السعودية وحل النزاعات

السعودية وحل النزاعات

المغرب اليوم -

السعودية وحل النزاعات

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

 

انشغل العالم، الأسبوع الماضي، بما يحدث في جدة، في المملكة العربية السعودية، من لقاء أميركي أوكراني، لحل الخلاف البينيّ، والذي انفجر، قبل أسابيع، في البيت الأبيض أمام شاشات العالم، بين الطرفين الحليفين لفترة طويلة؛ الولايات المتحدة وأوكرانيا، وعلى الرغم من وجود جهات دولية متعددة لحل النزاعات الدولية، اتفقت الأطراف على أن تكون المملكة العربية السعودية هي الحاضنة لهذا اللقاء التاريخي؛ كونها مكاناً موثوقاً ومحايداً.

الصورة الكبرى أن النزاع في أوكرانيا ليس نزاعاً بسيطاً، أو يمكن احتواؤه بسهولة، هو نزاع دولي شقَّ العالم، بين روسيا وحلفائها، وبين المعسكر الغربي، وفي أكثر من مرحلة كاد يصبح نزاعاً دولياً ساخناً، كما استهلك من الموارد الأوروبية والأميركية والروسية الكثير، ومن المدن المدمَّرة، والبشر أيضاً، وهم الضحايا الذين يسقطون يومياً في السنوات الأخيرة، ويُقدِّر بعض المصادر أن هناك ثلاثة آلاف قتيل كل أسبوع.

النزاع الدولي ينشأ من عدد من المصادر المتنوعة، بما فيها الخلاف على الحدود في الدول المتجاورة، أو صراعات قومية بينية، أو تسابق آيديولوجي، أو التنافس الاقتصادي، أو من مظالم تاريخية يشعر بها أحد الأطراف ضد الطرف الآخر، ويمكن لمثل هذه الصراعات أن تطول، وتستهلك حتى أجيالاً من البشر، كما في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

المملكة العربية السعودية لها دور تاريخي في حل النزاعات، ربما نذكر ما يُعرف باتفاق الطائف 1989 بين اللبنانيين، وكان لبنان ممزقاً بين مكوناته المتناحرة، ونجحت المملكة، في ذلك الوقت، في رأب الصدع اللبناني، حتى أصبح اتفاق الطائف جزءاً من تاريخ لبنان السياسي المعاصر، كما نعلم، تخلى بعض اللبنانيين عن كثير من عناصر الاتفاق، ولو طُبق لما عانى لبنان ما عاناه بعد ذلك.

إلا أن مساعي السعودية بحل الأزمة بين قوى دولية كبيرة شيء آخر، فهنا لا بد من مواصفات محددة، فأساس المهمة هو تهيئة بيئة للتفاوض، حيث يشعر المختلفون بأنهم يتصلون ببعضهم مباشرة معبّرين عن مصالحهم ومخاوفهم دون قيود، حيث إن هذه المساعي تُيسر الحوار، وتُهيئ الظرف الموضوعي له واقتراح الحلول. ولنجاح هذا لا بد من صفات خاصة، وقدرات نوعية، منها ثقة الأطراف المتنازعة في الحيادية والإنصاف والثقة التي تتحلى بها السعودية، إذ تشعر الأطراف أيضاً بالرضا أن مصالحهم الأساسية سوف تمثل.

فعملية حل النزاعات عملية معقدة ولها وجوه عدة، تحتاج إلى دبلوماسية نشطة، ومعلومات موثقة، استراتيجية قوامها المعرفة والصبر، وتفهم ديناميكيات العلاقات العالمية المعقدة وتوازن القوى، تستطيع أن تُمهد للحوار، وتُقرب الفوارق وتنسج الحلول السلمية والخيارات المقبولة.

وهنا يأتي دور الأمير محمد بن سلمان، حيث يملك قدرات اتصالية وإرادة من جهة، وخلفه تراكم دبلوماسي سعودي طويل في التاريخ المعاصر، مستمد من المواقف الأخلاقية التي عُرف بها النظام السعودي تاريخياً.

طريق حل النزاعات الدولية قد يكون شائكاً، وقد يتراجع أو يتغير مساره، لذا يبقى التركيز على القضايا الكبرى، ومصالح جميع الأطراف، كما يتوجب على من يقوم بهذا أن يكون محل ثقة كاملة من الأطراف المتنازعة، وهي ثقة من الواضح أن الأطراف الروسية والأميركية والأوكرانية تركن لها.

ومن المحتمل، إنْ سارت الأمور إلى توافق، أن تكون المملكة العربية السعودية هي المكان الذي تلتقي فيه قيادة الأطراف الثلاثة؛ روسيا الاتحادية، وأوكرانيا، والولايات المتحدة، وربما بمشاركة أوروبية، لوضع حد لأطول نزاع مسلَّح في أوروبا، منذ الحرب العالمية الثانية، وإطلاق مرحلة سلام.

حل النزاعات كان يقوم به الدول الكبرى، كما حدث من قبل الولايات المتحدة في كل من آيرلندا الشمالية والبوسنة، أو كما حدث في كامب ديفيد 1978، لأول مرة ينتقل ثقل حل نزاع دولي ضخم إلى الشرق الأوسط، وإلى المملكة العربية السعودية، ذلك له معنى عميق بأن الدولة السعودية تسعى إلى السلام والوفاق، وأنها أيضاً مكان ثقة للقوى الكبرى، فهو عصر جديد في الدبلوماسية النشيطة.

آخر الكلام: الحياد السعودي في الأزمة، والذي قبِلته الأطراف، ظهر في دعم إنساني لأوكرانيا، واستقبال رئيسها أكثر من مرة، مع الحفاظ على علاقات صحية مع بقية الأطراف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية وحل النزاعات السعودية وحل النزاعات



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib