية رقمية في سلطنة عمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib