معركة هوية لا دورة كروية

معركة هوية لا دورة كروية

المغرب اليوم -

معركة هوية لا دورة كروية

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

توظيف الدوري الخليجي لكرة القدم في العراق توظيفاً سياسياً عن جدارة قامت به حكومة العراق، ومعها الشعب العراقي وبالأخص الجنوبي البصراوي.
إنه «استعراض للعروبة» بطريقة مبالغة مقصودة، وكأنه تجديد ولاء للعرق العربي والقومية العربية، إنه إعلان انتماء للعروبة، هو صرخة ضد نظام الملالي، وتأكيد على فشل عشرين عاماً من محاولات طمس الهوية العربية في العراق التي مورست ضدها، هي إذاً معركة هوية أكثر منها دورة كروية.
أصر أهل البصرة الجنوبية ذوو الغالبية الشيعية أن يؤكدوا اليوم جينات العروبة التي ما زالت تغمرهم، هم عرب أياً كانت ديانتهم وأياً كان مذهبهم. أصروا عليها بدءاً من عنوانها. أصروا فيها على كلمة «العربي» رغم اعتراض إيران الذي وصل لتقديم شكوى رافضة تسمية الدورة بالخليج العربي، واستدعاء السفير العراقي في طهران، وإبداء الاحتجاج رسمياً على الإصرار على تسمية كأس الخليج العربي.
العراقيون لم يكتفوا بالتسمية، بل أصروا على عروبة التنظيم فكلّفوا شركة بحرينية بتنظيم حفل الاحتفال، ومروراً بتسخير جميع الإمكانيات الأمنية من أجل سلامة الحضور الخليجيين العرب، وإكمال الاستعدادات تحضيراً ليوم الاحتفال، وانتهاء بتزيين البصرة للافتات الترحيب التي أصرت على كلمة العربي والعروبة والخليج.
أما البصراويون فتفننوا في إبراز الأصول العربية هناك من فتح بيوتهم للزوار، وهناك من أقام الولائم للضيوف الخليجيين، ومن أقام المضافات في الطرق، وهناك من هتف ورقص بكل الأهازيج العربية التي تشعرك بأن هناك مبالغة في إظهار الهوية العربية. إنما هذا هو الرد المناسب على إيران وعملائها، وهناك تعمد -مع سبق الإصرار والترصد- الزهو بالعرق العربي والافتخار به، والتأكيد على الانتماء له، وهناك دعوة صريحة موجهة لأهل الخليج خاصة بأنكم في بلدكم.
الملاحظة اللافتة للنظر أن شباب البصرة نشأوا تحت ظل الهيمنة الإيرانية على بلدهم، ونحن تتحدث عن شباب أقل من الثلاثين عاماً كبروا وتأسسوا على التمجيد الإيراني.
صحيح حاول خدم إيران-الفرع العراقي أن يثنوا أهل البصرة بكل وشتى الطرق، حاولوا أن يهددوهم ويبتزوهم ويرهبوهم؛ لمنعهم من استقبال الجمهور الخليجي، إنما باءت تلك المحاولات بالفشل الذريع، إنها أكبر صدمة بالنسبة لإيران!
ولو أن الأمر يجب ألا يكون صادماً، وأمامهم تجربة الأحواز التي فاق عمر احتلالها احتلال العراق، ومع ذلك عروبة الأحواز صامدة وهويتها العربية باقية، لم تنجح إيران في طمسها رغم محاولات قمعها بضراوة.
المشروع الإيراني في دول بعينها مصيره الفشل، ولو أن هذا المشروع يعمل عليه النظام بضراوة، ومنه إحلال إيرانيين في المناطق السكنية؛ تغييراً للديموغرافية، وتدخل في المناهج التعليمية، وإعطاء امتيازات للإيرانيين، وتعطيل أي وسيلة تواصل أو علاقة مع بقية الدول العربية، وإفساد الحكومات وجعلها رهينة للمال الإيراني، كلها وسائل كي تسرع بفرسنة المكان وجعل السكان رهينة للهوية الإيرانية.
هكذا يفعل النظام الإيراني في سوريا ولبنان وإيران نفسها، وبالتأكيد في الجنوب العراقي، لذلك كان من المستغرب جداً بالنسبة للإيرانيين أن جميع تلك المحاولات ذات التكلفة العالية فشلت، وها هو جيل تربى على يدها أصر على هويته العربية، بل بتحدٍّ كبير برز في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، وبرز على أرض الواقع بالمشاهد التي رأينا فيها احتفاء أهل البصرة بالجمهور الخليجي الذي حضر لتشجيع منتخباته الوطنية.
هل وصلت الرسالة العراقية لهذا النظام الدموي، الذي ظن أنه يستطيع اختراق الدول العربية بمشروعه، وأنه بسيطرته على حفنة من الخونة يستطيع أن يغير هوية هذه الشعوب أو يطمسها؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة هوية لا دورة كروية معركة هوية لا دورة كروية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib