أميركا هل تحسم أمرها

أميركا... هل تحسم أمرها؟

المغرب اليوم -

أميركا هل تحسم أمرها

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

قرار تحديد الموقف الأميركي من الحوثي ليس بوضعه أو إزالته من قائمة الإرهاب، ولا برهن هذا القرار الضعيف بتهديد السفن في البحر الأحمر فقط، بل الموقف من الحوثي عليه أن يستند إلى التفكير ملياً بعائد الاستقرار في هذه المنطقة على المصالح الأميركية فيها، أو بعائد تركها للفوضى بقيادة التهديد الإيراني والجنون الإسرائيلي، هذا هو الفرق بين القرار التكتيكي أو السياسة الاستراتيجية.

موقف الولايات المتحدة مما يجري في غزة وفي البحر الأحمر لا يستفيد منه سوى لوبيات مصانع السلاح في الولايات المتحدة، أما الخاسر فهو الناخب الأميركي، فإن بقي الموقف الأميركي للحفاظ على أمن البحر الأحمر محصوراً (بالرسائل) أي إطلاق 73 غارة بصواريخ تكلفة الواحد منها 4 ملايين دولار على أهداف يتم إبلاغ الحوثي بها مسبقاً فيتم إخلاؤها، فإن دائرة الحرب ستتسع، والفوضى ستعم، والرابح هم مصانع الصواريخ.

لا بد للولايات المتحدة أن تحسم أمرها، وفقاً لحسابات طويلة المدى، لا تكتيكات غير محسوبة، فتبدو ترسانة السلاح الأميركي العظمى في يد شرطي طاعن في السن، ضعيف البصر، لا يملك رؤيا واضحة، متردد وفاقد للثقة.

هذه هي حال الولايات المتحدة، القوة العظمى المترددة حيال هذه المنطقة، فهي لم تحدد بعد حجم مصالحها فيها، وبالتالي تحدد دورها ومسؤوليتها للحفاظ عليها، وهذا التردد هو من أهم عوامل ضعفها الذي أدى إلى تطاول الجميع عليها، بما فيها إسرائيل التي تعتمد في بقائها على دعم الولايات المتحدة، فنتنياهو لا يصغي للرئيس بايدن، وتصريحاته تنسف كل الوعود الأميركية بحلّ الدولتين أو بالبقاء في غزة أو الانسحاب منها. وعلى صعيد آخر، بلغ التمادي أن ميليشيات الحوثي لا تعبأ بتهديدات أكبر قوى عظمى، أما إيران فتمادت وتمددت شمالاً وشرقاً تضرب في أربيل، ثم تضرب في باكستان، وتحرك الحوثي من جانب آخر، هؤلاء يتحركون بهذه الأريحية لأنهم يعلمون أن تلك القوى العظمى مقيدة في الوقت الحالي بقرارات محلية صرفة، إما بالانتخابات أو بتصويت في الكونغرس على قضايا تخص الميزانية مثلاً، أو باستبيان حول شعبية الرئيس، فلم تعد هذه القوى العظمى بقادرة على الدفاع عن مصالحها خارج حدودها، لأنها مترددة تجاهها.

في خضم صراعهم مع الصين، الذي له أولوية، لم تدرك هذه الإدارة كم لمنطقة الشرق الأوسط من دور في حسم هذا الصراع إلا بعد أن فات الأوان، انسحبوا ثم تراجعوا عن الانسحاب، فتركوا مصالحهم، ولا نقول حلفاءهم، بلا غطاء، وحين أدركوا خطأهم الفادح وأثره على مجريات حياة ناخبيهم، عادوا، لكن بتردد، فضاعت بوصلة الأهداف الاستراتيجية.

لم يحدث أن تخبطت القرارات الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط كما هي الآن، والأدهى أن الفارق في السياسة الخارجية الأميركية بين الديمقراطيين والجمهوريين أصبح شاسعاً وكبيراً، وكأنك تتعامل مع دولتين، الفارق لم يعد تكتيكياً كالسابق، حين كانت الرؤيا واضحة ومتفقاً عليها، الفارق الآن اتسع حتى أصبح متناقضاً في تحديد الأهداف والمصالح.

يحتاج صانع السياسة الأميركية أن يجدد بياناته ومعلوماته؛ هل إيران هي الملف النووي فقط، أم أنها ووكلاءها من يهدد المصالح الأميركية؟ وهل السعودية هي نفط فقط، أم حليف أمني لحفظ النظام في المنطقة وتأمين الطاقة وممراتها؟ هل أهمية استقرار منطقة الشرق الأوسط الاستراتيجية كموقع كما هي أهميتها كمصدر للطاقة؟

فإن استقرت حساباته وحدّد أهدافه استراتيجياً على المدى الطويل، حينها سيحدد حجم دوره في المنطقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا هل تحسم أمرها أميركا هل تحسم أمرها



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم

GMT 02:24 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات تبين وجود حل لاكتساب الطفل للألفاظ البذيئة

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 18:46 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

اعتقال نشطاء يؤجج الاحتجاجات في مدينة جرادة

GMT 06:33 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عبد الرزاق رزق الله "ماندوزا" يرجع إلى تدريب الراسينغ

GMT 11:26 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل درهم إماراتي الأحد

GMT 00:20 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

والدة هشام مشتري تشن هجومًا على محامية حمزة

GMT 00:18 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

أسامة السعيدي يقترب من العودة إلى الدوري الهولندي

GMT 14:40 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

نقل قرعة كأس العالم على قناة "بين سبورت" الجمعة

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

نادي الرجاء البيضاوي يختبر اللاعب الموريتاني عيسى باباه

GMT 14:23 2012 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

كيرا نايتلي جميلة الجميلات بثوب لإيلي صعب

GMT 15:13 2017 الإثنين ,17 تموز / يوليو

فوتشيك تشيزني حارس مرمى ينتقل الى يوفنتوس

GMT 04:22 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

غرفة الجنايات" في الدار البيضاء ترجئ النظر في قضية قتلة مرداس"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib