العدالة ثم ماذا

العدالة... ثم ماذا؟

المغرب اليوم -

العدالة ثم ماذا

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامرَ اعتقال بحق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، والقيادي في «حماس» محمد الضيف، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، فهل هذا يحقق العدالة، وييسر حل الأزمة؟

ربما يبهج قرار الجنائية الدولية البعض، وإلى حين، لكن الأكيد أنه سيزيد الأمور تعقيداً في غزة ولبنان، ويدفع نتنياهو للتصعيد أكثر، وكما فعل بعد عملية السابع من أكتوبر (تشرين لأول) التي حولته من رجل مطلوب للعدالة في إسرائيل، إلى «زعيم وطني».

اليوم ارتفعت شعبية نتنياهو بإسرائيل، وبات هناك التفاف أكثر حوله، بتصويره الرجل الذي يقف وحيداً في وجه «كل أعداء إسرائيل»، ومعروف أن نتنياهو لا يضيع فرصة تمنحه البقاء سياسياً، وتصوره زعيماً، ولو بالدم والدمار. ورغم كل ذلك، قرار الجنائية بلا قوة تنفيذية، وبلا بعد عدلي حقيقي، وسيثير مزيداً من اللغط، بدلاً من أن يساهم بحل الأزمات في غزة ولبنان، حيث ساوى بين إسرائيل و«حماس»، وبدا كأنه قرار سياسي يبحث عن الاعتدال بالمواقف.

هو قرار محرج للجميع. محرج لمن يطالب بمحاكمة قادة إسرائيل انتصاراً لـ«حماس». ومحرج للغرب الذي بارك «العدالة» حين أصدرت الجنائية الدولية أمر اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنقسم الآن بسبب أمر اعتقال نتنياهو!

وسبق لهذه المحكمة أن أمرت باعتقال الرئيس السوداني السابق عمر البشير، الذي سافر بعدها لجنوب أفريقيا، دون أن يعتقل، وفشلت باعتقال معمر القذافي، وأخيراً لم تنجح أيضاً باعتقال الرئيس بوتين الذي سافر إلى منغوليا، الدولة العضو في المحكمة. ولا أحد يعرف كيف ستقبض على قيادي «حماس» محمد الضيف، الذي أعلنت إسرائيل سابقا مقتله، مما حدا بنتنياهو للتهكم على قرار المحكمة بالقول إنها وجهت أمر اعتقال لجثة!

ولا أحد يعلم لماذا فقط محمد الضيف؟ ماذا عن باقي قادة «حماس»؟ هل المحكمة متأكدة أن الضيف على قيد الحياة؟ أو أن ذلك غير مهم، ومن ثمّ فالسؤال هنا: ماذا عن يحيى السنوار؟

الأكيد هنا هو أن لا أحد يعترض على تحقيق العدالة، وإيقاع أقصى العقوبات بحق الإسرائيليين أو قادة «حماس»، لأن ما تم بغزة جريمة بحق الإنسانية بكل معنى الكلمة، وكما قال الأمير تركي الفيصل في مقال له هنا بعنوان: «الحرب في غزة... الفشل الكبير»: «ولنجاح مسعى السلام الجديد أرى منع كل القيادات الحالية في (حماس)، وفي السلطة الفلسطينية، وفي إسرائيل من أن يتبوأوا منصباً سياسياً إلى الأبد». وبدوري أضيف لهم قيادات «حزب الله».

وعليه، كيف يمكن تحقيق العدالة؟ وهل قرار الجنائية الدولية سيساهم في وقف الحروب، أو تصعيدها، وتحديداً من قبل نتنياهو؟ كيف يمكن تحقيق العدالة والولايات المتحدة والصين وروسيا لا تعترف بالجنائية الدولية، وتمتلك حق الفيتو بمجلس الأمن؟

ولذا؛ فإن قرار الجنائية الدولية بعثر كل الأوراق، ورفع سقف التوقعات، وأحرج كل الأطراف، سواء أكانوا مؤيدي «حماس»، أم الإسرائيليين، وكذلك الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، ومن هنا يبقى السؤال: العدالة... ثم ماذا؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العدالة ثم ماذا العدالة ثم ماذا



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib