الحوثي ووهم القوة

الحوثي ووهم القوة!

المغرب اليوم -

الحوثي ووهم القوة

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

تسير جماعة الحوثي في اليمن ضد التاريخ، التاريخ صاعد، والحوثي يتوهم أنه يستطيع أن يوقف تقدمه. في 9 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نُشر للكاتب في هذه الجريدة، مقال بعنوان (عين العالم على الحوثي)، ومما جاء في المقال أن «استيلاء الحوثي على جزء من اليمن، وتنتشر أكثر الأمية والأمراض، ويسود القمع ويضطرب الأمن الإقليمي بل والدولي. هذه القراءة العمياء لما يحدث، ومع الاضطراب الكبير الحاصل في سوريا، ما زال الحوثي يتحدث عن الانتصار، والأكثر سوءاً أنه يصدق نفسه، أما الأعظم سواداً فإن هناك من يصدق تلك الشعارات الجوفاء. من المؤكد أن أمن مضيق باب المندب وبحر العرب مهم للتجارة الدولية، لذلك فإن القوى الدولية لن تتردد في مهاجمة الجماعة الحوثية وفي العمق، ولن يتحقق للحوثي كما كان يعتقد قبل أشهر أنه لاعب إقليمي يعتد به، فالعين الآن على اليمن، وتصفية هذا الملف من أجل السلم في المنطقة».

لم يكن هناك رجماً بالغيب في كتابة النص السابق، بل قراءة متقدمة لما يمكن أن يحصل في حال استمرار الحوثي في اليمن الاستقواء على بقية المكونات اليمنية، والتنمر على الأمن البحري والإقليمي والعالمي، وهذا ما تم قبل أيام محاولة الحد منه، والمحتمل أن يستمر حتى تقليص قدرات الحوثي الهجومية إلى الصفر، وجعله عاجزاً عن الحركة في البحر والجو.

ذاك بعض ما استقر عليه التحليل العقلاني للأوضاع في اليمن المنكوب، إلا أنه لفترة طويلة نظر المجتمع الدولي لما يحدث في اليمن على أنه صراع محلي، يمكن التحكم فيه، والظاهرة المكررة أنه في وقت يُدخل الحوثي في قائمة الإرهاب الدولي، وأخرى يُخرج منها، مما دل وقتها على أن العالم ليس مكترثاً بتدهور الوضع الأمني والحياتي في هذه المنطقة الحيوية.

ما يقوم به الحوثي من تحشيد فقراء صنعاء للخروج في مظاهرات بين وقت وآخر، بعضهم خوفاً، والآخرون بالقوة، لا يعني أن هناك تأييداً شعبياً لمواقفه، ولن يفيد الحوثي في شيء بعد الآن، إلا أن يظل تائهاً في شعاراته، لقد أزف الوقت أن يفيق سياسياً أو يخسر نهائياً، والإفاقة تتطلب إحياء الاتفاقات البينية بين المكونات اليمنية، وأولها العودة إلى مخرجات الحوار اليمني، والتي شارك فيها كل المكونات اليمنية قبل عقد من اليوم، وتم فيها معالجة بعض خلافات تلك المكونات البينية، وأنتجت صيغة توافقية لإدارة الحكومة والسياسة الخارجية، وهي ربما الحل الأمثل لعودة اليمن إلى المجتمع الدولي، وحتى محيطه العربي، بأقل التكاليف الإنسانية.

المشروع الذي راهن عليه الحوثي، كما راهنت قوى أخرى داخل الجسم العربي في لبنان والعراق، قد فشل، والتغيرات التي تمت حتى الآن تؤكد ذلك الفشل، إلا أن صاحب المشروع ما زال يتجاهل ذلك الفشل ويشجع على التضحية بالدم العربي، فلبنان أصبحت في مكان آخر، وسوريا خرجت من الشرنقة، والضغط الداخلي في العراق على بعض الجماعات التابعة للمشروع يزداد.

الضربة الأميركية، الأسبوع الماضي، على عدد من المدن اليمنية في الشمال موجعة، مهما قال المتحدث العسكري الحوثي من كلمات رنانة، لا تسمعها إلا الأذن الحوثية، وهي لها ما بعدها، في إفاقة دولية جديدة لأهمية هذه المنطقة للأمن الدولي، وأهمية إخراج أهل اليمن من دائرة العنف والفقر والتشرذم.

فحتى الحليف، بسرعة تنصل من أعمال الحوثي، وقال متحدثهم الرسمي إن قرارات الحوثي نابعة من قياداته، وليست تنفيذاً لأوامر خارجية، تلك المواقف كانت متوقعة، فالحوثي سوف يترك لمصيره في نهاية المطاف.

لقد تم تخريب كل ما حققه اليمن من تقدم نسبي منذ ستينات القرن الماضي، والحوثي يريد أن يعيد (الإمامة) التي أسقطت اليمن لسنوات طويلة في الجهل والتخلف، ولكن ربما فاته قراءة مسيرة التاريخ، أن أحداث الماضي لا تتكرر أو يمكن إعادتها.

الحقائق التي يدركها كثيرون أن مساحة اليمن تفوق إجمالي مساحة فلسطين وإسرائيل ولبنان وسوريا مجتمعة، وعدد سكانها يقارب، وربما يفوق، مجموع سكان تلك الدول، وتطل على ساحل يفوق إجمالي سواحل تلك الدول، وهو أيضاً مكان تهديد الجوار ومنابع الطاقة العالمية، وقد ألحق الأذى بالتجارة الدولية إلى حد تدهور دخل معظم مواني البحر الأحمر بما فيها دخل قناة السويس.

إلا أن الأخطر أن تفاقم الجهل والفقر، قد يحول شريحة من اليمن إلى الإرهاب.

لذلك، فإن الهدف الاستراتيجي من مواجهة الحوثي، يجب أن يكون ليس تقليص قدراته الهجومية فقط، بل تمكين الحكومة الشرعية لليمن من أن تدير هذا البلد بسلام وأمن داخلي وخارجي.

آخر الكلام: (وهم القوة) ابتُليت به كل تجمعات ما دون الدولة في الشرق الأوسط، وقاد ذلك إلى خراب الأوطان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحوثي ووهم القوة الحوثي ووهم القوة



GMT 17:11 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة أوهام إيران والإخوان

GMT 17:10 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

يوم وطني في حرثا

GMT 17:08 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

مفكرة القرية: القرد وعايدة

GMT 17:07 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

تعفّن الدماغ... وحبوب الديجيتال

GMT 17:06 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات تغيير في الشرق الأوسط

GMT 17:03 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

أي كأس سيشرب منها كل من خامنئي وترمب؟

GMT 17:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

«كايسيد»... آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي

GMT 17:00 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

المستفيدون من خفض سعر الفائدة

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 21:54 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
المغرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة

GMT 19:44 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”
المغرب اليوم - فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”

GMT 23:53 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب الأهلي المصري وليد سليمان يعلن إصابته بكورونا

GMT 06:34 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

النجم علي الديك يكشف عن "ديو" جديد مع ليال عبود

GMT 02:20 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

الدكالي يكشف إستراتيجية مكافحة الأدوية المزيفة

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مي حريري تكشف تفاصيل نجاتها من واقعة احتراق شعرها

GMT 04:04 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الفيلم السعودي 300 كم ينافس في مهرجان طنجة الدولي

GMT 06:00 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار جديدة لاستخدام القوارير الزجاجية في ديكور منزلك

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 14:00 2023 السبت ,25 آذار/ مارس

عائشة بن أحمد بإطلالات مميزة وأنيقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib